ج٣ص٢٤٠
زيادة توضيح في ما أنا بباسط يدي إليك. قوله :) جملتان عند سيبوبه الخ ) في الكشاف رفعهما على الابتداء والخبر محذوف عند سيبويه رحمه الله تعالى كأنه قيل، وفيما فرض عليكم السارق، والسارقة أي حكمهما ووجه آخر، وهو أن يرتفعا بالابتداء والخبر فاقطعوا أيديهما، ودخول الفاء لتضمنهما معنى الشرط لأنّ المعنى والذي سرق، والتي سرقت فاقطعوا أيدهما والاسم الموصول يضمن معنى الشرط، وقرأ عيسى بن عمر بالنصب وفضلها سيبويه على قراءة العامة لأجل الأمر لأن زبداً فاضربه أحسن من زيد فاضربه وهذا مما وقع فيه خبط في الكشاف هنا وفي سورة النور، وفي التفسير الكبير فيه كلام لا مساس له بهذا المقام مع طوله، والذي يبين لك مغزاه وان لم يفهموا كلام سيبويه رحمه الله ما في الانتصاف قال رحمه الله المستقري من وجوه القراآت أنّ العامّة لا تتفق فيها أبداً عن العدول عن الأفصح وجدير بالقرآن أن يحرز أفصح الوجوه وأن لا يخلو من الأفصح، ويشتمل عليه كلام العرب الذي لم يصل أحد منهم إلى ذروة فصاحته، ولم يتعلق بإهدابها، وسيبويه رحمه الله تحاشى عن اعتقاد عرائه عن الأفصح، واشتمال الشاذ الذي لا يعد من القرآن عليه، ونحن نورد كلام سيبويه لتتضح براءة سيبويه رحمه اللّه تعالى من عهدته قال بعد أن ذكر المواضع التي يختار فيها النصب أنه متى بني الاسم على فعل الأمر فذلك موضع اختيار النصب، ثم قال موضحا لامتياز هذه الآية عما اختار
فيه النصب، وأما قوله تعالى :﴿ والسارق والسارفة ﴾ ا لآية ﴿ والزانية والزاني ﴾ [ سورة النور، الآية : ٢ ] الخ فإنّ هذا لم يبن على الفعل، ولكنه جاء على مثال قوله تعالى ﴿ مثل الجنة التي وعد المتقون ﴾، ثم قال فيها أنهار منها كذا يريد سيبويه رحمه الله تعالى تمييز هذه الآي عن المواضع التي بين اختيار النصب فيها، ووجه التمييز أنّ الكلام حيث يختار النصب يكون الاسم فيه مبنياً على الفعل وأما في هذه الآي فليس بمبني عليه فلا يلزم فيه اختيار النصب، ثم قال، وإنما وضمع المثل للحديث الذي ذكر بعده فذكر إخباراً، وفصصا فكأنه قال!، ومن القصص مثل الجنة فهو محمول على هذا الإضمار، والله أعلم فكذلك الزانية، والزاني لما قال جل ثناؤه سورة أنزلناها وفرضناها قال في جملة الفرائض الزانية والزاني، ثم جاء فاجلدوا بعد مضيئ الرفع فيهما يريد لم يكن الاسم مبنياً على الفعل المذكور بعد بل بني على محذوف متقدم وجاء الفعل طارئا، ثم قال كما جاء :
وقائلة خولان فانكح فتاتهم
فجاء بالفعل بعد أن عمل فيه المضمر وكذلك :﴿ والسارق والسارقة ﴾ أي، وفيما فرض! عليكم السارق، والسارقة، وإنما دخلت هذه الأسماء بعد قصص وأحاديث، وقد قرأ ناس والسارق والسارقة بالنصب، وهو في العربية على ما ذكرت لك من القوّة، ولكن أبت العامة إلا الرفع يريد أنّ قراءة النصب جاء الاسم فيها مبنياً على الفعل غير معتمد على ما قبله فكان النصب قويا بالنسبة إلى الرفع حيث يبنى الاسم على الفعل لا على متقدم، وليس يعني أنه قوي بالنسبة إلى الرفع حيث يعتمد الاسم على المحذوف المتقدم فإنه قد بين أنه يخرجه عن الباب الذي يختار فيه النصب فكيف يفهم منه ترجيحه عليه، والباب مع القراءتين مختلف، وإنما يقع الترجيح بعد التساوي في الباب، والنصب أرجح من الرفع حيث يبنى الاسم على الفعل، والرفع متعين لا أقول أرجح حيث يبنى الاسم على كلام متقدم، وإنما التب! على الزمخشري كلام سيبويه من حيث اعتقد أنه باب واحد عنده ألا ترى إلى قوله لأنّ زيداً فاضربه أحسن من زيد فاضربه حيث رجح النصب على الرفع حيث يبنى الكلام في الوجهين على الفعل، وقد صرح سيبويه بأن الكلام في الآية مع الرفع مبني على كلام متقدم، ثم حقق سيبويه هذا المقدر بأنّ الكلام واقع بعد قصص، واخبار، ولو كان كما ظنه الزمخشري لم يحتج إلى تقدير بل كان يرفعه على الابتداء، ويجعل الأمر خبره كما أعربه الزمخشري فالنصب على وجه واحد وهو بناء الاسم على فعل الأمر، والرفع على وجهين أحدهما ضعيف، وهو الابتداء، وبناء الكلام على الفعل، والآخر قوي بالغ كوجه النصب، وقد رفعه على خبر ابتداء محذوف دل عليه السياق وإذا تعارض! وجهان في الرفع أحدهما قوي، والآخر ضعيف تعين القراءة على القوي كما أعربه سيبويه رحمه الله ورضي عنه، وإنما نقلت كلامه برمتة لأنه كله كما قيل :
وما محاسن شيءكله حسن