ج١ص٢٢٣
ليس بمرضيّ عند المحققين من القراء قال الإمام الجعبري في شرح الرائية : اتفقت المصاحف على رسم الواو مكان الألف في مشكاة ونحاة ومناة وصلاة وزكاة وحياة، حيث كن موحدات مفردات محلاة باللام، وعلى رسم المضاف منها كصلاتي بالألف وحذفت من بعض المصاحف العراقية، واتفقوا على رسم المجموع منها بالواو على اللفظ ووبمظ كتابة الواو الدلالة على أنّ أصلها المنقلبة عنه واو وهو اتباع للتفخيم، وهذا معنى قول ابن قتيبة بعض العرب يميل لفظ الألف إلى الواو، ولم اختر التعليل به لعدم وقوعه في القرآن العظيم وكلام الفصحاء اهـ ولفظ المفخم ضبطه أرباب الحواشي هنا تبعاً لشراح الكشاف بكسر الخاء المعجمة المشددة على زنة اسم الفاعل، ولا
مانع من الفتح على زنة اسم المفعول على أنه من إضافة الموصوف للصفة، فإنه كعكسه وارد في كلام العرب، وان كان لا ينقاس. وقوله :( لاشتماله على الدعاء ) فهو من إطلاق الحال على المحل، وهو الظاهر لا من إطلاق الجزء على الكل، وان جاز إن لم نقل بأنه مثروط بأن يكون مما يزول الكل بزواله كالرأس والرقبة على ما سيأتي. قوله :( وقيل أصل صلى إلخ ) تمريض لقوله في الكشاف وحقيقة صلى حرّك الصلوين لأنّ المصلي يفعل ذلك في ركوعه وسجوده، ونظيره كفر اليهوديّ إذا طاطأ رأسه وانحنى عند تعظيم صاحبه لاً نه ينثني على الكاذتين وهما الكافرتان، وقيل للدّاعي مصل تشبيهاً له في تخشعه بالراكع والساجد اهـ.
وقال الفاضلان في شرحه إنه يريد أنّ صلى ماخوذ من الصلا بمعنى حرك الصلوين وهما العظمان الناتئان في أعالي الفخذين يقال : ضرب الفرس صلويه بذنبه أي ما عن يمينه وشماله ثم استعمل صلى بمعنى فعل الهيئات المخصوصة مجازا لغوياً لأنّ المصلي يحرّك صلويه في ركوعه وسجود. ، ولما اشتهر في هذا المعنى استعير منه لمعنى دعا تشبيهاً للداعي بالمصلي في خضوعه وتخشعه وفيه ضعف من وجهين. الأوّل إنّ الاشتقاق مما ليس بحدث قليل الثاني أنّ الصلاة بمعنى الدعاء شائعة في أشعار الجاهلية، ولم يرد عنهم إطلاقها على ذات الأركان بل ما كانوا يعرفونها، فأنى يتصوّر لهم التجوّز عنها فالصواب ما ذهب إليه الجمهور من أنّ لفظ الصلاة حقيقة في الدعاء مجاز لغويّ في الهيئات المخصوصة المشتملة عليها كما حقق في أصول الفقه، فإن قيل إذا ثبت صلى بمعنى حرّك الصلوين كان الأنسب أن يؤخذ منه لفظ الصلاة بمعنى الهيئة المخصوصة، ثم يشتق منه صلى بمعنى أحدثها، فلماذا عكس المصنف رحمه الله قلنا : لأنّ المناسبة بين تحريك العضو وإحداث الهيئة أقوى منها بين تحريكه ونفس الهيئة، ولذلك أيضاً جعل الزكاة من زكى الشرعي المأخوذ من زكى اللغوي على أنّ قوله الصلاة من صلى قد يراد به أنها من جنسه أي يتلاقيان في الاشتقاق بلا تعيين للمشتق منه فجاز أن يحمل على اشتقاق صلى من الصلاة، وكذا الحال في الزكاة، وأورد عليه في الكشف أيضاً أنه مخالف لمذهب المعتزلة فإنها عندهم حقائق مخترعة شرعية وليست منقولة من معان لغوية، والقائلون بالنقل، وهم الجمهور قالوا : إنها منقولة من الدعاء، وفي الروض الأنف : الصلاة أصلها انحناء وانعطاف من الصلوين وهما عرقان في الظهر إلى الفخذين، ثم قالوا : صلى عليه أي انحنى عليه رحمة وسمواً الرحمة حنوّا وصلاة وعطفاً وأصله في المحسوسات فجعل في المعاني مبالغة وتأكيدا، ولذلك لا تكون الصلاة بمعنى الدعاء على الإطلاق، فلا تقول صليت على العدوّ أي دعوت عليه إنما يقال صليت عليه في الرحمة والتعطف لأنها في الأصل الإنعطاف، ولذا عديت بعلى، ولا تقول في الدعاء إلا دعوت له باللام فهذا فرق مّا بين الصلاة والدعاء، وأهل اللغة لم يفرقوا بينهما.
( أقول ) ما تقدّم هو الشائع أمّا ما اختاره العلامة فهو ما ذهب إليه المحققون من أهل اللغة
والعربية فقال أبو عليّ الفارسيّ الصلاة من الصلوين لأنّ أول ما يشاهد من أحوال الصلاة تحريك الصلوين للرّكوع، فأفا القيام فلا يختص بها قال ابن جني وهو قول حسن وكذا رجحه السهيليّ في الروض كما سمعته، وما قاله شراح الكشاف مردود على ما فيه من المؤاخذات، وما ذكر. من معنى الصلويق أحد الأقوال فيه فقيل : عظمان ناتئان في جانبي الذنب. وقيل : أعلى الفخذين. وقيل : عرقان في الظهو. وقيل : في الفخذين. وقوله :( ولما اشتهر إلخ ) توجيه لنقلى المجاز عن المجاز، لأنّ شرطه شهرة الأوّل حتى ينزل منزلة الحقيقة، وقوله إنّ