ج١ص٢٠٧
يخفى أنه خفيّ مشوّس، وعلى هذا فالأساس مغاير للاصل وعلى الأوّل هما بمعنى، ويؤيده قوله : فإنها أمّهات جمع أمّ، وهي يتجوّز بها عن المبدأ، والمتقدّم وعن المشتمل المحتوي لمشابهته لها في ذلك، وعن الأصل والمعزف لأنّ الشيء يعرف بأصله، ونسبه وعما يتوقف عليه الوجود، أو يضاهيه كالصحة، وهو المراد هنا وقال الطيبي رحمه الله : الأعمال إمّا قلبية : وأعظمها اعتقاد حقية التوحيد، والنبوّة والمعاد إذ لولاه كان كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، أو بدنية :
وأصلها الصلاة لأنها الفارقة بين الكفر والإسلام، وهي عمود الدين والأمّ التي تتشعب منها سائر الخيرات، والمبرات أو مالية، وهي الإنفاق لوجه اللّه وهي التي إذا وجدت علم الثبات على الإيمان، والنفسانية نسبة للنفس على خلاف القياس كما يقال روحاني، وكثيراً ما يزاد في النسب ألف ونون للمبالغة أو الفرق، والأعمال جمع عمل، وهو الفعل الصادر بالقصد فلذا لا ينسب للجماد والغالب فيه استعماله في أفعال الجوارح الظاهرة وقد يطلق على غيرها كما هنا. قوله :( المستتبعة لسائر الطاعات ) الاستتباع هنا بمعنى اللزوم العرفي المقتضي لوقوع غيره تبعا له كالفروع للأصول وهذا بيان لاشتماله على جميع العبادات قلبياً وقالبياً فعلاً وتركا حتى يتم كونه كاشفاً ومحددا لموصوفه، وقيل لأنه كناية عن فعل جميع الحسنات، وترك جميع السيئات كما قرّروه، وقيل : في ذكر هاتين العبادتين وجعلهما دليلاً فائدتان الاختصار والإفصاح عن فضلهما بانهما أصلان تبعهما ما سواهما، فلا حاجة إلى ذكره معهما فسائر العبادات مفهومة تبعا لا داخلة فيما استعمل فيه اللفظ، وكذا ترك السيئات ومنهم من زعم أنه كناية وحينئذ تكون الطاعات بأسرها مذكورة بلفظ بعضها، فلا ينحصر المذكور فيما هو عنوان لها، وهو مخالف لما يتبادر من عبارة الكشاف ولا حاجة إليه فإنّ المعاني التبعية لم تستعمل فيها الألفاظ، وليست أيضا أجزاء لما استعملت هي فيها وردّ بأنّ اعتبار الكناية غير مناف لما ذكره المصنف من أنّ المذكور في الآية، كالعنوان لسائر العبادات، فتجرّها وتستتبعها فإن ذلك بالنظر إلى أصل الوضع والمعنى المكنى عنه ( لا يقال ا لا حاجة إلى اعتبار الكناية، فيكفي فهم سائر العبادات تبعاً بلا استعمال ( لأنا نقول ا لا يخفى أنّ الكشف عن مفهوم المتقين يحصل بجميع الصفات بلا مزية لبعض على الباقي في ذلك الكشف، وان كان بعضها أكمل في نفسه من سائرها، وهذا البعض يستلزم الباقي في الوياقع، ولا يخفى إنّ المتبادر من الاستتباع اللزوم وليس بمجاز فيكون كناية، وكلامه لا ينافيه لأنه كالعنوان لا عنوان فلا حاجة لتأويله بما ذكره، وكلامه قدس سرّه مبني على دلالة الكلام بغير الطرق الثلاثة الحقيقة، والمجاز والكناية وسيأتي ما فيه ومن هنا علم حال ما قيل من أنّ ذكر الصلاة، والزكاة من باب إطلاق البعض على الكل وشرط مثله من المجاز إيراد أشرف ما في ذلك الشيء لأنّ معظم الشيء وجله ينزل منزلة كله لتضمن هذا المعنى أفضلية هاتين العبادتين، ولهذا قال مع ما في ذلك من الإفصاح عن فضل هاتين أي لزم من ذلك هذا على سبيل الادماج، وامنا على الثاني، فلم يذكر المذكورات لاستجلاب الغير بل هي المرادة أوّلاً وإنما ترجح ذكرها لفضلها على غيرها اهـ وعبر بالصدقة ليعمّ الزكاة وغيرها. وقوله :( غالباً ) قيد للمستتبعة للأمرين، فإنّ استتباع الأصول للبواقي ليس أمراً كلياً تحقيقيا، كما لا يخفى. قوله :( ألا ترى إلى قوله تعالى إلخ ) هو بيان لاستتباع التجنب وقدمه وان كان المبين به مؤخراً، لظهور دلالته على ما قصد، ولشرف الآية-- اد الحديث وفيه إيماء إلى ضعفه كما سيأتي وسيأتي معنى
الآية في محلها. وقوله :( الصلاة عماد الدين ( ١ ) إلخ ) بيان لاستتباع سائر الطاعات، ففيه لف ونشر غير مرتب، وليس هذا حديثاً واحدا، وان أوهمه كلام المصنف لا بل حديثان، وقال الإمام النوويّ في شرح الوسيط : إنّ الأوّل حديث منكر باطل وقال ابن حجر ليس كذلك فقد أخرجه أبو نعيم عن بلال بن يحيى مرفوعاً، وهو مرسل وسنده رجال ثقات إلا أنّ لفظه " الصلاة عمود الدين ) وأخرجه بلفظ " الصلاة عماد الدين " البيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرفوعاً بسند فيه انقطاع، وقال الحافظ العراقي : أخرجه الديلمي أيضاً في الفردوس عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عته، وفي معناه حديث الترمذي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه