ج٣ص١٧٧
الإجماع
الخ ) فتكون حجة لأنّ الشافعيّ رحمه الله استدل بها على حجيته قال المزنيّ رحمه الله : كنت عند الشافمي يوما فجاءه شيخ عليه لباس صوف وبيده عصا فلما رآه ذا مهابة استوى جالساً، وكان مستندا لأسطوانة فاستوى، وسوى ثيابه فقال له : ما الحجة ف!ب دين الله قال كتابه قال، وماذا قال سنة نبيه قال، وماذا قال اتفاق الأمّة قال : من أين هذا الأخير أهو في كتاب الله فتدبر ساعة ساكتاً فقال له الشيخ أجلتك ثلاثة أيام بلياليهن فإن جئت بآية والا فاعتزل الناس فمكث ثلاثة أيام لا يخرج وخرج في اليوم الثالث بين الظهر والعصر وقد تغير لونه فجاءه الشيخ وسلم عليه، وجلس، وقال : حاجتي فقال : نعم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم قال الله عز وجل :﴿ وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ ﴾ الخ الآية لم يصله جهنم على خلاف المؤمنين إلا واتباعهم فرض قال صدقت، وقام وذهب.
وروي عنه أنه قال : قرأت القرآن في كل يوم، وفي كل ليلة ثلاث مرات حتى ظفرت
بها، وأورد الراغب عليه أنه لا حجة فيها على ما ذكره بأن كل موصوف علق به حكم فالأمر باتجاعه جمون في مأخذ ذلك الوصف فإذا قيل اقتد بالمصلي فالمراد في صلاته فكذا سبيل المؤمنين يعني به سبيلهم في الإيمان لا غير فلا دلالة في الآية على اتباعهم في غيره ورد بأنه تخصيص بما يأباه الشرط الأوّل ثم إنه إذا كان مألوف الصائمين الاعتكاف تناول الأمر باتباعهم ذلك أيضاً فكذلك يتناول ما هو مقتضى الإيمان فيما نحن فيه فسبيل المؤمنين، وان فسر بما هم عليه من الدين يعم الأصول، والفروع الكل، والبعض على أنّ الجزاء مرتب على كل من الأمرين المذكورين في الشرط لا على المجموع للقطع بأنّ مجرد مثاقة الرسول كافية في استحقاق الوعيد معنى على أنّ ترك اتباع سبيل المؤمنين اتباع لغير سبيل المؤمنين لأنّ المكلف لا يخلو من اتباع سبيل البتة، وعلى أنه ليس المراد بالمؤمنين آحاد الأمّة، ولا المجتهدين إلى انقراض الدنيا بل المجتهدون في عصر إلى غير ذلك من القيود كما بين في الأصول، وبهذا علم مراد المصنف رحمه الله، وما أشار إليه فتدبر.
تنبيه : قرّر الفخر هذا الدليل بأنه عطف اتباع سبيل غير المؤمنين على مثاقة الرسول،
وهي حرام فتلزم حرمته لأنه لا يصح أن يقال من زنى، وأكل الحلوى فارجموه.
وقال ابن الحاجب اتباع سبيل المؤمنين يحتمل مناصرتهم والاقتداء بهم في الإيمان والعمل، والعمل بظاهر الآيات إنما ثبت بالإجماع فيلزمه الدور بخلاف القياس وقريب منه قول الأصفهانيّ اتباع سبيلهم لما احتمل ما ذكر، وغيره صار عاما، ودلالته على فرد من أفراده غير قطعيّ لاحتمال تخصيصه بما يخرجه مع ما فيه من الدور كما مرّ، وأجاب عن الدور بأنه إنما يلزم لو لم يقم عليه دليل آخر، وعليه دليل آخر، وهو أنه مظنون يلزم العمل به لأنا إن لم نعمل به وحده إمّا نعمل به، وبمقابله أو لا بهما أو بمقابله، وعلى الأوّل يلزم الجمع بين
النقيضين، وعلى الثاني ارتفاعهما، وعلى الثالث العمل بالمرجوج مع وجود الراجح، والكل باطل فيلزم العمل به قطعا، وبقي عليه إيرادات ذكرها ابن التلمسانيّ مع أجوبتها ونطاق الكلام يضيق عنه المقام فانظره إن أردت. قوله :( كرره للتثيد الخ ) يعني ما ذكره سابقا في أوائل هذه السورة كرره إما تأكيداً أو لتكميل قصة طعمة بالوعد بعد الوعيد أو أنّ لها سبباً آخر في النزول، وهي قصة الشيخ المذكور التي رواها الثعلبيّ عن ابن عباس رضي الله عنهما قيل، وهذا هو الظاهر لأن التأكيد مع بعد عهده لا يقتضي تخصيص هذا الموضع فلا بد له من مخصص، وهربا حال واني لنادم بالكسر جملة حالية أو معطوفة على أني شيخ الخ، ويجوز فتحها عطفا على أني لم أشرك إلا أنه لا يحسن لإيهامه العطف على أني أعجز. قوله :( فإنّ الشرك أعظم الخ ) وفي معناه نفي الصانع، وفيه إشارة إلى أن المراد استعظامه، وقوله : دعوى التبني بتقديم الباء الموحدة أي بقولهم نحن أبناء الله، وأحباؤه لا بجعلهم الملائكة بنات الله كما قيل لأنها في حق اليهود كما مرّ. قوله :( كان لكل حئ صنم الخ ) تسميتهم الأصنام إناثاً لأنهم كانوا يجعلون عليها الحلي، وأسماؤها مؤنثة، وقد ردّ بأن منها ما اسمه مذكر كهب!، وود وسواع، وذي الخلصة، وقيل إنه باعتبار الغالب، وفيه نظر ثم استشهد على تسمية ما اسمه مؤنث أنثى بقوله : في لغز مشهور في القراد :