ج٣ص١٥١
أو هو عائد على القتل والخروج، وللعطف بأو لزم توحيد الضمير لأنه عائد لأحد الأمرين ولذا اعترض! على الإمام الرازي في جعله الضمير عائداً إليهما معاً بالتأويل لنبوّ الصناعة عنه. قوله :( أو على إلا فعلا قلبلاَ ) قيل عليه الوجه الأوّل لتوافق القراءتين معنى، ولأنّ لفظ منهم صفة قليلاً فإن كان بمعنى ناساً قليلاً أفاد التوصيف وإن كان بمعنى فعلا قليلاَ، كان زائدا لا حاجة إليه كقولك ما ضربوا زيداً إلا ضرباً قليلاً منهم. قوله :( نزلتا في حاطب بن أبي بلتعة وضي الله عنه الخ ) حاطب فاعل من الحطب بمهملتين صحابى بدري وبلتعة بفتح الباء الموحدة وسكون اللام والتاء المثناة الفوقية والعين المهملة، وهذا الحديث أخرجه الستة بلفظ خاصم الزبير رضي اللّه عنه رجلا من الأنصار ولم يسموه.
وقال الطيبي : تسمية حاطب بن أبي بلتعة خطأ، وهو صحابي بدريّ شهد له بالإيمان في سورة الممتحنة فهو أجل قدراً من أن يصدر عنه ما يغير خاطر رسول الله ﷺ مع أنّ الرجل المذكور من الأنصار، وحاطب بن راشد لخمي حليف قريش، ويقال إنه من مذحج وقيل من أهل اليمن وأكثر أنه حليف لبني أسد بن عبد العزى كما في الاستيعاب فليس أنصاريا، وقيل عليه إنّ تسمية حاطب بن أبي بلتعة أخرجها ابن أبي حاتم من مرسل سعيد بن المسيب بسند قوي، وتعقب بأنه من المهاجرين لا من الأنصار وقول القرطبي رحمه الله : إنه من الأنصار نسباً لا ديناً إن كان منافقا، ويحتمل أنه غير منافق وإنما صدر منه ذلك لبوادر الغضب خطا وليس بمعصوم ينافي ما نقل عن الاسنيعاب.
وقال ابن حجر حكى الواحدي بلا سند أنه ثعلبة بن حاطب الأنصاري، وحكى ابن بشكوال عن ابن مغيث أنه ثابت بن قيس بن شماس، ولم يأت بشاهد، والشراح بشين معجمة مكسورة وراء مهملة، وجيم بعد ألف جمع شرح، وهو مسيل الماء، والحرّة أرض ذات حجارة سود والجدر بفتح فسكون الدال المهملة الجدار الصغير، والمراد ما يحفظ المزرعة ويسميه أهل مكة الموز والمرز كأنه معرب لأنه بالفارسية بمعنى الحذ كمعز ولدّا لم يذكر في اللغة فاحفظه.
وقوله :( لأن كان ( بفتح الهمزة أي ذلك الحكم والقضاء لأجل أنه ابن عمتك لأنّ أمه
صفية بنت عبد المطلب وأن مصدربة لا مخففة من الثقيلة، وكان حكمه عليه الصلاة والسلام أوّلاً بطريق اللطف به واعطائه فوق حقه فلما صدر منه ذلك أتم حق الزبير رضي الله عنه، وللقصة تتمة في الكشاف يعلم منها وجه مناسبة ذكرانا كتبنا الخ وتركها المصنف فكأنها لم تثبت عنده. قوله :( جواب لسؤال مقدّر الخ ) اعلم أنّ النحاة قالوا إنها حرف جواب وجزاء، وهل هذان المعنيان لا زمان لها أو تكون جوابا فقط قولان الأوّل قول سيبويه رحمه الله، والثاني قول الفارسي فإذا قال قائل : أزورك غداً فقلت إذن أكرمك فهي جواب وجزاء، وإذا قلت إذن أظنك صادقا كانت جوابا فقط فقد التزموا فيها أن تكون جوابا، واستشكله ابن هشام بأنه إن أريد به جواب الشرط كما هو الظاهر من الجزاء، وقولهم : لا بد قبلها من شرط ملفوظ أو مقدر بطل استعمالها في نحو إذن أظنك صادقا بعد قول القائل أنا أحبك وهذا لا مجازاة فيه.
( قلت ) وكذا يبطله اقترانها بالواو وأخواتها وتوسطها في الكلام، وان أريد به ما يراد بقولهم نعم حرف جواب فهم لم يعدوها منها ومقتضا. صحة الاقتصار عليها كنعم وأخواتها، وبالتفسير الأوّل يفصح كلام الفارسي، وبالثاني قول شارح الحماسة في قوله :
إذن لقام بنصري معشر خشن
قال سيبويه إذن حرف جواب وجزاء فيكون هذا القائل قدر أن سائلاً سأله فقال ماذا كانوا يصنعون فقال إذن لقام بنصري الخ. فهو جواب لهذا السائل، وجزاء للتهييج على فعله، ثم قال ويجوز أن يكون أجاب بجوابين مثل لو كنت حراً لاستقبحت ما يفعل العبيد لاستحسنت ما يفعل الأحرار، وابن جني رحمه الله يجعله بدلاً من الجواب، ويجوز أن تكون اللام جوابا لقسم مقدّر، وهو يقتضي أنّ الجواب بالمعنى اللغوي لا الاصطلاحي، وهو مخالف لكلامهم، وقد قيل عليه أنه تطويل بلا طائل، وليس المراد بالجواب أحد هذين المعنيين بل مرادهم أنّ إذن لا تكون في كلام مبتدأ بل في كلام مبني على شيء تقدمه ملفوظ أو مقدر سواء كان شرطا أو كلام سائل أو نحوه كما أنه ليس المراد بالجزاء المصطلح بل ما يكون مجازاة لفعل فاعل سواء السائل وغيره، وبه اندفعت الشبه بأسرها، وهذا