ج٣ص١٠٩
( ظالمين أو على وجه الظلم ) في نصب ظلماً وجوه الحالية وإليه أشار بقوله ظالمين والمفعولة لأجله المصدرية وقوله : على وجه الخ قيل إنه إشارة إلى أنه تمييز، وقيل إلى المصدرية وأن أصله كل ظلم ومعنى أكل الظلم أن يكون على وجهه. قوله :( ملء بطوئهم ) في الكشاف يقال أكل فلان في بطنه وفي بعض بطنه قال :
كلوأفي بعض بطنكموتعفوا فإن زمانكم زمن خميص
قال النحرير : المظروف المفعول أي المأكول لا الفاعل كما إذا حلف ليضربنه في المسجد وسيأتي تفصيله في سورة الأنعام وحقيقة الظرفية المتبادر منها الإحاطة بحيث لا يفضل الظرف على المظروف فيكون الأكل في البطن ملء البطن وفي بعض البطن دونه، وإذا قيل للجماعة كلوا في بعض البطن كان غاية في القلة فإن قلت هذا ينافي قول الأصوليين إنّ الظرف إذا جز بفي لا يكون بتمامه ظرفاً بخلاف المقدرة فيه فنحو سرت يوم الخمس لتمامه وفي يوم الخميس لغيره.
( قلت ) قيل هذا مذهب الكوفيين، والبصريون لا يفرقون بينهما كما بين في النحو والظاهر أن ما ذكره أهل الأصول فيما يصح جرّه بفي ونصبه على الظرفية، وهذا ليس كذلك لأنه لا يقال أكل بطنه بمعنى في بطنه فليس مما ذكره أهل الأصول في شيء، وهو مثل جعلت المتاع في البيت فهو صادق عليه وعدمه لكن الأصل فيه الأوّل كما ذكروه فاعرفه، وكذا ما يمنع دخول في عليه فهو من قبيل قاله بفيه مما يفيد التأكيد المناسب للملء، والجار والمجرور متعلق بياً كلون أو حال من ناراً لتقدمه عليه. قوله :) ما يجرّ إلى النار ويؤوّل إليها الخ ) جعل النار مجازاً مرسلا من ذكر السجب وإرادة المسبب، وجوّز فيه الاستعارة على تشبيه ما أكل من هذا بالنار لمحق ما معه وهو بعيد وأبو بردة بضم الباء وسكون الراء ودال مهملة، وفي نسخة برزة كواحدة البروز وهو المصحح فالأولى كأنها تصحيف والحديث المذكور روأه ابن حبان وابن أبي شيبة، وهو مؤيد لما فسر به لاحتراق أجوافهم في قبورهم ويحتمل أنه إشارة إلى أنه يجوز حمله على ظاهره فتأفل. قوله :) سيدخلون نارا وأي نار الخ ) هذا بيان للمعنى المراد منه وحقيقته ما أشار إليه بعده، وأصل الصلى القرب من النار فاستعمل في لازم معناه، وظاهر
كلامه أنه متعد بنفسه وقيل : إنه يتعدى بالباء فيقال صلى بالنار، وذكر الراغب أنه يتعدّى بنفسه تارة وبالباء أخرى وسعيراً بمعنى مسعراً وموقداً، وتوله : وأي ناراً لتعظيم مستفاد من التنكير. قوله :) يأمركم ويعهد إليكم الخ ) الوصية كما قال الراغب : أن يقدم إلى الغير ما يعمل فيه مقترنا بوعظ من قولهم أرض واصية متصلة النبات، وهي في الحقيقة أمر له بعمل ما عهده إليه فلذا فسرها المصنف رحمه الله تعالى بما ذكر وقوله :( في شأن ) قدر المضاف ليصح معنى الظرفية، وقيل في بمعنى اللام وقوله : وهو إجمال الخ بيان لموقع الجملة فإنها مفسرة للوصية التي في ضمن الفع! فلا محل لها من الإعراب ولا حاجة إلى تقدير قول أي قائلا ونحوه وجوّز فيها أن تكون مفعولاً ليوصي لأن فيه معنى القول فيحكي به الجمل على أحد المذهبين المعروفين. قوله :( أي يعدّ كل ذكر بأنثيين الخ ) إنما قيده بقوله : حيث اجتمع الصنفان أي من الذكور والإناث يعني واتحدت جهة إرثهما لأنه قد ينقص الذكر عن الأنثى في بعض الصور، وهذا أغلبي أيضا لتساوي الذكور والإناث من أولاد الأم كما سيأتي فمان كان المراد بيان حكم اجتماع الابن والبنت على الإطلاق، وهو الظاهر لم يحتج إلى تقييد أصلاً فتأمّل. قوله :( وتخصيص الذكر بالتنصيص! على حظه الخ ) يعني أنّ الآية نزلت لبيان المواريث رداً لما كانوا عليه من توريث الذكور دون الإناث ومقتضاه الاهتمام بالإناث وأن يقال للاثنين مثل حظ الذكر لكنه عكس هنا فأشار إلى أنّ حكمته إنّ الذكر أفضل ففعل ذلك لفضله، ولأنّ ذكر المحاسن أليق بالحكيم من غير ولذا قال تعالى :﴿ إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ [ سورة الإسراء، الآية : ٧ ] فلذا قدم ذكر الإحسان وكرّره دون الإساءة فلذا جعل الأوّل صريحا ونصاً والثاني ضمنا وعدل عن مقتضى الظاهر، وفضله معلوم من الخارج أو من تضعيف حظه، أو أنه مقتضى الظاهر، والمقصود هنا أن الذكور أولى فيكفي للأولوية تضعيف نصيبهم وهو كالقول بالموجب وقيل المقصود بالبيان تنقيص حظ الذكور عما كانوا عليه وذلك يقتضي التنصيص عليهم، وهو