ج٣ص٢٢١
أن تقول إرادتي لهذا كما قال تعالى :﴿ وأمرت لأن كون أوّل المسلمين ﴾ [ سورة الزمر، الآية : ٢ ا ] اهـ، واختلف فيه النحاة فقال السيرافي رحمه الله فيه وجهان أحدهما ما اختاره البصريون أنّ مفعوله مقدر أي أريد ما أريد لأن تفعل فاللام تعليلية غير زائدة الثاني أنها زائدة لتأكيد المفعول ا هـ، وقال أبو عليّ في التعليقة عن المبرد أنّ الفعل دال على المصدر فهو مقدر أي أردت، وارادتي لكذا فحذف إرادتي، واللام زائدة اهـ وهو تكلف بعيد ففيه ثلاثة مذاهب أقربها الأوّل، وأسهلها الثاني، وهو من بليغ الكلام القديم كقوله :
أريد لأنسى ذكره كل ساعة
ووجه البلاغة فيه أن الجارّ دال على تعميم المراد، والمأمور به وأن لا يتخلف مراده، وامتثال أمره، وهذا مما يعرفه الذوق السليم، ولك أن تقول إن مراده أنها لا تزاد في غير الأمر، والإرادة. قوله : اليتم بشرعه الخ ) يعني أن المراد بالنعمة نعمة الطهارة بقرينة المقام ومطهرة ومكفرة الظاهر فيه الفتح كقولهم الولد مجبنة ومبخلة أي سبب للبخل والجبن ويصح أن يكون على وزن اسم الفاعل مشدداً، والعزائم جمع العزيمة، وهي ضد الرخصة أي المعنى جعل الله نعمة الرخصة تتميماً لنعمة العزيمة. قوله :( والآية مشتملة على سبعة أمور الخ ) والأصل الماء، والبدل التراب، والمستوعب الغسل، وغيره الوضوء، والمحدود بقوله : إلى المرافق والى الكعبين، وغيره ما سواه، وهذا ظاهر وقوله : بالإسلام يحتمل التعميم وهذا أولى. قوله :( يعني الميثاق الذي أخذه الخ ) هو بهذا اللفظ أخرجه البخاري ومسلم في النهاية المنشط بالفتح مفعل من النشاط وهو ضد الكسل والمكره ما يكره فلا ينشط لعمله، وهذه المبايعة كانت بالعقبة الثانية سنة ثلاث عشرة من النبوة، والأولى في سنة إحدى عشرة
فقوله أو ميثاق ليلة العقبة أي الأولى، وقصتها معروفة، وبيعة الرضوان بالحديبية سميت بها لقوله تعالى :﴿ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ﴾ [ سورة الفتح، الآية : ١٨ ] وقوله : في إنساء نعمه بمعنى نسيانها، وهو مصدر أنسى المزيد فكأنّ من نسي أنسى نفسه، وذات الصدور أصل معناه صاحبه الصدور فتجوّز به عما فيها كما في قوله : ذا إنائك وأشار إلى أنّ المراد بعلمه مجازاته على ما علمه، وفضلا لا يكون في مثل هذا الموقع فيؤول هنا أو يدرج في مسامحات المصنفين لأنّ لها استعمالاً خاصاً بعد النفي ويمكن تأويل كلامه بما يوافقه، وهو واضح. قوله :( عداه بعلى الخ ) قد سبق ما نقلنا من أنّ جرم يكون بمعنى حمل فيتعدّى للمفعول الأوّل بنفسه وللثاني بعلى أو بمعنى كسب فيتعدى لواحد ولاثنين وفسره المصنف رحمه الله بهما هناك، وهنا لما صرح بعلى تعين الأوّل فإن كان معنى حقيقياً فلا كلام، والا نعتبر التضمين والمصنف أشار إلى أنّ المختار عنده أنه غير حقيقي فتقديمه هناك لموافقته لما صرح به في النظم فما قيل جرم يجيء متعدياً إلى مفعول مثل جرم ذنباً، وليس هذا منه لأنّ مفعوله لا يكون إلا مكسوبا كالذنب لا الشخص، والى مفعولين، وظاهر أنّ هذا ليس منه لوجود حرف الجر فيما هو في موقع المفعول الثاني فاعتبر تضمين معنى الحمل ليصح كون معنى الأوّل هو الشخص، والثاني مع حرف الاستعلاء لا يخفى ما فيه من القصور بل الخلل كما يعلم مما مر ولما فتحت مكة أمر الله المسلمين أن لا يكافئوا كفار مكة بما سلف منهم وأن يعدلوا في القول، والفعل والحكم، وهو مراد المصنف بما ذكره. قوله :( أي العدل الخ ) يعني أنّ الضمير راجع إلى المصدر الذي تضمنه الفعل، وهو إمّا مطلق العدل فيندرج فيه العدل مع الكفار، وهو المقصود بالآية لما مر في سبب النزول وان كان للعدل مع الكفار فظاهر وعلى الوجهين يتمّ قوله وإذا كان هذا العدل الخ فلا يرد قول النحير أنّ مبناه على أنّ ضمبر هو أقرب لخصوص مصدر اعدلوا المراد به العدل مع المشركين، وترك الاعتداء عليهم، وأمّا إذا كان لمطلقه فلا. قوله :( صرح لهم بالأمر بالعدل الخ ) في الكشاف فصرح لهم بالأمر بالعدل تأكيداً، وتشديداً ثم استأنف فذكر لهم وجه الأمر بالعدل، وهو قوله :﴿ هو أترب للتقوى ﴾ أي العدل أقرب إلى التقوى، وأدخل في مناسبتها أو أقرب إلى التقوى لكونه لطفاً فيها يعني أنّ أقربيته إلى للتقوى مناسبة الطاعة للطاعة فالتقوى نهاية الطاعة، وهو أنسب بها من غيره منها أو مناسبة إفضاء السبب إلى المسبب فهو بمنزلة الجزء الأخير من العلة فليس المراد أنه