ج٣ص٢٦١
الأشذية يختلف بالاعتبار فكونه أشد باعتبار ارتكاب ما لا فائدة له فيه لا ينافي كون المباشرة أكثر إثما منه فتأمل. قوله :) أي هو ممسك الخ ) أي بخيل يضيق الرزق، وغل اليد وبسطها مجاز عن البخل والجود يعني فيمن لا تصح منه الحقيقة أصلاً كما هنا بخلاف يد زيد مغلولة أو مبسوطة فإنه كناية عن ذلك وقد مرّ الكلام فيه، وأنه قد لا تراعى هذه التفرقة كما جعل ﴿ الرحمن على العرش استوى ﴾ أسورة طه، الآية : ٥ ] كناية عن الملك وفي قو!ه، ولذلك يستعمل الخ. يقتضي أنه حيث يتصوّر منه ذلك مجاز مع أنه كناية فيحمل على ما إذا كان ثمة قرينة مانعة. قوله :
( جاد الحمى بسط اليدين بوابل شكرت نداه ثلاعه ووهاده )
جاد من الجود يقال جاد المطر فهو جائد والجمع جود كصاحب وصحب، والوهاد
بكسر الواو جمع وهدة، وهي ما اطمأن وانخفض من الأرض، والتلعة ما ارتفع منها وقال أبو عمر والتلعة مجاري ما ارتفع من الأرض إلى بطون الأودية، والندي العطاء، ولو قرئ يديه تثنية يد لصح وبسط بضمتين جمع باسط، والمراد بها السحاب، والوابل المطر الكثير. قوله :) ونظيره من المجارّات المركبة شابت لمة الليل ( الشيب معروف، واللمة بالكسر ذؤابة مخصوصة قيل فيه نظر لأنه من مجاز المفردات فالشيب مجاز عن وضح الصبح، واللمة عن سواده أي أبيض ما كان أسود منه، وليس هذا بمتعين لجواز أن يشبه طروّ الصمبح على الليل بعروض! الشيب في الشعر الأسود. قوله :( وقيل معناه أنه فقير الخ ( أيده بهذه الآية لأنّ قبض
اليد يقتضي إمكان بسطها لا عدم قدرته عليه والا لقيل شلت يده، والأوّل يقتضي البلاغة، وحسن الاستعارة لكنه جوّزه فيما بعده من غير تمريض له فانظر الفرق بينهما. قوله :( دعاء عليهم بالبخل والنكد الخ ) ويجوز أن يكون خبراً والنكد بفتحتين هنا العسر وقلة الخير من نكدت الركية إذا قل ماؤها، والمطابقة على تقدير الدعاء بالبخل أو الفقر ظاهرة لنسبتهم ذلك إليه تعالى بخلاف الدعاء بغل الأيدي فإنّ المناسبة من حيث اللفظ فقط فيكون تجنيسا قال الزمخشري : ويجوز أن يكون دعاء عليهم بغل الأيدي حقيقة يغلون في الدنيا أسارى وفي الآخرة معذبين لإغلال جهنم، والطباق من حيث اللفظ، وملاحظة أصل المجاز كما تقول سبني سب الله دابره أي قطعه لأنّ السب أصله القطع قيل يعني تعتبر المطابقة في قوله تعالى :﴿ يد اللّه منلولة ﴾ [ سورة المائدة، الآية : ٦٤ ] مع ﴿ غلت أيديهم ﴾ [ سورة المائدة، الآية : ٦٤، في إرادة الحقيقة في الثاني مع ملاحظة أصل المجاز، وهو غل اليد لا البخل الذي هو المراد منه لاستوائهما في التلفظ كما أن سب الله من حيث اللفظ مطابق لقولهم سبني الخ لأنّ المراد من سب الله قطع الدابر أي استأصله بقطع آخره وهذه مشاكلة لطيفة بخلاف قوله :
قالوا اقترح شيئانجدلك طبخه قلت اطبخوالي جبة وقميصا
ولا داعي إلى اعتبار المشاكلة هنا، وإنما هو تجنيس، ولذا تركها النحرير، وهو الظاهر وقوله :﴿ مسخبين ﴾ الظاهر أنه بتشديد الحاء من سحبه إذا جرّه إذ لم يرد أسحبه، والمعروف فيه الثلاثي قال تعالى :﴿ يسحبون في النار ﴾ [ سورة القمر، الآية : ٤٨، وهو معطوف على أسارى وهو حال. قوله :( ثني اليد مبالنة في الردّ الخ ( لأنهم لما قالوا يده مغلولة ردّ عليهم بأن يديه مبسوطتان بالجود، والكريم إذا أعطى بيديه كان أكثر أو اليدان عبارة عن نعم الدنيا ونعم الاخرة أو عما ينعم به إكراما وما ينعم به استدراجا. قوله :( تكيد لذلك ( أي لقوله يداه مبسوطتان الدال على نهاية الكرم، والجود ووجه التأكيد تعميم الأحوال المستفاد من كيف، ووجه الدلالة على الاختيار المشيئة، وأنه على مقتضى الحكمة التعليق بمشيئة الحكيم الذي لا يشاء إلا ما هو حكمة، ومصلحة وقوله : في ذات يد ذات معجمة أي في يد أو المراد به ما في اليد+ قوله :
( ولا يجوز جعله حالاً من الهاء الخ ( تبع في هذا أبا البقاء رحمه الله، وقد ردّ بأنّ الممنوع مجيء الحال من المضاف إليه إذا لم يكن المضاف جزءاً أو كجزء أو عاملا، وهنا المضاف جزء من المضاف إليه فليس بممتنع، والفصل بالخبرين الحال، وصاحبها ليس بممتنع أيضا كما في قوله تعالى :﴿ وهذا بعلي شيخا ﴾ [ سررة هرد، الآية : ٧٢ ] إذا قيل إنه حالط من اسم الإشارة، والعامل فيه التنبيه، وقوله إذ لا ضمير يعود من جملة ينفق كيف يشاء إلى ذي الحال، وهو اليد إن قيل إنه لا مانع من تقديره أي ينفق بهما نعم هو خلاف الأصل، والظاهر، وهو يقتضي المرجوحية لا الامتناع، والجملة على هذا مستأنفة