ج١ص٤٩
الكلائم كلائم أبي تمام كم ترك الأول للأخر، ولعمري إن في زوايا الأفكار خبايا، وفي أبكار الخواطر سبايا لكن قد تقاصرت الهمم، ونكصت العزائم فصار قصارى الآخر أن يتبع الأول، وهذا كما قيل في الياسمين لا يساوي تجفغة وقد قال عليه بعض فضلاء عصره الإبدال المذكور مخصوص بمغال الاسم بدون هاء وسنات يخغلات لا يخغال فما افتخر به ليس بصواب، وهذا كله صيد مق المفلاة ففي حواشي المالول الحسنية بعدما تنبه لهذا الاعتراض دفعه بقوله أبدل فيه أحد حرفي التضعيف لوقوعه في بناء ممتد ولما لم يتنبه شارحوه لهذه الدقيقة التجؤ إلى المجاز، وأنت خبير بأنه مشروطاً بالقرينة الصارفة والا ارتفع الوثوق، وأشار بقوله بناء ممتد إلى أنّ فعلات تشبه فعالاً في الامتداد والوزن العروضي، وأيده بقول الزمخشري في سورة الحديد في قراءة الحسن تيلآ بفتح اللام، وسكون الياء وحكاه قطرب بكسر اللام، ووجه بأنه حذفت فيه همزة أن وأدغمت نونها في لام لا فصار للإثم أبدل من اللام المدغمة كما في ديوان انتهى.
ولا يخفى أنه بعد الإبدال يلتبس جمع السين بجمع السن، فإن قامت عليه قرينة، فهي
بعينها قرينة المجاز، وهو مع بلاغته لاشتماله على نكتة أسهل مما تكلفه من ذلك الأمر الغير القياسي والقرينة هنا حالية، وهو أنّ في البسملة سنات لا سينات والجواب الممرض أظهر
وإنما جمعها دون أخويها لأنّ لها أجزاء في الخط. قوله :( لكئرة الاستعمال ) قيل الظاهر أنّ المراد كثرة الكتابة، فلما كثرت كتابته حذف تخفيفا على الكاتب كما خفف تلفظه به، وكثرة التلفظ لا دخل لها في الحذف الخطي فما قيل في شرحه لكثرة الاستعمال بحسب اللفعل والكتابة، وفيه نظر لأنه لا دخل للأوّل هنا ليس بشيء، فإنهما كالمتلازمين، وكل يناسب الآخر، فمثله لا ينبغي ذكره، والعلل لا يلزم إطرادها حتى يقال هذا يقتضي حذف ألف الله، قيجاب بأنها عوض، أو أنه لئلا يلزم الإجحاف لحذف ألفه الثانية خطاً، أو لئلا يلتيس بقولك لله مجرورا، وبشدّة الامتزاج به، وما ذكر هو المشهور، وهو منقول عن مكي ( ١ ) رحمه الله وقيل إنه لا حذف فيه وإنّ الباء داخلة على ييمم بكسر السين أو ضمها أحد لغات اسم كما مرّ، ثم سكنت سينه هربا من توالي كسرتين، أو انتقال من كسرة لضمة، وهو بعيد. قوله :( والله أصله إله الخ ) اعلم أنّ في لفظ الجلالة باعتبار أصلها واشتقاقها وكونها عربية أو غير عربية أقوالاً واختلافالب كثير؟ حتى قالوا : كما تاهت العقلاء في ذاته وصفاته لاحتجابها بنور العظمة تحيروا في لفظ الله لأنه انعكس له من تلك الأنوار أشعة بهرت أعين المستبصرين، وقد قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه دون صفاته تخئز الصفات وضل هناك تصاريف اللغات ففيه أقوال لا تحصر اختار المصنف رحمه الله منها أربعة، وقال في الكشاف : الله أصله الإله قال : معاذ الإله أن يكون كظبية
فحذفت الهمزة، وعوض عنها حرف التعريف فقيل عليه : إن كان أصله الإله معرفاً باللام
لم يكن حرف التعريف عوض الهمزة، لما يلزمه من الجمع بين العوض والمعوض، ولذا قال أبو عليّ إنه كالعوض.
وأجيب بأنّ حرف التعريف في الإله من الحكاية لا من المحكى فهو يعني أنّ أصله إله
وإنما أدخل عليه حرف التعريف للحصر رداً على من قال أنّ أصله لاه إذ لم ئقل لاه إلا نادرا، ولو شلم أنها من المحكي ففيه مضاف مقدر أي لزوئم أو لازمية حرف التعريف، فلما رأى المصنف ما ورد عليه عدل عنه إلى قول أصله إله لأنه أسلم، ومعنى التعويض على رأي جماعة منهم المصنف أن يورد ما يكون عوضاً وعلى المشهور جعله عوضا وقيل المراد به اعتباره عوضا لا إيراده وهل حذث هذه الهمزة اعتباط على غير القياس، فلذا لم يمنع الإدغام وعوض عنها أل أو هو قياس بأن نقلت حركتها إلى ما قبلها ثم حذفت لالتقاء الساكنين الهمزة بعد نقل الحركة إلى اللام قبلها فلزوم الحذف والتعويض، وعدم منع الإدغام مع أنّ المحذوف لعله كالموجود من الأمور الشاذة التي اختص بها هذا الاسم الأعظم قولان أظهرهما الأوّل والمراد
بالأصل هنا الأصل الإعلالي لا الإشتقاقي وعدل المصنف رحمه الله عن قول الزمخشريّ حرف التعريف إلى قوله الألف واللام، ليكون نصاً في تعويض الحرفين معا فيقتضي القطع، لأنه على القول بأنه اللام فقط يحتاج إلى أن يقال وتبغتة الهمزة كما في شروج الكشاف.
هذا زبدة ما هنا من القيل والقال بعد طرح مقذمات منتجة للملال، وفيه


الصفحة التالية
Icon