ج١ص١٦٣
وما وقع في بعض شروح الجزرية من أنّ الشدّة تمنع النفس من الجري غير صحيح، فظهر أنّ بين المجهور والشديد عموما من وجه إذ ليس كل شديد مجهوراً ولا كل مجهور شديداً وقيل : بينهما عموم مطلق فكلى شديد مجهور، فالشدة تؤكد الجهر ولا عكس، ومادّة الاجتماع على الأوّل حروف أجد قط بكت إلاً الكاف والتاء، ومادتا الإفتراق أحداهما الكاف والتاء، والأخرى جميع المجهورة إلا مادّة الاجتماع المذكورة فظهر لك مما قررناه أنّ ما محره المصنف رحمه الله هنا غير موافق لما عليه الجمهور. وقوله :) عشرة ( بناء على أن الألف ليس حرفا برأسه، وأجدت من الإجادة والطبق معروف، والأقط بفتح الهمزة وكسر القاف ثم طاء مهملة طعام يتخذ من اللبن، والحمس بزنة حمر مهمل الحروف جمع أحمس، وهو المشدد في دينه ولذا قيل لقريش الحمس، ومنه الحماسة ويعدى بعلى أي هم أشداء على نصره. قوله :( ومن المطبقة التي هي الصاد إلخ ) حروف الأطباق الأربعة المذكورة هي بعضى من المستعلية الآتية، وسميت بها لإطباق بعض اللسان عند خروجها على ما يحاذيه من الحنك الأعلى.
ولذا قال الجعبريّ : الإطباق تلاقي طائفتي اللسان والحنك الأعلى عند لفظها وكون المطبق طائفة من اللسان لا ينافي تسمية الحرف مطبقا مجازا بأن يكون الأصل مطبق عنده أي عند خروجه فاخحصر وقيل مطبق كما قيل للمشترك فيه مشترك، وجوّز بعض شراح الجزرية في بائه الكسر على التجوّز فيه كالتجوّز في المستعلي، والإطباق لغة بمعنى الإلصاق، ويقابله المنفتحة بصيغة اسم الفاعل لا غير من الانفتاج وهو الافتراق سميت بها لانفتاج ما بين اللسان، والحنك عند خروجها والنطق بها، وهو في الأصل مجاز لأن الحروف نفسها لا تنفتح، د ة نما ينفتح عندها اللسان عن الحنك. قوله :( ومن القلقلة وهي إلخ ) فيه مضاف مقدر أي حروف
الشهاب / ج ا / م ٩٧
القلقلة أو سماها بالمصدر توسعا، ومثله سهل ويقال لها حروف القلقلة، واللقلقة وكلاهما بمعنى الحركة، وإليه أشار المصنف بقوله تضطرب لأنه افتعال من الضرب معناه ما ذكر قال في المصباح : يقال رميته، فما اضطرب أي ما تحرّك، ومنه اضطراب الأمور بمعنى اختلافها لما يلزمها من ذلك، وإنما سميت بها لأنّ صوتها لا يكاد يتبين به سكونها ما لم يخرج إلى شبه المتحرّك لثدة أمرها، وإنما حصل لها ذلك لكونها شديدة مجهورة، فالجهر يمنع النفس أن يجري معها والشدة تمنع الصوت من جريه معها فاحتاح بيانها إلى تكلف، وحصل ما حصل من الضغط للمتكلم عند النطق بها ساكنة حتى تخرج إلى شبه تحريكها لقصد بيانها، ومنهم من عللها بأنها حين سكونها تتقلقل عند خروجها حتى يسمع لها صوت ونبرة، وفيه تجوز لأنه أراد بتقلقلها مثابهتها للمتقلقل لا تحرّكها حقيقة، وإلا لزم اجتماع السكون، والتحرّك في حالة واحدة، ومن علل بأنها إذا وقف عليها تقلقل اللسان بها عند خروجها فقد سها لأنّ الباء منها، وهي شفوية لا يتحرّك اللسان بها، وقد حرف تحقيق وطبج ماض من الطبج، وهو الضرب على شيء مجوف، وله معان أخر وفي قوله نصفها الأقل تسامح، والمراد أقل من نصفها لأنها لا نصف لها صحيح ولم يزد لقلتها وثقلها. وقوله :( ومن اللينتين إلخ ) أنثه لأن أسماء الحروف مؤنثة سماعية وأراد الياء والواو ولم يذكر الألف لما مرّ، وهذا بناء على أنه ليس المراد باللينة الألف، وما يشملها وخصت الياء لأنها أخف وأكثر من أختها، وحروف اللين هذان والألف واللين أعم من المدّ لأنه لا يطلق عليها في المشهور إلا إذا سكنت، وجانسها ما قبلها من الحركة، وسميت بذلك لأنها تخرج بلين، وعدم كلفة على اللسان. قوله :( ومن المستعلية الخ ) سميت هذه الحروف مستعلية لاستعلاء اللسان عند النطق بها إلى الحنك الأعلى لأن حقيقة الاستعلاء لغة طلب العلو، وهو الارتفاع وقد يطلق على الارتفاع نفسه، فلذا سمي مقابلها منخفضاً ومستفلاً بالفاء والحنك بحاء مهملة مفتوحة ونون وكاف إن كان حقيقته سقف أعلى الفم، كما في الأساس أو باطن أعلى الفم من داخل فالأعلى صفة كاشفة مؤكدة، وان أطلق على اللحيين فهي مقيدة وتوصيف الحروف بأنها مستعلية قالوا : إنه مجاز في النسبة أو في الطرف لأنّ المستعلي حقيقة اللسان، والظاهر أنّ وقوعه صفة للصوت كما في عبارة المصنف حقيقة، وان كان بتبعية اللسان وقد يقال : إنه مجاز، وفي بعض الحواشي أنّ ما ذكره المصنف رحمه الله أحسن من تعريفها بما يرتفع به اللسان


الصفحة التالية
Icon