ج٣ص١٠٥
الشافعي ما ذكره وعند أبي حنيفة فيه خلاف فقيل ثماني عشرة في الغلام وسبع عشرة للجارية ولم يفرّق المصنف بينهما، وقيل خمس عشرة فيهما وعليه الفتوى وقوله :( خمسة عشر سنة ) بتأويل السنة بالعام والا فالقياس خمس عشرة، ومعنى قوله يصلح للنكاح أي لثمرته لأنّ المقصود منه التوالد ولا يكون بدونه وقوله :( إذا استكمل الولد ) الخ رواه البيهقي، وقال : إسناده ضعيف. قوله :( فإن أبصرتم منهم رشدا الخ ) أصل معنى الإيناس النظر من بعد
مع وضع اليد على العين إلى قادم ونحوه مما يؤنس به، ثم عم في كلامهم قال الشاعر :
آنست نبأة وأفزعها القناص عصرا وقد دنا الإمساء
أي أحست أو أبصرت كما فسره به أهل اللغة ثم استعير للتبين أي علم الشيء بينا إذ
الرشد مما يعلم ولا يبصر وهي استعارة محسوس لمعقول أن أريد بالإيناس تلك الحالة المحسوسة وان أريد الإبصار فمعقول لمعقول مستلزم لتشبيه الرشد بالشيء المحسوس كذا في شرح الكشاف، ويمكن تنزيل كلام المصنف رحمة الله عليه بأن يكون اقتصر على بيان حقيقته، ويحتمل أن يكون شبه الرشد المحقق المتبين بالمحسوس المشاهد على طريق الكناية، ثم أثبت له الإبصار تخييلا، وقوله : وقرئ أحستم أي بحاء مفتوحة وسين ساكنة وأصله أحسستم بسينين نقلت حركة الأولى إلى الحاء، وحذفت لالتقاء الساكنين إحداهما على غير القياس، وقيل إنها لغة سليم وانها مطردة في عين كل فعل مضاعف اتصل بها تاء الضمير أو نونه والإحساس أيضا على هذه القراءة استعارة. قوله :( من غير تأخير عن حدّ البلوغ الخ ) التعقيب مأخوذ من الفاء ولم يفسر الرشد، وهو معرفة التصرّف وحفظ المال عندنا وعند الشافعي صلاج الدين والمال، وقيل الرشد بالضم في الأموو، لدكيوية والأخروية وبالفتح في الأخروية لا غير، والراشد والرشيد يقال فيهما.
تنبيه : في قواعد ابن عبد السلام رحمه الله : الأحكام مبنية على ظاهر الأمر حتى يظهر ما
يبطله ولو شذد في ذلك بطلت المعاملات، وهذا يشكل على شرط الشافعي في الرشد حسن التصرّف في المال والصلاح في الدين حتى لا يرتكب كبيرة، ولا يصرّ على صغيرة بإجماع المسلمين حتى جوزوا معاملة المجهول، وقبول عتاقه وهداياه وهو يأباه والآية لا تدل على ما ذكر والعجب من قول الإمام في النهاية إذا بلغ الغلام ولم يظهر ما يخالف رشده أبطل حجره اص.
( وفيه بحث ا للفرق بين الولي والناس المعاملين فتأمل. قوله :) ونظم الآية الخ ( في حتى الداخلة على إذا قولان أشهرهما أنها حرف غاية دخلت على جملة شرطية وهي حرف ابتداء تدخل على الجمل وهو الذي ارتضاه المصنف تبعا للزمخشريّ، والثاني وهو مذهب الزجاج وبعض النحاة أنها حرف جر وإذا متمحضة للظرفية وليس فيها معنى الشرط، وقدر بعضهم في
النكاح حده أو وقته وقيل لا حاجة إليه لأنّ المعنى صلحوا للنكاح وكون إذا شرطية غير جازمة هو المشهور، وقيل : إنها ليست بشرط وإن إطلاقه عليها ليس حقيقة، وقوله : وهو دليل الخ يقتضي تقدم إيناس الرشد مع تأخره في النظم بناء على أنّ الشرط المعترض على شرط آخر يعتبر مقدما في الحكم فلو قال إن شتمتني فإن دخلت الدار فأنت طالق لا بد لوقوع الطلاق من تقدم دخول الدار على الشتم وسيأتي تحقيقه في قوله تعالى :﴿ وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي ﴾ أسورة هود، الآية : ٣٤ ] الآية، وقول أبي حنيفة رحمه الله مبني على عدم الحجر بالسفه عنده وقدر الزيادة بسبع لما ذكره، وقوله : يميز بعدها أي يبلغ سن التمييز، وفي نسخة يتميز أي ينفرد في مضجعه ونحوه. قوله :( مسرفين ومبادرين الخ ) المبادرة المسارعة وهي لأصل الفعل هنا وتصح المفاعلة فيه بأن يبادر وأخذ مال اليتيم، واليتيم يبادر منه وأشار إلى أنه منصوب على الحالط، وقيل : إنه مفعول لأجله والجملة معطوفة على ابتلوا الأعلى جواب الشرط لفساد المعنى لأنّ الأوّل بعد البلوغ وهذا قبله، ويكبروا بفتح الباء من باب علم في السن وأمّا بالضم فهو في القدر والشرف، فإذا تعدّى الثاني بعلى كان للمشقة نحو كبر عليه كذا، ومعنى مبادرة الكبر إتلافه قبله لئلا ينزعه منه إذا كبر، وتخصيص اكل الذي هو أساس الانتفاع وتكثر الحاجة إليه يدل على


الصفحة التالية
Icon