ج٢ص٨
زهير :
ولأنت تفري ما خلقت وب! ض القوم يخلق ثم لا يفري
ومن كلام الحجاج ما خلقت إلا فريت، وما وعدت إلا وفيت، وقيل إنه بهذا المعنى لا
يستعمل في الله تعالى وعدل عن قول الزمخشري : الخلق إيجاد الشيء على تقدير واستواء يقال خلق النعل إذا قدرها وسوّاها بالمقياس لما فيه من الاختصار المخل كما أشار إليه. قوله :( متناول لكل ما يتقدّم الإنسان الخ ) التناول معناه الحقيقيّ الأخذ يقال ناوله كذا إذا أعطاه فتناوله أي أخذه ثم تجوّز به عن الشمول وشاع حتى صار حقيقة فيه في كلام الناس، واصطلاح المصنفين ولم يرد في كلام العرب بهذا المعنى وقبل من الظروف، وأكثر فيها الظرفية الزمانية وتكون للمكانية وهي في غير هذا مجاز قال الراغب قبل يستعمل على أوجه الأوّل في المكان بحسب الإضافة فيقول الخارج من أصبهان إلى مكة بغداد قبل الكوفة، ويقول الخارج من مكة إلى أصبهان الكوفة قبل بغداد. الثاني في الزمان نحو زمان عبد الملك قبل المنصور، الثالث في المنزلة نحو عبد الملك قبل الحجاج. الرابع في الترتيب الصناعي نحو تعلم الهجاء قبل الخط انتهى، فهي في اللغة مقابلة لبعد زماناً ومكانا، ويتجوّز بها عن التقدم بالشرف والرتبة في كلام العرب وهو الذي أشار إليه المصنف رحمه الله بقوله بالذات فجمع بين المعنى الحقيقيّ والمجازيّ الواردين في اسنعمالط العرب وأدخل التقدم المكانيّ في ذلك للإيجار كما هو دأبه، والحكماء قالوا التقدم والتأخر يقال على خمسة أشياء التقدم بالزمان وهو ظاهر والتقدم بالطبع كتقدّم الواحد على الاثنين، والتقدّم بالشرف !قدّم أبي بكر على عمر، والتقدم بالرتبة وهو ما كان أقرب من مبدأ محدود كصفوف المسجد بالنسبة إلى المحراب، والتقدم بالعيية كتقدم حركة اليد على حركة القلم وأثبت المتكلمون قسما آخر للتقدم سموه التقدم بالذات كتقدم بعض أجزاء الزمان على بعض وقيل إنه غير خارج عنها لأنّ بعضه داخل في التقدم بالطبع وبعضه في التقدّم بالرتبة والتحقيق أنه داخل في التقدم بالزمان ومن هنا ظهر لك أن كلام المصنف جار على وفق اللغة واستعمال العرب لا على مصطلح الحكماء فمن أرجعه إليه وقال التقدم الذاتي عبارة عن تقذم المحتاج إليه على المحتاج فيشمل التقدم بالعلية والطبع والتقدم الزماني هو الذي لا يجامع المتقدم فيه المتأخر، ثم قال بعد الفرق بينهما أن المراد هنا التقدم بالطبع والذين موضوع للعقلاء، إلا أنّ المصنف عممه لم يصب، والذي غرّه فيه ما وقع في بعض الحواشي حتى قيل إنّ فيه رائحة من كلام الفلاسفة فإنّ مراده بالتقذم الذاتي ما تقدم على أن الخطاب إن شمل المؤمنين وغيرهم فالمراد بمن قبلهم من تقدّمهم في الوجود ومن هو موجود وهو أعلى منزلة منهم كالنبيّ لمجتن والمؤمنين فقط ما قيل : عليه من أنه جعل القبلية شاملة للتقدم الذاتي والزمانيّ وهو جيد لو ساعدته اللغة وكذا ما قيل من أنه مخالف لما عليه أهل السنة لأنهم لا يثبتون التقدم بالذات لغير الله تعالى إلى آخر ما أطالوا به بغير طائل. قوله :( منصوب معطوف الخ ) دفع لتوهم عطفه على الضمير المجرور من غير إعادة الجارّ في فصيح الكلام ولما فيه من الفصل بنعت المضاف إليه. قوله :( والجملة أخرجت مخرج المقرّر الخ )
أي جملة لخ!م الواقعة صلة الذي أخرجت مخرج ما هو ثابت مقرّر معلوم لأنّ الصلات لا بد من كونها معلومة الانتساب إلى الموصول عند المخاطب ولذا تعرّف الموصول بما فيها من العهد واشترط فيها الخبرية وقيل : مراده أن الصفة يجب أن تكون معلومة للمخاطب مقرّرة عنده ولذا قالوا : إنّ الإخبار بعد العلم بها أوصاف والأوصاف قبل العلم بها أخبار، وهو بناء على أنّ المخاطب المشركون المنكرون ولذا وجهه المصنف رحمه الله بما سنوضحه لك وإنما رجحنا تفسيره بما ذكرناه أوّلاً لأنه المتبادر من كونه جملة إذ الموصول مفرد فلو كان هو المراد احتاج إلى التأويل بأنه لكونه مع جملة الصفة كالشيء الواحد عدة جملة. على أنّ وجوب العلم بمضمون الجملة وانتسابها إنما هو مقرّر في الصلة دون الصفة عند صاحب الكشاف حيث ذكر في قوله تعالى :﴿ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ أنّ النار


الصفحة التالية
Icon