ج٣ص١٢١
ما ذكر من كون الشرط مانعا مما ذكر ممنوع فإنه مبني على اعتبار مفهوم الشرط ونحن لا نقول به مع أنه غير عام، ولو سلم عمومه فقط خص ما فيه بعض المحرمات النسبية فيجوز تخصيصه بعد ذلك بالحديث فتأمل، وفيه كلام في بعض شروح الهداية فإن أردته فانظره، وقوله : ما لبس بزنا هو مذهب الشافعي وعندنا تحرم المصاهرة به. قوله :( احتراز عن المتبنين الخ ( المتبني بصحيغة المفعول المتخذ ابنا، وذكر بعضهم فيه خلافا للشافعي رحمه الله والمنقول عنهم أنّ ذكر الأصلاب لإحلال حليلة المتبني لا لإحلال حليلة الابن من الرضاع ولا حليلة ابن الابن كمذهبنا بلا خلاف. قوله :( والظاهر أن الحرمة غير مقصورة على النكاح ( فيشمل التسرّي وقوله : حرّمتهما الخ ذكره في الموطأ وقوله : مخصوصة الخ أي في غير الأختين. قوله :( ما اجتمع الحلال والحرام الأغلب الحرام ) قالوا : هذه القاعدة مقرّرة، ولم يخرج عنها إلا بعض أمور نادرة لكن الكلام في كونه حديثاً فقال العراقيّ : لا أصل له وقال السبكي رحمه الله : في الأشباه إنه حديمث ضعيف، رواه جابر رضي الله عنه وكذا قال الزركثيّ وقد عورض الحديث المذكور بما رواه ابن ماجه والدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنهما لا يحرّم الحرام الحلال، وجمع بينهما بأنّ المحكوم في الأوّل إعطاء الحلال حكم الحرام تغليبا واحتياطاً لا صيرورته في نفسه حراما وغلب الحرام بمعنى أنّ تركه أرجح كما في الحديث :" دع ما يريبك إلا ما لا يريبك ". قوله :( استثناء من لارّم المعنى الخ ( قد تقدّم الكلام في هذا التركيب، وما فيه من
الوجوه وهل هو متصل أو منقطع وأنّ بينهما فرقاً يؤخذ من التذييل واليه يشير قول المصنف رحمه الله لقوله : إنّ اللّه كان غفوراً رحيماً، وأمّا قصد التأكيد والمبالغة هنا فلا يناسب قوله :﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾ ولذا تركوه ولم يتعرضوا له هنا لأنّ الغفران والرحمة لا يناسب تأكيد التحريم فلو اقتصر على الوجه الثاني لكان أولى. قوله :( ذوات الآزواج الخ ( وأصل معناه لغة المنع وحصنت المرأة عفت وأما أحصن، فجاء في اسم فاعله محصنة ومحصنة بالكسر والفتح وقال ابن الأعرابيّ : كل أفعل اسم فاعله بالكسر إلا ثلاثة أحرف أحصن وألفج إذا ذهب ماله وأسهب كثر كلامه وقد قرأ السبعة غير الكسائي المحصنات في جميع القرآن بفتح الصاد وقرأها الكسائي بالكسر إلا في هذه الآية فإنه فتحها وحكى أبو عبيدة إجماع القراءة على فتحها في هذه المواضع، وقال : من فتح ذهب إلى أنّ المراد ذوات الأزواج أي أحصنهن أزواجهن ومن كسر ذهب إلى أنهن أسلمن فأحصن أنفسهن، والإحصان في المرأة ورد في اللغة فاستعمل في القرآن بأربعة معان :
الإسلام والحزية والتزوّج والعفة وزاد الرافعيّ العقل لمنعه من الفواحش كذا بخط العلائيّ وتفصيله في غير هذا المحل، والإحصان من الحصن ومنه درع وفرس حصان لكونه حصيناً لراكبه.
قال الشاعر :
إنّ الحصون الخيل لا مدر القرى
ويقال حصان للعفيفة، ويقال : امرأة محصن بالكسر إذا تصوّر حصنها من نفسها وبالفتح
إذا تصوّر من غيرها والمحصنات بعد قوله : حرمت بالفتح لا غير وفي سائر المواضع بالفتح والكسر لأن اللواتي حرم التزوّج بهن المتزوّجات دون العفيفات وفي سائر المواضسع يحتمل الوجهين كذا قال الطيبي : وقال أبو البقاء : القراء السبعة على فتح الصاد هنا فقول المصنف رحمه الله هنا ( وقرأ الكسائي الخ أليس على ما ينبغي لأنه متفق على الفتح هنا، وفي نسخة في غير هذا الحرف فلا إشكال وبعض الناس أوردها وفسرها بما أفسدها، والمحصنات معطوف على فاعل حرمت. قوله :( أحصنهن التزويج ) إشارة إلى توجيه الفتح وأنه اسم مفعول لا اسم فاعل على خلاف القياس كما مرّ. قوله :) ﴿ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾ الخ ا للعلماء هنا ثلاثة أقوال ترجع إلى معنيين في المحصنات.
أحدها : أن المراد به المزوجات أي هن حرام إلا على أزواجهن والمراد بالملك مطلق
ملك اليمين فكل من انتقل إليه ملك أمة يبيع أو هبة أو سباء أو غير ذلك، وكانت مزوجة كان
ذلك الانتقال مقتضيا لطلاقها وحلها كمن انتقلت إليه وهو قول ابن مسعود وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم.
والثاني : تخصيص الملك بالسباء خاصة فإنه المقتضي لفسخ النكاح وحلها للسابي دون غيره، وهو قول عمر وعثمان وجمهور الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة كما سيأتي.
والثالث : إنّ المحصنات أعم من العفائف والحرائر