ج٣ص٢٣١
الله فنصبه إما عطف على اسم أن أو نفسي أو مرفوع بالعطف على فاعل أملك أو مبتدأ خبره محذوف أو مجرور بالعطف على الضمير المجرور المضاف إليه نفس، وكلها ظاهرة حتى العطف على الضمير المرفوع المتصل بلا تأكيد لوجود الفصل بالمفعول، ثم هذا لا يوجب الاتحاد في المفعول بل يقدر للمعطوف مفعول آخر أي وأخي إلا نفسه كما تقول ضربت زيداً وعمرا فلا يرد ما قيل إنه يلزم من ذلك أنّ موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام لا يملكان إلا نفس موسى ﷺ فقط، وليس المعنى على ذلك بل على أنّ موسى عليه الصلاة والسلام يملك أمر نفسه، وأمر أخيه، وليس من عطف الجمل بتقدير، ولا يملك أخي إلا نفسه كما توهم، وتحقيقه أنّ العطف على معمول الفعل لا يقتضي إلا المشاركة في مدلول ذلك ومفهومه الكلي لا الشخص! المعين بمتعلقاته المخصوصة فإنّ ذلك إلى القرائن، وكذا إذا عطف على اسم أنّ معناه أنّ أخي لا يملك إلا نفسه، وكذا العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، وقد تقدم الكلام فيه، وهو ضعيف على قواعد البصريين، وأجازه الكوفيون كما ذكره المصنف رحمه اللّه. قوله :( بأن تحكم لنا بما نستحقه الخ ) هذا مبني على الاختلاف في أنّ موسى ﷺ هل كان معهم في التيه ولكن ما كان ينالهم من
المشقة لا يناله كما كانت النار على إبراهيم برداً وسلاما أو لم يكن معهم، وهو مجاب الدعوة كسائر الرسل عليهم الصلاة والسلام، وهذه الجملة دعائية فعلى الأوّل المراد التفريق والتبعيد بينهما فهو بمعناه الحقيقي. قوله :( عامل الظرف إمّا محرّمة الخ ) الظرف هنا أربعين سنة فعلى تعلقه بمحرّمة التحريم مؤقت فلا ينافي أنها كتبت لهم، وقوله : احتضر أي حضره الموت، وهو مجهول. قوله :) وإمّا يتيهون الخ ) أفي عامله يتيهون وتاه يتيه ويتوه، وهو أتوه وأتيه مما تداخل فيه الواو، والياء من التيه ومعناه الحيرة، ولذا أطلق على المفازة تيه، وتيهاء لأنه متحير فيها فمعناه يسيرون متحيرين، وحيرتهم عدم اهتدائهم للطريق، وكون التحريم مطلقا أي يحتمل التأبيد وعدمه، وتوله، وقد قيل الخ بناء على أن المراد منه التأبيد، وقوله : فإذا هم للمفاجأة أي يسيرون، وبعد سيرهم يرون أنفسهم في المحل الذي ارتحلوا عنه كسير السواني لا ينقطع، وتظليل الغمام لهم مع عصيانهم، ومعاقبتهم بالحيرة من كرمه تعالى، واشارة إلى أنّ تهذيبهم إنما هو للتأديب كما يضرب الرجل ولده مع محبته له، ولا يقطع عنه معروفه، ولذا أنزل عليهم المن، والسلوى لئلا يهلكوا جوعا، وجعل حجر موسى ﷺ معهم يتفجر منه الماء كما مرّ دفعاً لعطشهم، وجعل معهم عمود نور ولباسهم من شيء كالظفر لا يبلي وشعورهم لا تزيد إلى غير ذلك من الأنعام، وروحا بفتح الراء أي كان التيه وأموره راحة لهما، وعلى هذا فإظلال الغمام وما معه لأجلهما وقوله فيه أي في التيه وتأس مجزوم بلا الناهية بمعنى لا تحزن لموتهم أو لما أصابهم فيه من الأسى، وهو الحزن. قوله :( أوحى اللّه الخ ) كان في شريعته تزوّج الأخ بالأخت التي لم تولد معه في بطن واحد جعل افتراق البطون بمنزلة افتراق النسب للضرورة، ولذا حرّم بعده إذ زال المقتضي، وكثر الناس، وإذا كان ذلك غير جائز فإنما أمره بتقريب قربان لعلمه أنه لا يقبل لا أنه لو قبل جاز والتوأمان الولدان في بطن واحد الذكر توأم، والأنثى توأمة، والمصنف رحمه الله استعمل توأم للتوأمة بتأويل الشخص، وتوأمة قابيل إقليماً وتوأمة هابيل كبودا قال والد شيخي، واعلم أنّ التوم بلا همز اسم لمجموع الولدين فأكثر في بطن واحد من جميع الحيوان وبهمز كرجل توأم، وامرأة توأمة مفرد تثنيته توأمان فالاعتراض! بأنه لا تثنية له، وهم لما علصت من الفرق بين التوم بلا همز، والتوأم بالهمز وأنّ التثنية إنما هي
للمهموز لا غير، وظاهر القاموس بل صريحه أنه اسم لمجموعهما، وأنّ التثنية إنما هي لتوأم، وتوأمة لا لتوم، وعبارته التوأم من جميع الحيوان المولود مع غيره في بطن من الاثنين فصاعداً ذكرا أو أنثى أو ذكرا وأنثى جمعه توائيم، وتؤام كرخال، وقوله بأن نزلت نار الخ. هذا كان علامة القبول، وكان أكل القربان غير جائز في الشرع القديم، وقوله، وفعل ما فعل هو قصته الآتية. قوله :( وقيل الخ ) زيف هذا بقوله فبعث الله غرابا الخ. إذ كان الدفن معلوما إذ ذاك فتأمل. قوله :( ولذلك قال كتبنا الخ ) وتوجيهه على الأخر أي من أجل أنّ الحسد صار سببا لهذا الفساد، وهو غالب على