ج١ص٢٢
الملك الأمر كله أن يقدم العبد بين يدي دعائه التوحيد والتعظيم والإجلال، ثم يحمد الله بمحامده التي هو لها أهل، ويثني عليه ويمجده ويتبرأ إليه من حوله وقوّته، ثم يسأل الله الهداية إلى ما يرضيه، وحسن العون على ذكره، ئم يسأل الله بعدما ما يشاء، لعموم قوله الحق :" ولعبدي ما سأل " ومن قدم أمر الآخرة على أمر الدنيا نظمه الله في نظام الاقتداء بأمّ القرآن وإنّ المطلوب الأعظم لفي أمّ القرآن مجملاً ويحق ما قال بعضهم : لو قرئت أمّ القرآن على ميت فحي ما كان ذلك بعجب لأنّ الحمد اسم من أسماء الله وكذلك سائر الحروف كلها فافهم انتهى. قوله :( والصلاة لوجوب قراءتها الخ ا لفعل الصلاة يجوز جرّ. ونصبه هنا لأنها كما تسمى سورة الصلاة، تسمى الصلاة أيضاً، وهو من تسمية الجزء باسم كله، أو تسمية أحد المتلازمين باسم الآخر والصلاة بمعنى العبادة المعروفة. قوله. ( واستحبابها ) قيل عليه إنه لا قائل بالاستحباب لأنها فرض عند الشافعي وواجبة عند أبي حنيفة، وانما تبع صاحب الكشاف في قوله لأنها تكون فاضلة أو مجزئة بقراءتها فيها، وما ذكروا رد عليه أيضاً، ولذا قال في المدارك لأنها واجبة أو فريضة، وهو أحسن لأنه لا قائل بالاستحباب كما عرفت هذا زبدة ما في جميع الحواشي، وهو لا يسمن ولا يغني من جوع ( وأنا أقول ) كون المذاهب الأربعة متفقة على عدم الاستحباب، وأنه لا صلاة بدونها مما اتفق عليه هنا لما رووه في كتب الفقه المشهورة خصوصا كتب الحنفية، وليس كذلك، فإنّ المصنف شافعي المذهب، وفي كتبهم المعتمدة ما يخالفه، وعبارة الإمام الغزالي في شرح الوجيز الفاتحة متعينة في الصلاة خلافا لأبي حنيفة حيث قال : فرض الصلاة قراءة آية ما طويلة أو قصيرة، وان كان ترك الفاتحة مكروها انتهى.
وعليه اعتمد المصنف رحمه الله، فالاستحباب عنده مذهب أبي حنيفة، ولو سلم عدم صحة ما ذكر فالسلف لهم في أكثر الأحكام أقول شتى، ومذاهب مختلفة، وان لم يرخص لنا العمل بها، وقد نقل الإمام الجصاص رحمه الله في كتاب أحكام القرآن مذهب ابن عباس رضي الله عنهما أنه يجزىء في الصلاة قراءة شيء ما من القرآن، ولا تتعين الفاتحة، وبه فسر قوله تعالى : إ فاقرؤا ما تيسر من القرآن } [ المزمل : ٢٠ ] فإن أردت تفصيله فراجعه فإذا ثبت عن بعض الصحاية ومجتهدي السلف أنها غير واجبة في الصلاة مطلقا، وأنّ المراد بقوله في الحديث " لا صلاة إلاً بفاتحة الكتاب " ( ١ ( نفي الكمال لا الصحة، فمراد المصنف والزمخشرفي الإشارة إلى مذهب هؤلاء لا إلى شيء من المذاهب الأربعة حتى يحتاج إلى ما قالوه من التعسف هنا : من أنّ استحبابها إشارة إلى مذهب أبي حنيفة رحمه الله بناء على تفسير المستحب بما يشمل الواجب والسنة لا المستحب المتعارف على أنّ الواجب بمعنى الفرض والمستحب ما يقابله، أو هو مبني على أنّ الوجوب في الكل عند الشافعي رحمه اللّه أو الركعتين الأوليين عند أبي حنيفة والاستحباب فيما عداهما عنده، أو في صلاة النفل في رواية
عن الشافعي، وأبعد منه ما قيل من أنه مذهب ابن حنبل، وأنه لورعه كان لا يطلق الواجب على ما لم يتواتر عن السلف إطلاقه عليه، وقد جوز أن يكون المراد بالصلاة هنا الدعاء فيكون كتسميتها بسورة الدعاء، فإن قلت هل لما قيل من تعين الجرّ هنا وجه وان كان النصب بناء على تسميتها صلاة الحديث " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين الحديث " ( ١١ لأن تعليل المصنف يناسب معنى الجرّ لا النصب، لأنّ تسميتها في الحديث بالصلاة من إطلاق اسم الكل، وارادة الجزء الذي هو ركن تنتفي الحقيقة بانتفائه، وهو غير منايسب لقوله، أو استحبابه مع أن بعضهم قدر في الحديث مضافا أي قراءة الصلاة، أو ذكر الصلاة قلت لا، فإنّ ما ذكره من الشرط غير مسلم عند المحققين من أهل الأصول، مع عدم تعين التجوّز أيضاً فتدبر. قوله :( الشافية والشفاء الخ ) بالنصب أي تسمى الشافية الخ. كما صرّحوا به ويجوز جرّه.
وفي الكشاف أنها تسمى سورة الشفاء. وقيل : إنّ المصنف ذهب إلى أئه يطلق عليها هذا
بدون سورة، ولولاه لقدّم الشفاء على الشافية وفيه نظر، وقد ورد في البخاري أيضا تسميتها سورة الرقية، وهو قريب مما هنا والحديث الذي ذكره المصنف ( ٢ ) صحيح أخرجه البيهقي، والدارميّ، وغيرهما، إلا أنه قيل عليه إنه لا يدل على تسميتها بذلك إذ لا يدل قولنا زيد كاتب على غير اتصافه، وصدق كاتب عليه، وأمّا تسميته به فلا، وقريب منه ما قيل


الصفحة التالية
Icon