ج٣ص١٦٢
والضغن الحقد يقول رب ذي حقد عليّ كففت السوء عنه مع القدرة عليه، وإذا كان بمعنى شهيداً وحافظا من القوت الحاضر الذي به حفظ البدن فأصله مقوت فأعل كمقيم، وهذا على التفسير الثاني وقيل عليهما. قوله :( الجمهور على أنه في السلام )، ويدل على وجوب الجواب لصيغة الأمر، وقال الجمهور لما سيأتي أنه في الهبة، ووجوب الجواب للمسلم هو الصحيح لكن على الكفاية، وقوله : فإن قاله أي ورحمة الله زاد أي المجيب، وبركاته، ولا زيادة على ذلك كما ورد في الحديث، وقوله : إمّا الخ إشارة إلى أنه واجب مخير إذ بالزيادة المسنونة يقع ذلك الواجب. قوله :( لما روي أنّ رجلاَ قال لرسول الله ﷺ الخ ) أخرجه أحمد والطبراني عن سلمان الفارسي، وهذا تعليل الجمهور على أنه في السلام لقوله فأين ما قال الله الخ لا
للوجوب إذ لا دلالة في الحديث عليه، وتوله : فرددت عليك مثله إنما كان مثله مع أنه لم يقل إلا وعليك لأنّ عطفه على كلامه يقتضي اشتراكهما فيما ذكر فكأنه قال : وعليك ذلك. قوله :( وهذا الوجوب على الكفاية الخ ) نقل السيوطي أنّ الأصح من مذهب الشافعي رحمه الله تعالى وجوب الردّ حال الخطبة، وقيل : إنه مستحب، وقيل مباج، وأما القارئ ففي روضة النووي أنّ الأولى ترك السلام عليه فإن سلم عليه كفاه الردّ بالإف ر! والأظهر أنه يرذ باللفظ وقوله، ونحوها كالأكل والصلاة، وحال الآذان، والإقامة، والجماع. قوله :) ومنه قيل أو للترديد الخ ) ضمير منه للحديث أو لجميع ما مرّ، ومن تعليلية أو ابتدائية لأنه نشأ منه كما يقولون، ومن ههنا يقال كذا يعني قيل إنّ الأمر بالأحسمن فيما إذأ أتى المسلم ببعض التحية، والأمر بالرد فيما إذا أتى بتمامها إذ لا أحسن منها حتى يؤتى به، ولما كان عينه جعل كأنه رذ إليه ما أخذ منه، وقوله : وذلك إشارة إلى أنه أي السلام عليك، ورحمة الله وبركاته تمام التحية لأنّ السلام دعاء بالسلامة عن أقسام المضار وحصول المنافع من الرحمة أي الأنعام وثباتها أي المنافع، وقيل : إنه راجع لها، وللسلامة والثبات من قوله وبركاته لأنّ البركة كما حققه الراغب رحمه الله تعالى ثبوت الخير الإلهي في الشيء لأن مأخذ اشتقاقه يدل على اللزوم كالبرك لصدر البعير، ومنه بركة الماء لغير الجاري منه. قوله :( والتحية في الآصل مصدر الخ! يعني أصل معنى حياك الله جعلك حياً ثم استعمل لما ذكره من الدعاء بالحياة كقولهم عمرك الله وقوله : فغلب بالتخفيف، والتشديد، وقيل : معناه البقاء، والملك، ومنه التحيات لله. قوله :) وقيل المراد بالتحية العطية ( أي الهبة، ولذا قال على المتهب لأنّ التحية تطلق على الهدية، وهي هبة، والثواب عوضر الهبة، والشافعي رحمه الله تعالى له في أكثر المسائل قولان فما تاله ببغداد قوله القديم وما قاله بمصر. قوله : الجديد يعني أن قوله القديم، وهو ضعيف عندهم أنه لا بد في الهبة من العوض أو الرذ على مالكها، قوله : الجديد كمذهبنا، وأعلم أنهم قالوا لو قال السلام عليك ورحمة اللّه وبركاته فقال : عليك السلام فقط أجزأه لكنه خلاف الأولى، وظاهر الآية، وكلام المصنف رحمه الله تعالى خلافه، وفي الكشاف من قال لآخر أقرئ فلاناً السلام وجب عليه أن يفعل، وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى لا يسلم على لاعب الشطرنج، والنرد والمغني، والقاعد لحاجته ومطير الحمام، والعاري من غير عذر في حمام أو غيره، وذكر الطحاوي أن المستحب رذ السلام على الطهارة، ويتيمم لرذه ويسلم الرجل على امرأته لا الأجنبية، ويسلم الماشي على القاعد، والراكب على الماشي، وراكب الفرس على راكب الحمار، والصغير على الكبير،
والأقل على أكثر، وعنه ﷺ :" إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم ) أفي وعليكم ما قلتم، ولا يبدأ ذميّ بسلام فإن بدأ فقل وعليك ورخص! بعضهم في بدئهم بالسلام إذا دعت إليه داعية، ولا يسلم عليهم في كتاب، ولا غيره فإن فعل قال : السلام على من اتبع الهدى، وجوابه بقوله، وعليك روي بالواو و " ركها كما فصله الطيبي، وقوله : وقيل المراد بالتحية العطية هو قول لأبي حنيفة رحمه الله تعالى قيل لأنّ السلام قد وقع فلا يردّ بعينه فلذا حمل على الهدية وأجيب بأنه مجاز كقول المتنبي :
قفي تغرم الأولى من اللحظ مقلتي بثانية والمتلف الشيء غارمه