ج٣ص١٦٥
أظهر وأجرى على أسلوب كلام العرب لأنهم إذا استثنوا بينوا حكم المستثنى تقريراً، وتوكيداً فيقولون ضرب القوم إلا زيدا فإنه لم يضرب فلو عطف على الصفة كان مثل ضرب القوم إلا جار زيد فإن زيدا لم يضرب حتى يعلم منه أنّ جاره لم يضرب مع ما فيه من فك الضمائر، وقال الإمام جعل الكف عن القتال سببا لترك التعرض أولى من جعل الاتصال بمن يكف عن القتال سبباً لأنه سبب بعيد على أن المتصلين بالمعاهدين ليسوا معاهين لكن لهم حكمهم بخلاف المتصلين بالكافين فإنهم إن كفوا فهم هم والا فلا أثر له. قوله :( وقرئ بنير العاطف على أنه صفة بعد صفة الخ ) يرد عليه أنه إذا كان قوله فإن اعتزلوكم يأبى عن عطفه على الصفة، ويجعله مرجوحا، فبطريق الأولى كونه صفة فلم قدّمه هنا، وقد أخره في الكشاف، ويدفع بأن له مرجحا هنا، وهو وقوع الجملة بعد النكرة بدون عاطف فإنه في مثله المعهود إنه صفة فقد عضده معنى آخر فتأمّله وعلى الاستئناف يكون جواباً لسؤال أي كيف وصلوا إلى المعاهدين كذا قيل، والصواب أن يقدر كيف كان الميثاق بينكم، وبينهم كما يؤخذ من الدرّ المصون، وقيل إنّ الأولى تخريج هذه القراءة على حذف العاطف لأنه على الوصفية يقتضي أنه لا بد من اجتماع الوصفين في عدم التعرض لهم، وليس بشيء كما يؤخذ مما مرّ في تقدير السؤال. قوله :( أو بيان ليصلون الخ ) قيل عليه البيان لا يكون في الأفعال، وفي الكشاف أو بدلاً وأورد عليه أنه ليس إياه، ولا بعضه، ولا مشتملا عليه وجوابه أنّ الانتهاء إلى المعاهدين، والاتصال بهم حاصله الكف عن القتال فصح جعل مجيئهم إلى المسلمين هكذا بيانا أو بدلاً، وكونه لا يجري في الأفعال لا يقول به أهل المعاني، وهكذا يعلم حال كون حصرت بيانا لجاؤوكم. قوله :( حال بإضمار قد الخ ) ويؤيده قراءة الحسن حصرة، وقيل : إنها جملة دعائية ورد بأنه لا معنى للدعاء على الكفار بأن لا يقاتلوأ قومهم بل بأن يقع بينهم اختلاف وقتل، وإذا كان صفة للحال لا حاجة إلى تقدير قد، وما قيل إنّ المقصود بالحالية هو الوصف لأنها حال موطئة فلا بد من قد سيما عند حذف
الموصوف فما ذكر التزام لزيادة الإضمار من غير ضرورة غير مسلم. قوله :( وحصرات ) فيه نظر فإنه يجوز أن يكون صفة لقوم سببية لاستواء نصبه وجره، وقد يجاب عنه بأنّ الوصف الرافع لظاهر يوحد أو يجمع جمع تكسير، وجمعه جمع تصحيح قليل فهذا يؤيد الحالية، وفيه نظر وبنو مدلج قوم معروفون من العرب بالقيافة، والحصر بفتحتين ضيق الصدر من الجبن. قوله :( أي عن الخ ( أي هو على تقدير الجارّ أو مفعول له مقدر له مضاف، وقوله : بأنه قوّى قلوبهم يعني أنّ التسليط عليهم معناه ما ذكر، والمقصود الامتنان على المؤمنين بأنّ تركهم القتال بسبب أن الله لم يسلطهم، وقذف في قلوبهم الرعب. قوله :( فلقاتلوكم ) اللام جوابية لعطفه على الجواب ولا حاجة لتقدير لو وسماها مكيّ، وأبو البقاء لام المجازاة والازدواح، وهي تسمية غريبة وفي الإعادة إشارة إلى أنها جواب آخر مستقل، والسلم بفتحتين الانقياد، وقركما بسكون اللام مع فتح السين، وكسرها، وكأنّ إلقاء السلم استعارة لأنّ من سلم شيئاً ألقاه، وطرحه عند المسلم له وعدم جعل السبيل مبالغة في عدم التعرّض لهم لأنّ من لا يمرّ بشيء كيف يتعرّض له. قوله :( هم أسد الخ ) هاتان قبيلتان، وقيل الآية في حق المنافقين، ومرّ تفسير أركسوا وتحقيقه، وقوله : وينبذوا إليكم العهد فسر السلم هنا بالعهد، وهو قريب من الأوّل لما سيأتي، وثقف بمعنى وجد والتمكن من الشيء في قوّة وجدانه، وقوله : مجرّد الكف يعني بدون المعاهدة التي يكون له بها ذمة، وجوز في السلطان أن يكون بمعنى الحجة ومصدراً بمعنى التسلط. قوله :( وما صح له وليس من شأنه ) ما كان وما ينبغي يستعملان بمعنى لا يليق، ولا يصح والمراد بنفي الصحة نفي الإمكان دون الصحة الشرعية، والمقصود منه المبالغة، والا فالقتك لا يخرج عن الإمكان، وقيد القتل بغير
حق لأنه هو المنفيئ. قوله :( فإنه على عرضته ونصبه على الحال الخ ) معنى كونه على عرضته بضم فسكون وضاد معجمة أي لا يزالون يقعون فيه اضطراراً لأنهم يحاربون، ولا يخلو المقاتل من خطا فلذا ترك القصاص فيه دفعا للحرج وفي نصبه وجوه، وذكر المصنف منها ما ذكر، وتقديره الحال بقوله : في شيء من الأحوال لأنّ الحال في معنى الظرف، وقريب منها كما صرّحوا به فلا يقال إنه يقتضي أنه ظرف لا حال ألا ترى أنّ معنى