ج٣ص٢١٧
وقعدوا يحرسونه فجاء أسد فانتزعه وذهب به قال الحاكم، وهو صحيح الإسناد، وقوله : وانتصابه أي مكلبين، وقوله : وفائدتها المبالغة الخ. إشارة إلى أنها حال مؤكدة لعاملها، وهو علمتم. قوله :( حال ثانية ( مؤكدة أيضاً أو استئنافية إن لم تكن ما شرطية والا فهي معترضة. توله :) من الحيل وطرق التأديب الخ ) أي المراد بما علمهم الله ما ذكر وهو أعمّ من الوجه الثاني ولذا قدّمه لأنه أعمّ فائدة إذ التأديب شامل لما في إرساله وما معه، وقيل الأوّل يتعلق بكيفية التعليم، والحيل، وهي من الله أي بإلهام منه أو بالعقل الذي خلقه فيهم، والثاني بما في الاصطياد من الجزئيات التي يحل بها الصيد، وذلك بالشرع الذي علمه الله فعلى الأوّل الحال الثاني أعني تعلمونهن بمنزلة التفسير، والتفصيل للحال الأولى أي مكلبين وعلى الثاني قيد زائد، وقوله : بدعائه أي بنداء الصائد للكلب ونحوه. قوله :( لقوله عليه الصلاة والسلام الخ ) رواه أصحاب السنن، وأوّله قال سألت رسول الله ﷺ عن صيد الكلب المعلم فقال إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله عليه فكل مما أمسك عليك فإن أكل منه فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه قال أبو حنيفة، وأصحابه إذا أكل الكلب من الصيد فهو غير معلم لا يؤكل صيده، ويؤكل صيد البازي ونحوه، وان أكل وعليه إمام الحرمين من الشافعية، وقال مالك والليث يؤكل، وان أكل الكلب منه، وقال الشافعي رحمه الله : لا يؤكل إذا أكلا منه، والى المذاهب أشار المصنف رحمه الله، وقوله في الحديث :( إنما أمسك الخ ) علة للنهي، وقوله :( والضمير لما علمتم الخ ) هذا هو الأصح كما صرح به الحديث السابق، وقيل هو للأكل، وهو بعيد، وقوله :
فيؤاخذكم الخ إشارة إلى أنّ سرعة الحساب مجاز عن المؤاخذة على جميع الأفعال حقيرها، وجليلها لأنّ من سرع عليه الحساب، وسهل يحاسب على كل شيء ومن صعب عليه قد يحاسب على ما يهمه، ويترك غيره. قوله :( يتناول الذبائح وغيرها ويعم الخ ) في البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ المراد بها الذبائح لأنّ غيرها لم يختلف في حله، وقوله والنصارى قيل فيه شيء فإنّ النصارى مثلثة، وأخرج عبد الرزاق عن النخعي عن عليّ كرم الله وجهه ورضي عنه أنه كان يكره ذبائح بني تغلب ونسائهم، وبقول هم من العرب، ورواه الشافعي عنه بإسناد صحيح، ولم يلحق بهم المجوس لأنهم ليسوا بأهل كتاب. قوله :( سنوا بهم سنة أهل الكتاب الخ ) قال ابن حجر رحمه الله لم أجده بهذا اللفظ، وقد رواه مالك في الموطأ عن عمر رضي اللّه عنه أنه قال ما أدري ما أصنع في أمر المجوس فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أشهد لسمعت من رسول اللّه ﷺ يقول :" سنوا بهم سنة أهل الكتاب " قال مالك رحمه الله يعني في الجزية، وعلم من تخصيص مالك الجزية أنه لا تؤكل ذبائحهم، ولا تنكح نساؤهم ورواه البيهقي عن الحسن بمعنى ما ذكره المصنف، وعبد الرزاق، وقال إجماع أكثر المسلمين عليه يؤكده فلا وجه لما قاله ابن حجر واعادة أحل لكم الطيبات للتأكيد، والتوطئة لما بعده وذكر اليوم لما مرّ. قوله :( ﴿ وطعامكم حل لهم ﴾ الخ ) فلا عليكم أصله لا بأس عليكم فحذف اسم لا، وهو مسموع من العرب كما ذكره النحاة، وفي الانتصاف لما كان الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة أولوا الآية بصرف الخطاب إلى المؤمنين أي لا جناج عليكم أيها المسلمون أن تطعموا أهل الكتاب وفي أمالي الإمام السهيلي رحمه الله تعالى قيل ما الحكمة في هذه الجملة، وهم كفار لا يحتاجون إلى بياننا فعنه جوابان أحدهما أنّ المعنى انظروا إلى ما أحل لكم في شريعتكم فإن أطعموكموه فكلوه، ولا تنظروا إلى ما كان محرّماً عليهم فإنّ لحوم الإبل، ونحوها كانت محرّمة عليهم ثم نسخ ذلك في شرعنا، والآية بيان لنا لا لهم أي اعلموا أنّ ما كان محرّما عليهم مما هو حلال لكم قد أحل لهم أيضا، ولذلك لو
أي أطعمونا خنزيراً أو نحوه وقالوا هو حلال في شريعتنا، وقد أباح الله لكم طعامنا كذبناهم، وقلنا إنّ الطعام الذي يحل لكم هو الذي يحل لنا لا غيره فالمعنى طعامهم حل لكم إذا كان الطعام الذي أحللته لكم، وهذا التفسير معنى قول السدي وغيره الثاني للنحاس، والزجاج والنقاش، وكثير من المتأخرين أنّ المعنى جائز لكم أن تطعموهم من طعامكم لا أن يبين لهم ما يحل لهم في دينهم لأنّ دينهم باطل لأنه لم يقل، واطعامكم بل طعامكم