ج١ص٢٤
استعمل اللفظ في معنى كذا بناء عليها يقال استعمل في وضع كذا أيضاً لأنّ مآل الظرفية هنا إلى تعلق خاص تستعمل فيه اللام كثيراً وان كان في أكثر وههنا أيضاً ما لها إلى السببية والباء فيه أكثر وفي تستعمل فيه أيضاً نتهى وليس إنكار خفائه وتكلفه مسموعا وان لم تنكر صحته فكيف يعترض عليه بما مرّ وليس الغافل إلا المعترض، ثم إنّ، الظرفية المجازية به إنما تظهر وتحسن إذا لم يكن مقارن في صالحاً للظرفية الحقيقية كما في التوضيح فليس وزان في كل ركعة وزانها في قوله المستعمل في وضع أول فتأمل، ثم قال : والذي أدّى إليه الخاطر القاصر أن اضطرابهم في هذه العبارة إنما نشأ من حمل الظرفية على اللغوية المتعلقة بتثني وهو مستقرّ، والتقدير تثني واقعة في كل ركعة، وقال بعض علماء العصر : لا يخفي ما فيه.
أمّا أوّلاً : فلأنه مع التقدير فيه لا فائدة فيه بالنظر لهذا المقام لتعزضه للوقوع في الركعة والكلام في بيان تكرارها وليس هذا قيد للتكرار بل خارج عنه.
وأمّ ثانياً : فلأنه لا يصح قوله باعتبار كل ركعة إذ الصحيح أن تكرارها باعتبار تعذد كل
ركعة وفهمه من هذه العبارة في غاية الخفاء كما قاله السيد السند رحمه الله والمعترض لم يفهم مراده وفيه بحث وقيل إنه لا يبعد حمل العبارة على التضمين أي تثني مقروأة في كل ركعة وقيل يرد عليه أنه مع الاستغناء عنه فاسد لظهور أنّ التكرار ليس في حال القراءة في كل ركعة، بل في حال القراءة في الركعة الثانية والثالثة والرابعة، فإذا قلنا زيد يقوم في زمان قيام كل واحد من القوم لا يفهم منه إلا أن يكون قيام زيد مقارنا لزمان قيام كل واحد لا لزمان قيام المجموع من حيث هو مجموع فافهم. قوله :( أو الإنزال ) عطف على الصلاة إلا أنّ العامل وهو تثني لا يظهر تعلقه به لأن تثنية الإنزال قد وقعت فعاملها فعل ماض لا مضارع، ففي هذه العبارة خلل ظاهر، ولذا قيل إنّ تثني للاستمرار بالنسبة إلى الصلاة وماض بالنسبة إلى الإنزال والتعبير بالمضارع لاستحضار الصورة وحكاية الحال الماضية بناء على وأي المصنص رحمه الله في جواز إرادة معني اللفظ معاً أو على عموم المجاز بأن يراد مطلق الزمان الشامل للماضي وغيره يعني أنّ المضارع لدلالته على الحال الحاضر الذي من شأنه أن يشاهد قد يذكر ليستحضر به ما مضى، فيستمر وتثني لاستحضار التسمية المعللة بالتثنية ولا يفعل ذلك إلا بما يهتم بمشاهدته لغرابته أو فظاعته، كما ذكره أهل المعاني، وهو مجاز، ولذا لما لزم المصنف الجمع بين الحقيقة، والمجاز أشار المحشي إلى دفعه بما ذكر ولا يخفى بعده لاختصاصه بما يستغرب ولا غرابة هنا، والأقرب عندي أن يقال إنّ المراعى تحقق الاستقبال وغيره زمان الحكم لا زمان
التكلم كما حقق في كتب الأصول والتسمية مقدمة على تثنيتها في الصلاة، وكذا على تكرار الإنزال لأنها توقيفية، فإن كان الواضع هو الله في الأزل فاستقبال الإنزال ظاهر وان كان الرسول ﷺ، فالتسمية في أوّل النزولين وتكرر النزول إنما يتحقق بالثاني فهو مستقبل من غير تكلف لتقدير متعلق أو عطف معمول ماض على معمول مستقبل، وأمّا كونه من قبيل.
*علفتها تبناً وماء باردا*
فلا يخفى برودته وركاكته مع أنهم لم يذكروه إلا مع اختلاف الحدثين دون الزمانين وان
كان القياس لا يأباه فتدبر. قوله :( إن صح أنها نزلت بمكة ) هذا بناء على جواز تكرّر النزول وهو في الآيات متفق عليه وفي السورة مختلف فيه، فأنكره بعضهم مطلقاً لعدم الفائدة فيه قيل ولذا قال المصنف : إن صح واستدل المنكر له بأنّ نزوله ظهوره من عالم الغيب إلى الشهادة والظهور به لا يقبل التكرر فإن ظهور الظاهر ظاهر البطلان كتحصيل الحاصل وايجاد الموجود ويرد بأنه ليس من هذا القبيل، وفي منازل السائرين من توإضع للدين لم يعارض بمعقول منقولاً، ولم يتهم دليلاً، ولم ير إلى الخلاف سبيلاً، وقال الزركشي في البرهان : قد ينزل الشيء مرتين تعظيماً لشأنه وتذكيرا عند حدوث سببه خوفاً لنسيانه وفي جمال القراء للسخاوي فائدة نزول الفاتحة مرتين أنها نزلت أوّلاً على حرف، وبعده على آخر كملك ومالك، ويجري هذا في وجوه القرا آت وقد قيل إنها نزلت مرّة أخرى بعد تحويل القبلة ليعلم أنها ركن في الصلاة كما كانت وقيل : نزلت مرّة بالبسملة، وأخرى بدونها، واستحسنه ابن حجر والجزري، وبه جمع بين المذاهب، والروايات وسقط ما قاله المعترض من أنه لا فائدة في تكرر النزول، وذهب الغزالي رحمه الله إلى أنه ليس في القرآن