ج١ص٢٥١
فقوله وجوه الظفر كما في بعض النسخ أنواعها أو طرقها، وفي نسخة وجوه اللطف وهو بضم فسكون معروف، وهو الرفق والتوفيق وبفتح اللام والطاء ويقال بالهاء لطفة أيضا، وهو اسم بمعنى البرّ ولم يشتهر في الهداية قال الزمخشريّ في شرح مقاماته الألطاف بمعنى الهدايا واحدها لطف قال :
كمن له عندنا التكريم واللطف
وغبارة المصئف رحمه الله تحتملهما والظاهر الأوّل وأفلح بمعنى فاز ببغيته دنيوية وأخروية وهي سعادة الدإرين، وما قيل من أنّ قوله انفتحت يدل على أنّ همزة أفلح للصيرورة فيه نظر ظاهر. قوله :( وهذا التركيب ) أي تركيب فلح، وهو ظاهر وفلق بمعنى شق وفلذ بالذال المعجمة بمعنى قطع، وفلى بالفاء من فليت الشعر إذا فتحته لتنظر ما تحته من الهوام، أو من فلوته بالسيف إذا ضربته، وفي الضرب معنى الشق هنا أو من فلوته عن أمّه إذا فطمته. قوله :( وتعريف المفلحين إلخ ) هذا زبدة قوله في الكشاف، ومعنى التعريف في المفلحون الدلالة على أنّ المتقين هم الناس الذين عنهم بلغك أنهم مفلحون في الآخرة، كما إذا بلغك أنّ إنسانا قد تاب من أهل بلدك، فاستخبرت من هو فقيل زيد التائب أي هو الذي أخبرت بتوبته، فاللام حينئذ لتعريف العهد الخارجي، ولا حاجة إلى اعتبار قصر كما إذا قلت الزيدون هم المنطلقون إشارة إلى معهودين بالانطلاق ولك أن تعتبر كلمة هم فصلاً، وتقصد قصر المسند
على المسند إليه افرادا نفياً لما عسى يتوهم من أنّ المعهودين بالفلاح يندرج فيهم غير المتقين أيضاً. وقوله :( كما إذا يلنك إلخ ) تركه المصئف رحمه الله اختصاراً لا لما قيل : من أنه لأجل أنه اعترض عليه بأنّ المطابق للسؤال أن يقال : التائب زيد حتى لو اقتصر على زيد كان خبر المبتدأ محذوف، ورد فأن الضمير في من هو راجع إلى التائب أي من التائب، فمن مبتدأ والتاثب خبره، كما هو مذهب سيبويه والمعنى أزيد التائب أم عمرو فالمطلوب بالسؤال أن يحكم بالتائب على شيء من تلك الخصوصيات، فالصواب ما في الكتاب ليكون الجواب مطابقا للسؤال، والمثال موافقا للتنزيل في تعريف الخبر العهدي فإن جعل من خبراً مقدما، فالحق ما ذكره المعترض فتفوت موافقة المثال، وهذا مع ظهوره خفي على جماعة حتى زعم من لم يتنبه له أنّ دعوى رعاية المطابقة منقوضة بأنّ من قام جملة اسمية، ويجاب بفعلية، ولم يدر أنّ السائل بمن قام لطلب الحكم بالقيام على زيد أو عمرو، فإذا أجيب بقام زيد طابق سؤاله في المعنى، وان خالفه لفظا بفعلية لسرّ ستراه بخلاف ما نحن فيه، فإنّ التقديم فيه يوجب اختلاف المحكوم عليه فتفوت المطابقة المعنوية التي تجب رعايتها في نحو زبد أخوك وأخوك زيد. هذا ملخص ما ارتضاه قدّس سرّه مخالفاً فيه للفاضل المحقق وتبجح به في غير موضوع وسلمه له عامة الفضلاء إلاً من رمى ربقة التقليد من جيد فكره كما قال بعض الفضلاء : إنه مردود لمخالفته لكلام القوم، فإنهم صرّحوا بأنّ من لطلب التصوّر لا لضلب الحكم والتصديق، فتأويله لا يجدي في مقابلة خرق إجماعهم ولذا قيل إنّ من يسأل بها عن تشخيص ذي العلم وتعيينه، فالمقصود بمن قام تعيين الفاعل مع تقرير الفعل بحيث لا يشك فيه، وليس لطلب مطلق الحكم بالقيام، فالمطابق في الجواب أن يقال : زيد قام إذ المقصود الفاعل وتقرير الفعل أمر ذكره مجرّد اعتبار نحوي، ولذا قالوا إنّ قوله تعالى ﴿ أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا ﴾ [ الأنبياء : ٦٢ ] لو كان لتقرير الفعل كان الجواب فعلت أو لم أفعل، والحاصل أنّ في قام زيد إبهاما لتردّد السائل في الفعل، وتقرير المجيب إياه، وقد قال محققو أهل المعاني : إنّ الهمزة يليها المسؤول عنه ذاتا أو غيرها فيقال أضربت زيدا إذا كان الشك في نفس الفعل، وأأنت ضربت إذا كان في الفاعل مع تقرير الفعل، ولا شك في أن خلق السموات والأرض مقرّر لا مرية فيه، والتردّد إنما هو في تعيين الفال فلا يكون من خلق السموات والأرض جملة فعلية معنى بل اسمية لفظا ومعنى، ولا ينبغي أن يكون من قام في معنى أقام زيد أم عمرو بل في معنى أزيد أم عمرو قام لما عرفته، والنكتة في ذكر الجملة الفعلية في جواب من خلق أنه على خلإف مقتضى الظاهر للتعريض بغباوة المخاطبين، وأنهم لا ينبغي لهم التردّد في الفاعل أصلاً، كما وقع فلو كان هنا تردّد كان في أصل الفعل وقيل الضابط هنا أنّ الشيء إذا كان له صفتان تعرّفانه، وقد عرف السامع اتصمافه بإحداهما دون الأخرى


الصفحة التالية
Icon