ج٣ص٢٦٤
مسوق لبيان حال أهل الكتاب فصرف الخبر المذكور إليهم أولى، والصابئون أشد الفرق ضلالاً كما ذكره العلامة فباعتبار ذكرهم متأخرا قدم لأنه لمزيد الاهتمام أولى، وبالدلالة على هذا الغرض أوفى، وأيضاً في صرف الخبر إلى الثاني فصل للنصارى عن اليهود وتفرقه بين أهل الكتابين لأنه حينئذ عطف على قوله، والصابؤون قطعاً نعم لو صح أنّ المنافقين، واليهود أو غل المعدودين في الضلال، والصابئين، والنصارى أسهل صح تعاطفهما وجعل المذكور خبراً عنهما، وترك كلمة التحقيق المذكورة في الأوّلين دليلاً على هذا المعنى. قوله :( فإتي وقيار الخ ) هو لضابي بضاد معجمة، وباء موحدة بعدها همزة ابن الحرث البرجمي بالجيم قاله، وقد حبسه عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه في خلافته بالمدينة حين اسنعدى عليه والشعر هو هذا :
فمن يك أمسى بالمدينة رحله فإنى وقيا ربها لغريب
وما عاجلات الطيريدنين للفتى رشاداً ولاعن ريثهن يخيب
ورب أمور لا تضيرك ضيرة وللقلب من مخاشتهن وجيب ولاخيرفيمن لايوطن نفسه على نائبات الدهرحين تنوب
وفي الشك تفريط وفي الجزم قوّة ويخطئ في الجدّ الفتى ويصيب
ولست بمستبق صديقاولا أخا إذالم يعد الشيء وهويريب
وقيار اسم فرسه أو جمله وكان وطئ غلاماً فقتله فحبس بسببه، وقوله : فمن يك روي
بالفاء، وتركها مجزوماً وقيل إن غريب فيه خبر عن الاسمين جميعا لأن فعيلاً يستوي فيه الواحد، وغيره نحو والملائكة بعد ذلك ظهير ورده الخلخالي رحمه الله تعالى بأنه لم يرد للاثنين وإن ورد للجمع كفعول، وأجاب عنه ابن هشام بأنهم قالوا في قوله :( عن اليمين وعن الشمال قعيد ( إن المراد قعيدان وهذا يدل على إطلاقه على الاثنين أيضاً فالصواب منع هذأ الوجه بأنه يلزم عليه توارد عاملين على معمول واحد، وهو أنّ والابتداء أو المبتدأ على الخلاف في رافع الخبر، ومثله لا يصح على الأصح خلافا للكوفيين. قوله :( وإلا فاعلموا الخ ) هو لبشر بن أبي خازم بخله وزاء معجمتين الأزدي من قصيدة أوردها في الفضليات وقبله :
إذا جزت نواصي آل بدر فأدّوها وأسرى في الوثاق
والا فاعلموا أنا وأنتم بغاة مابقينافي شقاق
وكان قوم من آل بدر، وهم قوم من فزارة جازوأ على بني لام، وهم من طيّ فجزوا نواصيهم، وحبسوهم، وقالوا مننا عليكم، ولم نقتلكم فقال بشر ذلك، ومعناه أدّوا غرامة ذلك، والا فاعلموا أنا نطلبكم أبدا كما طلبتمونا فبغاة جمع باغ بمعنى طالب، وقيل إنه جمع باغ من البغي، والتعدّي، وأنتم بغاة جملة معترضة لأنه لا يقول في قومه إنهم بغاة وما بقينا في شقاق خبر إنّ فلا شاهد لما ذكره المصنف رحمه الله تعالى لأنّ ضمير المتكلم مع الغير في محله. قوله :( وهو كاعترا ضدل به الخ ( يعني الصابئون، رخبره المحذوف يجري مجرى الاعتراض لكونه جملة في أثناء الكلام لقصد التاكيد أمّا في الآية فظاهر، وأما في البيت فلأنّ إثبات البغي للمخاطبين مع كونهم بادين في الجناية، واغلي! في الشرّ لا يقين بأن يرجعوا، ويعتذروا يؤكد ثبوته لنا مع كوننا بصدد الانتقام، ودفع نقيضه الضيم، والعار، ولم يجعله اعتراضا حقيقة بل كالاعتراض لأنه معطوف على جملة ﴿ إنّ الذين آمنوا ﴾ وخبرها، ويرد عليه ما قاله ابن هشام من أن فيه تقديم الجملة المعطوفة على بعض الجملة المعطوف عليها، وإنما يتقدم المعطوف على المعطوف عليه في الشعر فكذا ينبغي أن يكون تقديمه على بعض المعطوف عليه بل هو أولى منه بالمنع، وأما ما أجاب به عنه بأن الواو واو الاستئناف التي تدخل على الجملة المعترضة كقوله تعالى :﴿ فإن لم تفعلوا ولن ثفعلوا فاتقوا النار ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ٢٤ ] الخ، وهذه الجملة معترضة لا معطوفة فلا يتمشى هنا لأنه يفوّت نكتة التقديم من تأخير التي ذكروها لأنها إذا كانت معترضة لا تكون مقدمة من تأخير. قوله :( ويجوز أن يكون والنصارى معطوفا عليه ) فيه تسمح، وهذا على القول