ج١ص١٧١
جبير واستحسنه الزجاج. وقوله :( وعنه إلخ ) قيل إن هذا لم يعرف
عن ابن عباس، ولا عن غيره من السلف. وقوله :( أي القرآن إلخ ) يعني أنه رمز باقتطاع هذه الحروف من هذه الكلمات إلى ما ذكر، ولا يخفى بعده. قوله :( أو إلى مدد أقوام وآجال ) وفي نسخة إلى مدد آجال أقوام وهذا معطوف على قوله إلى كلمات المتعلق بالإشارة وأقوام جمع قوم اسم جمع، وله حكم المفرد في اطراد جمعه، وآجال بالمد جمع أجل وهو العمر أو نهايته والحساب بمعنى العد معروف والجمل بضم الجيم وفتح الميم المشددة يليها لام حساب حروف المعجم وهو كبير وصغير كما هو معروف عند أهله وجوّز بعض تخفيف ميمه، وقال أبو منصور الجواليقي : هو عربيّ صحيح، وما روي عن أبي العالية أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم. وقوله :( بما روي أنه عليه الصلاة والسلام ) هذا الحديث أخرجه البخاريّ في تاريخه وابن جرير من طريق ابن إسحاق عن الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عباس عن جابر بن عبد اللّه بن وثاب وسنده ضعيف، وجابر المذكور صحابيّ آخر غير جابر المشهور كما في الاستيعاب. وفي الإصابة أنه أنصاريّ وروايته قليلة جدا وقصته هي أنه مرّ أبو ياسر بن أخطب برسول
اللّه ﷺ، وهو يتلو سورة البقرة الم ذلك الكتاب ثم أتى أخوه حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف فسألوه صلّى الله عليه وسلم عن ألم وقالوا : ننشدك الله الذي لا إله إلا هو الحق أنها أتتك من السصاء، فقال عليه الصلاة والسلام :" نعم كذلك أنزلت " فقال حييّ : إن كنت صادقا إني لأعلم أجل هذه الأمة من السنين ثم قال : كيف ندخل في دين رجل دلت هذه الحروف بحساب الجمل على منتهى أجل مدته إحدى وسبعون سنة، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال حييّ : فهل غير هذا فقال :" نعم المص " فقال حييّ هذا أكثر من الأوّل هذا مائة واحدى وستون سنة فهل غير هذا قال :" نعم الر ". تال حييّ : هذا أكثر من الأول والثاني، فنحن نشهدك إن كنت صادقا ما ملك أمّتك إلا مائتان واحدى وثلاثون سنة، فهل غير هذا قال :" نعم المر " قال : فنحن نشهدك أنا من الذين لا يؤمنون، ولا ندري بأفي أقوالك نأخذ فقال أبو ياسر : أما أنا فأشهد أنّ أنبياءنا أخبرونا عن ملك هذه الأمة، ولم ئتئنوا أنها كم تكون، فإن كان محمد صادقاً فيما يقول : فإني لأراه يستجمع له ذلك كله فقام اليهود وقالوا : اشتبه علينا أمرك فلا ندري أبالقليل نأخذ أم بالكثير ( ١ ) اهـ وهذا تفصيل ما ذكره المصنف رحمه الله. وقوله :( فحسبوه ) بزنة ضربوه ماض من الحساب. قوله :( دليل على ذلك إلخ ) ذلك إشارة إلى
المدد والآجال المارّة وهذا جواب عن سؤال تقدير. كيف يكون قول اليهود حجة فأجيب بأنّ الدليل هو عدم إنكاره وتقريره لهم على ما ذكروه، وتبسمه ﷺ ليس للإنكار بل إشارة إلى غلطهم في تعيينهم للمعدود المذكور، وهذا لا يقتضي إنكار أصله وفيه نظر. قوله :( وهذه الدلالة وإن لم تكن عربية إلخ ) جواب عما يقال من أنّ هذه الدلالة إن سلم صحتها، فهي غير عربية لانتفاء الوضع العربي فيها والقرآن نزل بلسان عربيّ مبين، فأجاب بأنّ هذه الدلالة لاشتهارها ألحقت بالمعرّبات التي عدت بعد التعريب عربية، فكذا ما ألحق بها، وتلحق مسند للدلالة إسناداً مجازياً. وقوله :( كالمشكاة إلخ ) تمثيل للمعرّب وهي الكوّة، وسجيل كسكيت معرّب سنك، وكل أي حجر وطين، والقسطاس بالضم والكسر الميزان وسيأتي بيانها، وظاهره أنها موضوعة في غير لغة العرب، وقد قيل إنه معروف في اللغات القديمة كالعبرانية وهو كثير في التوراة كما في رسالة فضائح اليهود للغزالي، وفي كتاب الملل والنحل أنّ طائفة من الفيثاغورسية ذهبوا إلى أنّ المبادىء هي التأليفات الهندسية على مناسبات عددية حتى سارت طائفة منهم إلى أنّ المباديء هي الحروف المجرّدة عن المادّة، وأوقعوا الألف في مقابلة الواحد والباء في مقابلة الاثنين، ولست أدري لم قدروها ولا على أفي لسان ولغة هي اهـ ولو قيل : إنها مجازية روعي فيها ترتيب أبجد في مراتب الآحاد وما بعدها فهي من دلالة الحالّ على محله ثم على صفته من الأوّلية ونحوها لم يبعد، ولم نر من وجه هذه الدلالة بما يشفي الصدور. قوله :( أو دالة ( عطف على قوله مزيدة وهذا قول الأخفش رحمه الله وعبارته أقسم الله تعالى بالحروف المعجمة لشرفها وفضلها، لأنها مباني كتبه المنزلة على الألسنة المختلفة، ومباني أسمائه الحسنى وصفاته العليا، وأصول كلام الأمم بها يتعارفون وبذكرون الله ويوحدونه. قوله :( وما " خطابه


الصفحة التالية
Icon