ج٣ص١٧١
وقاسوا عليهما ثم فليس ما ذكر في البيت نظيرا للآية. قوله :( وألحق الخ ) هو من شعر
سأترك منزلي لبني تميم وألحق بالحجاز فأستريحا
وفي الكشف وجهه أنه مستقبل مطلوب فجرى مجرى الأمر، ونحوه وكذلك المقصود
من الآية الحث على الخروج، وهو في الآية أقوى لأنّ الشرط شديد الشبه بغير الموجب، وقيل : إنه من عطف المصدر على المصدر المتوهم مثل أكرمني، وأكرمك أي ليكن منك إكرام ومني، وهذا الشعر للمغيرة الحنظلي وروي لأستريحا فلا شاهد فيه، ومعنى الآية أنّ من هاجر لله، ولرسوله ﷺ فأدركه الموت في طريقه فأجره على الله، وكذا كل من سار لأمر فيه ثواب. قوله :( الوقوع والوجوب الخ ) يعني أصل معناهما السقوط قال تعالى :﴿ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا ﴾ [ سورة الحج، الآية : ٣٦ ] ثم استعملا بمعنى وهو اللزوم، والثبوت، ومنهم من لم يفهم هذا وظنه مشكلاً قال الراغب الوقوع هنا تأكيد للوجوب فأعرفه والوجوب على الله بمقتضى وعده وتفضله مذهبنا لا الوجوب العقلي الذي ذهبت إليه المعتزلة. قوله :( والآية الكريمة نزلت الخ ) أخرجه ابن جرير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه، واختلف في اسمه فقيل ضمرة بن جندب، وقيل جندب بن ضمرة وصحح هذا في ألاستيعاب، وفي الإصاية وفي اسمه عشرة أقوال منها ضمرة ابن القيس صحابيّ كان أعمى وله مال وسعة، وهذه نزلت فيه خاصة كما رواه ابن حجر في الإصابة، وقيل : نزلت في أكثم بن صيفي لما أسلم، ومات، وهو مهاجر قاله ابن الجوزي رحمه الله، وكان بلغه هذا النهي وهو بمكة لما بعث النبيّ ﷺ بهذه الآية إلى مسلمي مكة فقال لبنيه احملوني فإني لست من المستضعفين، واني لأهتدي الطريق واني لا أبيت الليلة بمكة فحملوه على سرير متوجها إلى المدينة، وكان شيخاً كبيراً فمات بالتنعيم، ولما أدركه الموت أخذ يصفق الخ، والتنعيم اسم موضع قريب من مكة، وقوله : هذه لك إشارة إلى اليمين وهذه إلى الشمال لا على قصد اعتقاد الجارحة لله بل على سبيل التصوير، وتمثيل مبايعة الله على الإيمان، والطاعة بمبايعة رسول الله ﷺ إياه، وقيل : إشارة إلى البيعة والصفقة، والمعنى أنّ بيعته كبيعة رسول الله ﷺ لا كبيعة الناس، ولما بلغ خبر موته الصحابة رضي اللّه عنهم قالوا : ليته مات بالمدينة فنزلت هذه الآية. قوله :( ونفي الحرج فيه الخ ( هذا مما اختلفوا فيه هل القصر عزيمة فلا يجوز الإتمام أم رخصة فيجوز ذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى الأوّل مستدلاً بأنّ الرباعية فرضت أوّلاً ركعتين ركعتين، ثم زيد عليها في الحضر، وأقرّت في السفر كما رواه
الشيخان عن عائشة رضي الله عنها، وذهب الشافعي رحمه الله إلى الثاني وأنه رخصة فيجوز الإتمام والإتيان بالعزيمة، وظاهر قوله فليس عليكم جناح معه، وأجابوا عن الحديث بأنه لو كان على ظاهره لما جاز لعائشة رضي الله عنها إتمامها مع أنه روي عنها مع أنه خبر واحد لا يعارض القرآن الصريح في أنها كانت زائدة عليه إذ القصر معناه التنقيص، والحديث مخصوص بغير المغرب، والصبح وحجية العامّ المخصوص مختلف فيها وقد خالفت عائشة رضي الله عنها روايتها، وإذا خالف الراوي روايته في أمر لا يعمل بروايته فيه، وقيل قولها فرضت الصلاة ركعتين الفرض هنا بمعنى البيان، وقد ورد بهذا المعنى ﴿ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ﴾ [ سورة التحريم، الآية : ٢ ] وقال الطبري معناه فرضت لمن اختار ذلك من المسافرين فإن قيل هل يوجد فرض بهذه الصفة قلنا : نعم كالحاج فإنه مخير في النفر في اليوم الثاني، والثالث وأيا فعل فقد قام بالفرض، وكان صواباً، وقال النووي رحمه الله المعنى فرضت ركعتين لمن أراد الاقتصار عليهما فزيد في الحضر ركعتان على سبيل التحتم، وأقرت صلاة السفر على جواز الإتمام، وثبت دلائل الإتمام فوجب المصير إليه جمعا بين الأدلة، وحديث عائشة رضي الله عنها أخرجه النسائي، والدارقطني وحسنه والبيهقي، وصححه والتمسك بظاهر الآية يقتضي أنّ الإتمام أفضل عنده، وحديث عمر رضي الله عنه أخرجه النسائي، وابن ماجه. قوله :) ولقول عائشة رضي الله عنها الخ ) أخرجه الشيخان، وقد مرّ ما فيه وا! النظم ولفظ القصر، وعمل الراوي يخالفه، والعبرة به عند الحنفية فقد تعارض رأيها وروايتها فلا يعمل بها، وقد قيل إنها أوّلت ما روت فلا تعارض بينهما قال