ج١ص٦١
ملاحظته على الإجمال، ولا نسلم أنّ ملاحظة المجمل إنما هي بوجه وصفة خارجة بل هو نوع من التعقل للذات انتهى.
وقيل : عليه إنّ القائل به هو عنده غير واقع فلا يكفي به الجواز، ولأنه لو كان الواضع
هو الله علم من تتبع موارد الاستعمال، وهو يتوقف على فهم ما أرد ولأنه لا معنى للإجمال في البسيط، إلا ما ذكر وقد قيل أيضاً إنّ الظاهر أن واضع اللغة لا يفعل إلا ما فيه فائدة معتدّ بها،
بل كل عاقل كذلك والشيء الذي له صفات وجهات كثير يعلم بوضع أسماء الصفات فوضع العلم إنما تكون فائدته معرفة الذات من غير صفة إذ لو قصد ما يحصل بوضع الصفات لم يكن في وضع العلم فائدة يعتدّ بها، فإذا فرض أن تلك الذات من حيث هي لا يمكن تفهيمها واعلامها للمخاطب لا يبقى لوضع العلم فائدة أصلاً، وهو غير مسلم أيضا عند الذاهب إلى العلمية لأنه يقول لها فوائد أخرى، كإجراء الصفات، وهو لا ينفي أيضا كونه اسم جنس، فهو اقناعي لا يحسم عرق النزاع، وقد نقل هنا عن المصنف حاشية قال فيها ما نصه فيه نظر إذ يكفي في وضع العلم تعقله بوجه يمتاز به عن غيره من غير أن يعتبر ما به الامتياز في المسمى، فيمكن وضع العلم لمجرّد الذات المعقولة في ضمن بعض الصفات، وقد تقرّر في الكلام أنه يمكن أن يخلق الله العلم بكنه ذاته في البشر، ولأنه إنما يتمشى إذا لم يكن الواضع هو الله، والتحقيق أن تصور الموضوع له بوجه ما كاف في وضع العلم، وكذا في فهم السامع عند استعماله انتهى.
ويعلم أمره مما مرّ، وانما أطلنا الكلام هنا لكثرة ما فيه من القيل والقال، فربما ظن أنا
لم نحط بما تالوا خبرا، وقد بينا علمية الاسم الشريف في رسالة مستقلة حققنا فيها معنى التشخص فمن أراد تحقيق هذا المقام فلينظر ما كتبناه فيها.
واعلم أنّ علمية العلم بالغلبة بالوضع أيضا كما صرّح به بعض أرباب الحواشي، وعند الرضى أنها لا تحتاج إلى وضع قال : وقد يصير بعض الأعلام اتفاقيا أي يصيرعلما لا بوضع واضع معين بل لأجل الغلبة، وكثرة الاستعمال في فرد، وقيل : فيه وضع غير قصدى، وبه يندفع ما قيل من أنّ ما ذكره المصنف على تقدير تمامه يفيد أنه ليس من الإعلام الغالبة أيضا إذ الإعلام بها صارت موضوعات لأشخاص معينة يدل بها عليه، وهو ليس كذلك. قوله :( فلا يمكن أن يدل عليه ) بالبناء للمجهول وفي بعض النسخ، فلا يمكته أن يدل بصيغة المعلوم أي لا يمكن البشر أن يدل عليه غيره، وهو على تقدير كون الواضع البشر. قوله :( لما أفاد ظاهر الخ ) فإنّ ظاهره أنه متعلق به باعتبار معناه الوضمي كمعبود ونحو. ، وانما قال ظاهر لأنه يحتمل تعلقه بيعلم في قوله تعالى :﴿ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ ﴾ [ الأنعام : ٣ ] الخ ويحتمل تعلقه به باعتبار معنى خارج عته لازم له أو مشتهر به اشتهار حاتم بالجود كقوله :
أسد عليّ وفي الحروب نعامة
وأمّا كون الاسمية لا تقتضي الدلالة على مجرّد الذات كما في أسماء الزمان والآلة، يلم يلتفت إليه المعكحنف رحمه الله، وسيأتي تفصيله في سورة الأنعام فاندفع ما قيل عليه إن صحة معناه كما تكون متعلقة بلفظ اللّه مع العلمية بالغلبة، تكون باعتبار تضمنه معنى المعبودية، أو
اشتهاره بها. قوله :( لأنّ معنى الاشتقاق هو كون أحد اللفظين مشاركاً للاخر الخ ) الاشتقاق إن اعتبر فيه الحروف الأصول مع الترتيب وموافقة الأصل في المعنى فهو الاشتقاق الصغير، وإلا فإن اعتبر الحروف الأصول مع عدم الترتيب فالكبير، وإلا فإن اعتبر مناسبة الحروف في النوعية أو المخرج مع عدم الموافقة في جميع الحروف الأصول فاكبر ولا بد من تناسب المعنيين في الجملة وزيادة معنى أحدهما على الآخر ويعتبر في لفظه أن يتغاير المشتق والمشتق منه، وهو يعرّف باعتبار العلم، فيقال : هو أن تجد بين اللفظين تناسبا وباعتبار العمل، فيقال : هو أن تأخذ من اللفظ ما يناسبه، وباعتبار حال اللفظ، فيعرف بما ذكره المصنف فلا يرد عليه ما توهم من أن تعريف بالمباين، ويقال هو مسامحة منه، وظاهر أنه ليس باسم زمان، ولا مكان وباب قارورة وأحمر نادر، والمدعى ظني فيكفي هذا في إثبات وصفيته على ضعف فيه فاندفع ما أورد عليه من أنه لا يستلزم الوصفية إذ لا يسمى الزمان والمكان اشتقاقا بهذا المعنى من غير وصفية، وأيضا الكتاب والإمام من المشتقات بهذأ المعنى ولا وصفية فيهما، والمنكر لاشتقاقه لا يسلم التوافق في المعنى. قوله :( وقيل أصله لاها الخ ) فهي على هذا غير عربية سريانية كما ذكره المصنف وغيره، أوءجرانية كما ذكره الإمام


الصفحة التالية
Icon