ج١ص٢٧٤
بما جاء به، وبما أنزل إليه وأنزل من قبله هم المهديون الفائزون بخير الدارين، وحق هؤلاء أن يقابلوا بكفار مصرين إنذار الرسل والكتب، سواء لديهم والعدم وكذا سياق ما بعده من ختم المشاعر، وتغطية البصائر إنما يأخذ بحجزه عدم الانتفاع بالآيات والنذر على ما لا يخفى، وأمّا ما قيل عليه من أنه أراد بما سيق له الكلام وصف الكتاب بما هو شأنه فكما أنّ في الحكم بالاستواء إدماجا لوصف الكتاب بأنه لا يجدي، فكذا هو في قوله ﴿ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ فهما متساويان والثانية أبين دلالة على المراد فهو أظهر وأقوى، وجعله ركناً من الكلام أوجه وأولى، وان أراد به عدم نفع الدعوة كقوله تعالى ﴿ سَوَاء عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ ﴾ [ الأعراف : ١٩٣ ] فنفي الإيمان أيضاً أدل عليه خصوصا وما قبله معلل ومؤكد له، فسواء والعدم على من دقق النظر وأحسن الورد والصدر، وقيل : الاعتراض أن يؤتى في أثناء كلام أو بين كلامين متصلين معنى بجملة لا محل لها من الإعراب لنكتة سوى دفع الإيهام، وجوز بعضهم كونه لدفع الإيهام وكونه في آخر الكلام وأمّا اشتراط كونه للتأكيد فمما لم نسمعه، وهذا إن كان ما قبله جملة فإن كان اسم فاعل وفاعلا تعين أن يكون ﴿ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ بيانا وتقريراً له لأنّ الاعتراض لا يكون إلاً جملة وهو يرد على عامّة الشراح، وقد اغترّ به المولى ابن كمال والحق معهم دراية ورواية أمّا الأوّل فلأنه لو لم يؤكد كان ترقيعاً للديباج بالخيش. وأمّا الثاني فلقوله في الكشاف في سورة الزمر حق الاعتراض أن يؤكد المعترض بينه وبيته، وقال ابن مالك في التسهيل : الجملة الاعتراضية هي الجملة المفيدة تقوية، وبعد هذا المقال ما بعد الحق إلاً الضلال، وقول المصنف رحمه الله بما هو علة الحكم فيه إشارة إليه ووجهه أنه يدل على قسوة قلوبهم وعدم تأثرهم بالإنذار وهو مقتض لعدم الإيمان، وما قيل من أنه ليس في الاخبار عن الذين كفروا بعدم الإيمان فائدة إلاً أن يقيد بقيد وهو خلاف الظاهر قد دفع بأنّ الموضوع دل على عدم إيمان في الماضي، والمحمول على استمراره في المستقبل وما أورد عليه من أنّ مراد المعترض أنه لا فائدة تناسب ما سيق له الكلام، لأنه إذا جعل بيانا أفاد أنّ عدم إيمانهم لقصور فيهم لا في كمال الكتاب الذي سيقت الآية لبيانه غير مسلّم، وما روي من الوقف على قوله ﴿ أَمْ لَمْ تُنذِرْ ﴾ والابتداء بقوله ﴿ هُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ على أنه مبتدأ وخبر مردود لا يلتفت إليه وإن نقله الهذلي رحمه الله في كتاب الوقف والابتداء كما في الدرّ المصون. قوله :( والآية مما احتج به إلخ ) هذا مما زاده المصنف على ما في الكشاف، وهو من أمّهات المسائل الأصولية وله أدلة منها ما ذكر كما يثير إليه قوله مما، واطلاقه التكليف يتناول الوجوب وغيره وتقريرهم ظاهر في أنّ الخلاف في الوجوب، وفي الآيات البينات لا مانع من إ-هـ ائه في غير. ، وفي تحرير ابن الهمام القدرة شرط التكليف بالعقل عند الحنفية والمعتزلة لقبح التكليف بما لا يطاق، واستحالة نسبة القبيح إليه تعالى، وبالشرع عند الأشاعرة في الممكن لذاته كحمل جبل، واختلف في المحال لذاته، فقيل عدم جوازه شرعي لأنه تعالى قال ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ﴾ [ البقرة : ٢٨٦ ]