ج٣ص١٤٠
تغتسلوا على الاستثناء هو الظاهر، أما الأوّل فإنّ المراد بغير عابري السبيل غير معذورين بعذر شرعي إما بطريق
الكناية أو بإيماء النص ودلالته، والداعي إلى عدم التصريح أنه أبلغ وأوكد منه لما فيه من الإجمال والتفصيل ومعرفة تفاضل العقول والإفهام، وأنّ المراد أوّلاً بيان غير المعذورين والاستثناء إيماء إليه وفيما بعده بيان حال المعذورين والمقصود هو صحة الصلاة جنبا ولا مدخل لقوله : حتى تغتسلوا فيه ولذا أخر، وإنما ذكر تنبيها على أنّ الجنابة إنما ترتفع بالاغتسال، ولولا ذلك كان ذكره لغواً وبما ذكر علم كلام المصنف رحمه الله فنزله على ما مر. قوله :( وفيه دليل على أنّ التيمم لا يرفعا الحدث ) هذا مما وقع فيه الخلاف عندنا وعندهم أيضاً، ووجه الدلالة كما قال الجصاص : أنه سماه جنبا مع كونه متيمما ومن لا يراه يقول لم يوصف الجنب بأنه متيمم، وإن كان يعلم ذلك من الآية المتصلة به فيجوز أن يكون وصفه بالجنابة قبل التيمم فإن محصل معنى الآية لا تقربوها جنبا حتى تغتسلوا، إلا عابري سبيل فاقربوها بلا اغتسال بالتيمم لأنّ المعنى فاقربوها جنبا بلا اغتسال بالتيمم فالرفع، وعدمه مسكوت عنه، ثم استفيد كونه رافعاً من خارج وقيل هو من قوله حتى تغتسلوا. قوله :( ومن فسر الصلاة الخ ) على أنه مجاز أو بتقدير مضاف، وربما يرشحه أنه قيل لا تقربوا مع أن لا تصلوا أخصر لأنّ حقيقة القرب والبعد في المكان وليس من استعمال لفظ الصلاة في حقيقته ومجازه، والموجب للعدول عن الظاهر توهم لزوم جواز الصلاة جنباً حال كونه عابر سبيل لأنه مسحنى من المنع المغيا بالاغتسال، وليس بلازم لوجوب الحكم بأنّ المراد جوازها حال كونه عابر سبيل أي مسافراً بالتيمم لأنّ مؤدي، التركيب لا تقربوها جنبا حتى تغتسلوا إلا حال عبور السبيل فلكم أن تقربوها بغير اغتسال، نعم مقتضى ظاهر الاستثناء إطلاق القربان حال العبور لكن ثبت اشتراط التيمم فيه بدليل آخر وليس ببدع، وعلى هذا فالآية دليلهما على منع التيمم للجنب المقيم في المصر ظاهرا، وجوابه أنه خص حالة عدم القدرة على الماء في المصر من منعها كما أنها مطلقة في المريض، والإجماع على تخصيص حالة القدرة حتى لا يتيمم المريض القادر على استعمال الماء وهذا للعلم بأنّ شرعيته للحاجة إلى الطهارة عند العجز عن الماء فإذا تحدد في المصر جاز وإذا لم يتحقق في المريض لا يجوز، وقوله وقال أبو حنيفة الخ نحو منه في الكشاف لكن المذكور في فقه الحنفية منع الدخول في المسجد مطلقا وكذا نقله الجصاص في الأحكام إلا أنه نقل عن الليث أنه لا يمرّ فيه إلا أن يكون بابه إلى المسجد، وهو قريب منه وذكر أنه صح أنه رخصة لعلي رضي الله عنه وكرم وجهه خاصة. قوله :( غاية النهي الخ ) وجه التنبيه المذكور أنه إذا وجب تطهير البدن فتطهير القلب أولى، أو أنه إذا لم يقرب مواضع
الصلاة من به حدث فلأن لا يقرب القلب الذي هو عرش الرحمن خاطر غير طاهر ظاهر. قوله :( مرضاً يخاف معه الخ ( ليس مراده أن المرض مخصص بصفة مقدرة بل بيان للحكم المأخوذ من الآية، وتحقيقه فلا يرد عليه أنه لا حاجة إلى هذا التقييد لأنه مأخوذ من قوله فلم تجدوا كما سيأتي في تفسيره، وجعله راجعاً إلى غير المرضى لا وجه له، واعادة على سفر على أحد التفسيرين تتميم للأقسام ولأنّ الاستثناء كني به عن العذر كما مرّ ولأنّ هذا الحكم مطلق شامل للحدثين والأوّل للجنب فقط والمرض المانع تمكنه من الوصول له ككونه مقعداً. قوله :( فأحدث الخ ) يعني أنّ الغائط المكان المطمئن أي المنخفض وهو الغيط أيضا وبه قرأ ابن مسعود رضي الله عنه، ولذا استعملوه بمعنى البستان ثم إنه كني به عن الحدث المعروف لأنه مما يستحيا من ذكره لا إنّ في الكلام مقدراً بهما توهم، وفي ذكر أحد فيه دون غيره إشارة إلى أنّ الإنسان ينفرد عند قضاء الحاجة كما هو دأبه وأدبه. قوله :( استدل الشافعئ رضي اللّه عنه على أنّ اللمس الخ ) لأنّ الحمل على الحقيقة هو الراجح لا سيما في قراءة من قرأ لمستم إذ لم يشتهر في الوقاع كالملامسة، وفي الكشف ورجح بعضهم الحمل على الوقاع في القراءة الأخرى ترجيحا للمجاز المشهوو وعملاً بالقراءتين إذ لا منافاة، وآخرون إنها على الحقيقية أيضاً دالة على حدث اللام! والملموس وقد نقله صاحب الإتقان وحسنه. قوله :( فلم تتمكنوا من استعماله الخ ) المراد بالممنوع غير


الصفحة التالية
Icon