ج٣ص٢٢٨
مناسبة تامة، وزلفى تقتضي كرامة لا كرامة فوقها كما أنّ الملك إذا أرسل لدعوة قوم أحد جنده، ولآخرين ابنه علموا أنه مريد لتقريبهم، وأنهم آمنون من كل سوء يطرق غيرهم، ووجه الرد أنكم لا فرق بينكم، وبين غيركم عند الله فإنه لو كان كما زعمتم لما عدّبكم، وجعل المسخ فيكم، وكدّا على كونهم بمعنى المقربين المراد قرب خاص فيطابقه الرد، ويتعانق الجوابان فافهمه، وقول المصنف رحمه الله لنحو ذلك لأنّ ما سبق ليس هذا الكلام بعينه، وقيل على قوله فإن من كان بهذا المنصب الخ. وفي نسخة بهذه الصفة أن الأحباء هنا بمعنى المحبوبين فالأنسب أن يقال إنّ المحب لا يعذب المحبوب بهذه الأنواع المذكورة، وهذا مأخوذ من كلام النحرير، وقد يقال في دفعه إنّ من أحب الله محبة صادقة أحبه الله كما قيل ما جزاء من يحب إلا أن يحب.
قوله :( ممن خلقه الله تعالى ) إشارة إلى تقدير العائد، وقوله، وهم من آمن الخ لأنهم
كفرة لا يغفر لهم بدون الإيمان كما علم من قوله :﴿ إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ﴾ إن قلنا بعمومه كما هو المعروف الىخهور ومن الغريب ما في شرح مسلم للنووي أنه يحتمل أنه مخصوص بهذه الأمة، وفيه نظر، وقوله : لا مزية لكم إشارة إلى أنه رد لما إدعوه. قوله :( كلها سواء في كونها خلقاً وملكاً له ( فلا يتميز بعضهم بالبنوّة وغيرها وهذا بيان لأنه من تتمة الرد عليهم، وفسر الرجوع إليه بالمجازاة لما مر. قوله :( أي الدين وحذف لظهوره الخ ) أي قدر مفعوله هذا لظهوره لأنه من المعلوم أن ما بينه الرسول ﷺ هو الشريعة أو مفعوله ما كتمتم بقرينة قوله قبل هذا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون أو هو منزل منزلة اللازم أي يفعل البيان، ويبذله، ويعلم من عدم ذكر متعلقه عمومه لكل ما يلزم بيانه. قوله :( متعلق بجاءكم الخ ) أشار
بذكر حين إلى أنه ظرف أي بعد فترة أو في حين فترة، والمراد بتعلقه يبين التعلق المعنوي لأنه حال فمتعلقه مقدر، والوجه هو الأوّل، وجوز أن يكون حالاً من ضمير لكم ومن الرسل صفة فترة، ومن ابتدائية أي فترة صادرة من إرسال الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأن تقولوا مفعول لأجله بتقدير كراهة أن تقولوا، ونحوه وقيل إنه بتقدير اللام لعدم اتحاد الفاعل فيهما، والجواب أن المراد بجاءكم رسول علمتم ببعثة الرسل وفيه نظر، وقوله : تترى أي متتابعة متواترة. قوله :) متعلق بمحذوف أي لا تعتذروا بما جاءنا فقد جاءكم الخ ( هذا المحذوف قال النحرير : إنه تفصح عنه الفاء وتفيد بيان سببه كالتي تذكر بعد الأوامر، والنواهي بياناً لسبب الطلب لكن كمال حسنها، وفصاحتها أن تكون مبنية على مقدر منبئة عنه بخلاف قولك اعبد ربك فالعبادة حق له، ومبني الفصيحة على الحذف اللازم بحيث لو ذكر لم يكن بذاك، وتختلف عبارة المقدر فتارة يكون أمرأ أو نهيأ كما في هذه، وتارة شرطا كما في قوله :﴿ فهذا يوم البعث ﴾ وقوله :
فقد جئنا خراسانا
وتارة معطوفا عليه كما في قوله فانفجرت، وقد يصار إلى تقدير القول كما في الفرقان
في قوله تعالى ﴿ فقد كذبوكم بما تقولون ﴾ قال فيها الزمخشري : هذه المفاجأة بالاحتجاج، والإلزام حسنة رائعة وخاصة إذا انضم إليها الالتفات، وحذف القول، وجعل هذه الآية، والبيت من هذا القبيل يعني التقدير فقلنا إن صح ما ذكرتم فقد جئنا خراساناً، وكذا ما نحن فيه أي فقلنا لا تعتذروا فقد جاءكم قال في الكشف ثم إنه في المعنى جواب شرط مقدر سواء صرح بتقديره أولاً كما في لا تعتذروا الخ لا! الكلام إذا اشتمل على مرتبين ترتب أحدهما على الآخر ترتب العلية كان في معنى الشرط، والجزاء فلا تنافي بين التقادير المختلفة هذا، ولو سلم أنهما مختلفان فهما وجهان يجريان في الموضعين ذكر أحدهما هنا، والآخر هناك وكم من ذلك في هذا الكتاب، وهذا تحقيق بديع فاحفظه. قوله :) كان بينهما ستمائة الخ ( وقيل أربعمائة، وبضع وستون سنة عن الضحاك، وقيل غير ذلك، والثلاثة من بني إسرائيل هم المذكورون في قوله تعالى :﴿ فعززنا بئالث ﴾ كما سيأتي، وأما خالد بن سنان العبسي بالباء الموحدة فقد تردد فيه الراغب في محاضراته، وبعضهم لم يثبته وبعضهم قال إنه كان قبل عيسى ءش!ه لأنه ورد في حديث :" لا نبي بيني وبين عيسىءشييهإ لكن في الكامل تاريخ ابن الأثير،
وغيره أن خالد بن سنان العبسي كان ثيباً من معجزاته أن ناراً ظهرت بأرض العرب فافتتنوا بها، وكادوا يتمجسون فأخذ خالد عصاه، ودخلها حتى توسطها