ج٣ص٢٤٦
ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى تبعاً للزمخشري قال أبو علي الفارسي : الواو عاطفة جملة اسمية على جملة أنّ النفس بالنفس لكن من حيث المعنى لا من حيث اللفظ فإنّ معنى كتبنا عليهم أنّ النفس بالنفس قلنا لهم النفس بالنفس فالجملة مندرجة تحت ما كتب على بني إسرائيل، وجعله ابن عطية على هذا القول من العطف على التوهم، وهو غير مقيس، وقال الزمخشري الرفع للعطف على محل أن النفس لأنّ المعنى وكتبنا عليهم النفس بالنفس إما لإجراء كتبنا مجرى قلنا، واما لأنّ معنى الجملة التي هي النفس بالنفس مما يقع عليه الكتب كما تقع عليه القراءة تقول كتبت الحمد لله، وقرأت سورة أنزلناها فقال أبو حيان هذا ثاني توجيهي أبي علي رحمه الله تعالى، إلا أنه جعله من العطف على المحل، وليس منه لأنّ العطف على المحل في مواضع ليس هذا منها لأنا لا نقول أنّ النفس بالنفس في محل رفع لأن طالبه مفقود بل أنّ وما في حيزها بتأويل مصدر منصوب ورذ بأنّ الزمخشري لم يعن أنّ أنّ، وما في حيزها في محل عطف عليه المرفوع حتى يرد عليه ما ذكر إنما عني إنّ محله الرفع قبل دخولها فروعي العطف عليه كما روعي في اسم أنّ المكسورة وقد سبقه إلى هذا الردّ أو البقاء، وجواز العطف على محل اسم أن المفتوحة كالمكسورة ذكره ابن الحاجب، وغيره من النحاة وهو الصحيح، وقد ردّ على ابن الحاجب قوله : إنه لم ينبه عليه بأنهم صرحوا به، وقالوا إنه أكثر ما يكون بعد علم أو ما في معناه كقوله :
والا فاعلموا أنا وأنتم بغاة مابقينافي شقاق
وبهذا علم أنّ قول النحرير : ولما كان العطف على المحل إنما يجوز في أن المكسورة
دون المفتوحة نزل المفتوحة هنا مع الاسم، والخبر منزلة جملة من المبتدأ، والخبر ليتبين كون أنّ مع الاسم في محل الرفع مبتدأ، وذلك إما بإجراء كتبنا مجرى قلنا أو بتجويز إيقاع الكتبة على الجملة حكاية مختل من وجوه.
أحدها : أن إنّ المفتوحة يعطف على محل اسمها كالمكسورة سواء في الجواز، والاختلاف، وزعم أنه لا يجوز.
والثاني : أنه لا فرق بين إجراء كتب مجرى قال، والحكاية بها فإنها لا تكون إلا بإجرائها مجرى القول.
الثالث : أنه لو كان مراده العطف على المحل لم يحتج إلى إجراء كتب مجرى القول،
ولا مساس له ولو أجرى مجرى القول للزم حكاية المفرد به، وفتح أن بعده، وكلاهما مخالف لمقتضى هذا الإجراء فتوجيهه بما ذكر بما مرّتعسف.
وقوله : على محل أنّ النفس يأباه لأنه حيمثذ على محل اسيم أن.
( وعندي ) أن معنى كلامهم هنا ليس ما ذكروه بل مرادهم أن كتب ينصب مفعولاً، وليس
مما يعمل في الجمل فكيف صح أن يعطف على مفعوله جملة على قراءة الرفع، ولا بد من ملاحظة العطف عليه لأنه من جملة المكتوب عنده كما هو المتبادر من السياق، وكما دلت عليه قراءة النصب فوجهه بأنه أعمل في الجملة إما لتضمينه القول أو لأنه اعتبر فيه الحكاية لكونه بمعناه، ومما يحكى به، وهذا مبنيّ على الخلاف بين البصريين والكوفيين هل الحكاية تختص بالقول أو تجري في كل ما يفيد معناه فقول المصنف رحمه الله تعالى باعتبار المعنى يعني باعتبار معنى كتبنا، وما تضمنت من القول الذي يصحح وقوع الجمل بعدها حتى لو قيل كتبنا عليهم النفس بالنفس أو إنّ النفس بالكسر صح ذلك فلوحظ هذا، وبملاحظته يصير المعطوف عليه في معنى الجملة أيضا، ولما كان الوجهان المذكورأن في الكشاف متقاربين جعلهما المصنف قولاً واحدا فافهمه فانه مما تفرّد به كتابنا، وأظنك لا تراه في غيره فإنهم خبطوا فيه خبط عشواء. قوله :( أو مستأنفة ) يعني أنّ هذه جمل اسمية معطوفة على الجملة الفعلية فالعين مبتدأ، أو بالعين خبره، وكذا ما بعده فيكون هذا ابتداء تشريع وبيان حكم جديد غير مندرج فيما كتب في التوراة، وقيل : إنه مندرج فيه أيضاً على هذا والتقدير وكذلك العيق بالعين الخ لتتوافق القراءتان.
قال الحلبي وهذا مراد الزمخشري بالاستئناف ومنهم من حمل الاستئناف على المتبادر
منه، وقال إنه جواب سؤال كأنه قيل ما حال غير النفس فقال العين بالعين الخ. قوله :) العين حاضية الثهاب / ج ٣ لم م ا ٣
مفقوءة بالعين الخ ) أي يقدر كون خاص مناسب لما وقع خبرا عنه فإنّ الفقء بفاء وقاف، وهمزة إعماء العين، واخراجها لغة والجذع بجيم، وذال معجمة، وعين مهملة قطع الأنف