ج٣ص٢١٢
أنّ جملة يبتغون صفة آمّين حتى يرد عليه ما ذكر إذ مراده أنّ آفين، ويبتغون صفتان لموصوف مقدر، وهو قوم دفعا لما يرد عليه من أنّ آمّين إذا كان مفعول لا تحلوا عمل غير معتمد إلا أنه يرد عليه أنه إذا جاز الاعتماد على الموصوف المقدر كان اشتراط الاعتماد لغواً فلا يمتنع العمل في شيء من الصور لأنه ما من اسم فاعل إلا ويصح أن يقدر له موصوف كما قيل.
( أقول ) هذا زبدة ما هنا من القيل والقال، وليس بمتجه من وجوه الأوّل إن ما ادعاه الفاضل المحقق غير متعين لجواز أن يريد بيان حاصل معنى النظم، وأن لا تحلوا مؤوّل بلا تتعرضوا لأن الحل والحرمة لا تتعلق بالذوات، ولذا قدر في نحو أحل لكم النساء نكاح النساء ويجوز أن يريد ما فهمه المعرب بناء على أن الوصف المتأخر لا يمنع كما مر، وإن كان مثله يمنع مطلقاً كما توهمه صاحب الدرّ المصون حتى ذهب إلى عدم منعه قياساً على المصدر إلا أنه لا وجه له فقد قال في كتاب المواطن لا خلاف في جواز عمله إذا تأخر ولذا جزم به بعضهم هنا فهذا خطأ من المعترض، وغفلة ممن قبله وحاول دفعه بدليل آخر وأما اعتراضه على الزمخشريّ فيما نسبه إليه من الاعتماد على المقدّر بحديث اللغوية الذي سمعته فليس بشيء لأنّ النحاة صرحوا به كما قال في الألفية :
وقد يكون نعت محذوف عرف فيستحق العمل الذي وصف
وهو، وان توهمه وارداً غير مندفع ليس بشيء لأنه ليس كل اسم فاعل يصح أن يقدر له موصوف إذ يمنع منه موانع معنوية كعدم القرائن، وصناعية كما في نحو قولك ما ذاهب أخو! لأنه لا يصح أن يقدر له موصوف كرجل وشخص لعدم الرابط، وقد صرّحوا في باب النعت بأنّ الموصوف لا يحذف في كل موضع، وأنّ له مواطن يطرد فيها كان يكون الموصوف بعض اسم مجرور بمن أوفى قبله ولذا مثلوا له هنا بقوله تعالى :﴿ ومن الناس والدواب الأنعام مختلف ألوانه ﴾ [ سورة فاطر، الآية : ٢٨ ] أي صنف مختلف ألوانه الخ. وإذا كانت الصفة جملة أو ظرفا لا يصح في غير هذا إلا ندوراً أو شذوذاً، وأما قول السهيلي رحمه الله تعالى طريقة حذفه هنا أن يكون الموصوف مندرجا في معنى اسم قبله نحو كم ضارب زيداً لدخوله في معنى كم، وفي غيره لا يجوز فقد قال أبو حيان رحمه الله تعالى : إنه مردود فقوله : إنّ جملة
- اه : ٨١١ـ ءا. / -- / - لم، ،
يبتغون صفة لمقدر فرار من السحاب للوقوف تحت الميزاب فإن قلت : كيف قال : إنه لو لم يقدر الموصوف كان عاملاَ بلا اعتماد مع دخول النفي عليه، وهو لا يختص بما كما صرحوا به قلت هو بناء على ما فهمه من أنّ معنى الاعتماد على النفي أن يسلط عليه، وينفي معناه لا أن يلي لفظه نحو ما قائم أبوك، وهذا ليس كذلك لأنّ تقديره لا تحلوا أمّين البيت فالمنفي الإحلال نعم هذا لا اعتماد عليه فإنه يكفي وقوعه في حيز النفي خصوصاً، والنفي منصب على القيد، وقد صرّحوا بأنّ اعتماده على معنى النفي مطلقاً صريحا كان أو مؤوّلاً، ولم يتعرّضوا هنا للاعتماد لظهوره، وهذا مما يتعجب منه فلا تكن من الغافلين. قوله :( وفائدته استنكار تعرّض من هذا شأنه ) أي مطلقاً أو من المسلمين، والمانع له أنه طالب فضل الله، ورضوانه، وقوله : وقيل الخ. فيكون على هذا مخصوصا بالكفرة فالفضل التجارة، والرضوان بزعمهم ولو أبقى الفضل على ظاهره لأنه بزعمهم ضح لكنه لما أمكن حمله على ما هو في نفس الأمر كان حمله عليه أولى، وأورد على هذا التوجيه السابق أنه إذا كان آمّين البيت الحرام المسلمين فالتعرّض لهم حرام مطلقاً سواء كانوا آمّين أو لا فلا وجه لتخصيصهم بالنهي عن الإحلال، وفي المصباح ما تعرّضت له بسوء، وعرضت له بمعنى، وقيل ما صرت له عرضة بالوقيعة فيه، ولا تعرض له بسوء أي لا تعترض له فتمنعه باعتراضك أن يبلغ مراده بمعنى التعرّض للشيء أعم من أخذه، وقتله، وطرده فالإحلال بمعنى جعله حلالاً أو اعتقاد حله كناية أو مجاز عن التعرّض! له لأنّ المؤمن لا يتعرّض لما لا يحل له فلذا فسروه به هنا، وقول الزمخشري السباق قوم هذه صفتهم إشارة إلى أنّ التعليق بالمشتق يفيد علية مبدأ الاشتقاق فالظاهر أنّ العلامة، ومن تبعه أشاروا لهذا لا كما فهمه الفاضل المحقق فافهم. قوله :( إذ روي الخ ) حطيم بن ضبيعة أتى من اليمامة إلى المدينة، ولم يسلم بعد عرض الإسلام عليه فلما خرح مرّ بسرح المدينة أي الإبل المسرحة للرعي فاستاقها، وتبعوه فلم يدركوه فلما


الصفحة التالية
Icon