ج١ص١٦٦
لما ذكرناه اه.
( أقول ( ما في المفصل هو بعينه كلام ابن جني في سر الصناعة، وبعيد من مثل هؤلاء الفحول الغفلة كما أورده ابن الحاجب والذي دعاه لما ذكر ما فهمه من اختصاص الذلاقة بطرف اللسان، وقد عرفت أنه لا يختص به، فلا يرد عليه ما ذكر، ولو سلم بناء على أن أئمة اللغة كالأزهريّ والجوهريّ ذكروا ما يقتضيه، فيجاب عما ذكره على فرض تسليمه بأنه غلب فيه طرف اللسان على طرف الشفة مع أنّ في قولهم الاعتماد على طرف اللسان إشارة إلى أنّ المراد أنه آلة للنطق عليها الاعتماد فيه، وهو لا ينافي مشاركة غيره فيه، وقد قال : إنّ الحروف تنسب تارة إلى مخارجها وأخرى إلى ما يجاورها، والأوّل كحرف حلقيّ والثاني كهوائيّ، وقريب منه ما قيل : إنه أراد بالاعتماد على ذلق اللسان الاعتماد عليه حقيقة أو حكما، فإنّ الشفويّ، والمعتمد عليه متقاربان ولتقاربهما سميا ذولقية، ومر أمر منه، والنفل من الغنيمة معروف ومن يعطاه منفل وكثر الحلقية والذولقية معروفة بالاستقراء وصريح أئمة اللغة، ولذا قالوا إنه لا يخلو من الذولقية كلمة رباعية أو خماسية إلا أن تكون معرّبة أو دخيلة او شاذة أو فيها ما يقرب منها فيسد مسدها كالعسجد بمعنى الذهب والدهدقة بدالين منهملتين مفتوحتين وهاء وقاف بمعنى الكسر كما قاله الجاربردي، والزهزقة بزاءين معجمتين بمعنى شدة الضحك، والعسطوس بفتح العين والسين المهملتين اسم لشجر، ولكثرتها ذكر ثلثاها ومن مقابلها أقل من نصفها ( بقي هنا بحث ) وهو أنّ ما قرّرناه متفق عليه في كتب العربية والقراءات إلا أنه يخالفه ما في الكشاف في سورة التكوير من قوله : إنّ الظاء المعجمة من طرف اللسان وأصول الثنايا العليا وهي أحد الأحرف الذولقية أخت الذال والثاء اهـ فجعله الظاء ثمة بل وأختيها ذولقية ينافي ما تقرّر هنا، وقول أهل العربية والأداء أن مخرج هذه الثلاثة من طرف اللسان وأصول الثنايا العليا ويقال : لها الثوية نسبة للثة وهي اللحم النابت حول الأسنان لمجاورتها إياها لا أنها مخرج كما قيل يقتفخيه أيضا، فإذا كانت من طرف اللسان كما يشهد به الحس، فكيف لا تكون ذولقية كما قاله العلامة في سورة التكوير، وما وجه تركهم لذكرها، وقول المدقق في الكشف كون الظاء ذولقية مخالف لما في المفصل وغيره، وأمّا الاشتقاق من ذلق اللسان وذولقه أي حده فلا يخالف ما في الكشاف أيضا إلخ يشير لما ذكرناه أيضا فتدبر. قوله :( ذكر ثلثيها إلخ ) هو جواب لما، وهو من كل منهما أربعة كما لا يخفى. وقوله :( ولما كانت أبنية المزيد إلخ ( قال في التسهيل : بعدما قسم الكلم المتمكنة إلى مجرّد، ومزيد فيه ولا يتجاوز المجرد خمسة أحرف إن كان اسما، ولا أربعة إن كان فعلاً ولا ينقصان عن ثلاثة والمزيد فيه إن كان اسما لم يتجاوز سبعة إلا بهاء التأنيث، أو زيادتي التثنية، أو التصحيح أو النسب، وان كان فعلاَ لم يتجاوز ستة إلا بحرف التنفيس، أو تاء التأنيث، أو نون التوكيد اهـ وفي شرحه لأبي حيان أنه باعتبار المشهور الأكثر إذ قد ورد من الاسم المزيد ما هو ثماني نحو كذبذبان بتشديد الذال الأولى، ووزنه فعلعلان مع ألفاظ أخر ذكرها فقوله : لا تتجاوز عن السباعية هنا باعتبار الأغلب
أيضاً وتعديته للتجاوز بعن، وليس بمعنى المغفرة قد علمته قريباً وإن منهم من قال إنه لم يرد عن العرب فتذكره. قوله :( اليوم تنساه ) وبعضهم جمعها في قوله سألتمونيها وبعضهم في قوله أمان وتسهيل، وهو ألطف وما أحسن قول القيراطي في قصيدته النبوية التي عارض بها بانت سعاد : وفارغ ما له شغل سوى عذلي والناس بالناس في الدنيا مشاغيل
فأين تصريف ألفاظ زوائدها فيها أمان لذي خوف وتسهيل
وقوله على ذلك الإشارة إلى عدم تجاوزها ما ذكر المفهوم مما قبله، فإن قيل كون المذكور سبعة مبيّ على عد الهمزة والاً لف واحدا وكونها عثرة مبنيّ على خلافه، فلا يناسبه قيل : إنها في نفس الأمر عثرة فلذا بني أوّل كلامه عليه، ولما لم يذكر الألف والهمزة معا في أسماء السور ناسب عدّهما واحداً لأنه أمر اعتباريّ بني عليه آخر الكلام إشارة إلى الوجهين كما قيل. قوله :( ولو استقريت ) الاستقراء استفعال من القراءة يقال استقرأت بالهمزة، وقد تبدل ياء فيقال استقريت كما وقع في النسخ هنا، ومعناه تتبع


الصفحة التالية
Icon