ج١ص١٧٣
الكلام صريحا وان أمكن استنباطه بضرب من التأويل ليس بوارد، وزاد على هذا أيضا أنه لم يعهد في الكلام زيادة أكثر من اسم، وأمّا ما قيل من أنّ قائل هذا الوجه لا يقول إنها مزيدة بل يقول إنها تفيد بطريق الرمز والإيماء إلى معنى التحدي كما صرّحوا به ولذا فرقت على السور لهذه الفائدة ولإعادة التنبيه على التحدي والمعنى هذا المتحدى به مؤلف من جنس هذه الحروف فليس بشيء لأنه ليس فيما نقله المصنف رحمه الله تعالى عن قطرب شيء مما ذكر بل لا يصح، لأنه يكون قولاً آخر فتدبر. قوله :) والدلالة على الانقطاع إلخ ( الدلالة هنا إمّا مجرور بالعطف على ما قبله أو مرفوع بالابتداء يعني أنّ الدلالة على الانقطاع لم تعهد بها وأمثالها وأمّا الاستئناف فحاصل بكل ما وقع في الابتداء، ولا يلزم أن لا يكون له معنى في حيزه وموقعه غير الدلالة على الانقطاع فلم حكم بأنها مزيدة صرفة وليست مما عهد زيادته للاستفتاح نحو ألا، وأما وان رجحه الطيبي. وقوله :) من حيث أنها فواتح السور ( بكسر همزة إن، لأنّ حيث لا تطرد إضافتها لغير الجمل وجوّز بعضهم فتحها وخطىء فيه على ما فصله في المغني وشروحه، وقيل عليه : بل يلزمها ذلك من حيث إنها كلمات غير مفهومة المعنى، فيجوز أن لا تدخل في شيء من السورتين المفصولتين بها، فيجوز كون دلالتها على ما ذكر باعتبار عدم الإفهام من غير أن تكون فاتحة السورة أو جزأها، وأجيب بأن احتمال كونها خارجة منها غير متجه لكتابة التسمية قبلها فتعين كونها فاتحة، وبقي الكلام في أنّ دلالتها على ما ذكر من حيث أنها غير مفهمة أو من حيث أنها فاتحة بالمعنى الأوّل لوجود الدلالة على ما ذكر فيما يفهم أيضاً، نعم هو في غير المفهم أظهر إذ لا فائدة فيه غيرها فتدبر. قوله :( ولا يقتضي ذلك إلخ ) قيل المطلوب هنا صحة أن لا يكون لها معنى فيستغي عن تكلف جعلها أسماء للسور بلا دليل، فلا طائل لنفي اقتضاء ذلك إذ يكفي لنا ما يصحح وقوع ما ليس فيه إفهام، وقيل التنبيه على ما ذكر إذا لم يتوقف على أن لا يكون لها معنى وتحقق على تقدير أن يكون لها معنى، وكون القرآن هدى وبيانا مع ما هو المتعارف في الخطاب يدل على أن يكون لها معنى فالقول : بأنها ليس لها معنى ترجيح بلا مرجح للمرجوح، وهو غير جائز. نعم لو لم يحصل التنبيه على تقدير كونه مفهماً كان له وجه، وهذا كله تعسف فالحق أنّ مراده أنّ ما ذكر مخالف للمعهود، ومثله لا يرتكب بغير مقتض، ولا مقتضى له هنا فلا وجه لارتكابه فاعرفه،
هاب / ج ا / م ١٨
وما قيل من أنّ القرآن كلام لا يشبه كلاماً فناسب أن يؤتى فيه بألفاظ تنبيه لم تعهد ليكون أبلغ في قرع السمع، فهو غنيّ عن الردّ. قوله :( ولم تستعمل للاختصار إلخ ) جواب عما مرّ أنها مختصرة من كلمات وسنده المنقول عن ابن عباس رضي الله عنهما بأنه لم يرد مثله في كلام العرب والشعر المذكور شاذ، وبؤيده أن حذف بعض الكلم في غير الترخيم لا يجوز عند النحاة، وأمّا ما حمل عليه كلام ابن عباس رضي الله عنهما فيأباه سياقه وما قيل : من أن قاف في البيت أمر من قافاه بمعنى تبعه وبيان معنى البيت بما نقله بعضهم، فمثله من المزخرفات مما لا ينبغي أن تشحن به الدفاتر. قوله :( وأمّا قول ابن عباس رضي الله عنهما إلخ ) قيل عليه : إنه يأباه كل الإباء. قوله معناه أنا الله إلخ وليس في كلامه ما يدل على ما ذكره المصنف هنا بوجه من وجوه الدلالة الثلاثة فحمله عليه خروج عن طريق التحقيق ولو كان مقصوده مجزد كون هذه مواد الأسماء لكان ما ذكر من التركيب لا وجه له ولذا منع بعض المتأخرين صحة الرواية وقال : لو صحت لكانت من الرموز التي لا يفهمها إلا صاحب الوحي، أو من تلقى عنه بواسطة أو بدونها كابن عباس رضي الله عنهما. قوله :( ألا ترى أنه عدّ كل حرف إلخ ( تقرير لمدعاه بأنه عدها من كلمات متباينة فعدّ الألف تارة من أنا، وتارة من الله وتارة من الآلاء واللام تارة من جبريل، وتارة من لطفه والميم تارة من أعلم وتارة من محمد، وتارة من ملكه واللفظ الواحد لا يمكن أن يكون كذلك. وقوله :( لا تفسير إلخ ) عطف على قوله تنبيه. قوله :( ولا لحساب الجمل إلخ ) باللام الجازة في أكثر النسخ وهو معطوف على قوله للاختصار ولا لتأكيد النفئي يعني أنّ إلحاتها بالمعزبات فرع استعمال العرب إياها في ذلك ولم يتحقق وفي نسخة بحساب بالباء بدل اللام، وهو معطوف أيضاً على ما عطف عليه ما قبله، واحتمال عطفه على قوله بهذه بعيد، وان قرب، وفي المصباح، واستعملته جعلته عاملاً، واستعملته سألته أن يعمل