ج٣ص٢٦٦
وأما كون هاد بمعنى تاب كما في قوله تعالى :﴿ إنا هدنا إليك ﴾ أسورة الأعراف، الآية : ٥٦ ا ] فلا يناسبه قوله من آمن منهم فتأمّل. قوله :( وقيل إنّ بمعنى نعم ) التي هي حرف جواب، ولا عمل لها حينئذ فما بعدها مرفوع المحل على الابتداء والمرفوع معطوف عليه، وهذا مما أثبته بعض النحويين، وأهل اللغة، وخرجوا عليه قراءة أنّ هذان لساحران، ونحوه من الشواهد نعم إنه هنا لا يصح لأنها لم يتقدمها شيء تكون جوابا له، ونعم لا تقع في ابتداء الكلام على الصحيح، والجواب بأن ثمة سؤالاً مقدراً بعيد ركيك. قوله :( وقيل الصابئون منصوب بالفتحة الخ ( قيل هذا القول فاسد فإنّ لغة بلحرث، وغيرهم الذين جعلوا المثنى دائما بالألف نحو رأيت الزيدان ومررت بالزيدان وأعربوه بحركات مقدرة إنما هي في المثنى وهذا القائل قاس الجمع عليه فألزمه الواو كما ألزم المثنى الألف فيعرب بحركات مقدرة، ومثله لا يجري فيه القياس، ولا ينبغي تخريج القرآن عليه ولكن المصنف رحمه الله تعالى تبع فيه أبا البقاء، ونقله مكي أيضاً، وقوله : وذلك أي تقدير الحركات على القول بأنه معرب بحركات مقدرة لا بالحروف كما يجوز فيه تقدير الفتحة على الياء يجوز تقديرها على الواو ولا يخفى ضعفه، وقوله، والجملة خبر أنّ على الوجه الأوّل أو خبر المبتدأ على الثاني، وعلى كل حال لا بد من تقدير العائد منها كما
ذكره، ومن هذه إمّا شرطية أو موصولة دخلت الفاء خبرها، ولو أخر حذف العائد عن البدلية أيضاً لكان أولى لأنه بدل بعض لا بد فيه من تقدير العائد كما تقرّر في العربية، وكان عليه أن يوجه أنّ من آمن منهم كيف يقع خبرا عن الذين آمنوا أو بدلاً لأنه يقتضي أنقسام المؤمنين إلى مؤمنين وغير مؤمنين فلذا أوّل في الكشاف وشروحه بأن المراد بالذين آمنوا الذين آمنوا باللسان فقط فيكون المعنى الذين آمنوا باللسان من أخلص منهم الإيمان فله كذا أو يؤوّل من آمن بمن ثبت على الأيمان فيصح في حق المؤمنين الخلص، وفي هذا شبه جمع بين الحقيقة، والمجاز، ودفع بأنّ الثبات على الإيمان ليس غير الإيمان بل هو وأحداثه فردان من مطلقه، والوجه الأول إذ في ضم المؤمنين إلى الكفرة إخلال بتكريمهم، وبما ذكر من النكتة في تقديم، والصابئون. قوله :( أو النصب على البدل من اسم إنّ وما عطف عليه ) ذكروا في إعرابه ثلاثة وجوه الرفع على الابتداء، والنصب بدلاً من مجموع الذين آمنوا، وما بعده أو مما عطف فقط، والمصنف رحمه الله تعالى ترك هدّا، وكأنه لما قيل إنّ البدل من المعطوف يستلزم الإبدال من المعطوف عليه كما ذكره الزمخشري في قوله تعالى :﴿ إذ أعجبتكم كثرتكم ﴾ [ سورة التوبة، الآية : ٢٥ ] وان قال النحرير أنه ممنوع قلو قال أو ما عطف عليه كان أشمل فإن قيل ما ذكر من الوجوه الثلاثة في محل من آمن هل يجري على تفسيري الدّين آمنوا أو لا قيل إن جعل أحداث الإيمان، والثبات عليه من إفراد الإيمان جاز إجراء الكل في كل من الوجهين، والأخص الرفع على الابتداء، والنصب على الإبدال في المجموع بما إذا أريد بالذين آمنوأ المنافقون، والنصب على الإبدال بما إذا أريد بهم خلص المؤمنين، واعلم أنه قال في الكشاف فإن قلت فأين الراجع إلى اسم إنّ قلت هو محذوف تقديره من آمن منهم كما جاء في موضع آخر فقيل هذا على تقدير البدل لا الخبر لوجود الراجع من قوله عليهم، وقيل في الردّ عليه المراد على تقدير ارتفاع من آمن على الابتداء إذ على تقدير كونه بدلاً فخبر أنّ هو قوله لا خوف عليهم وضمير عليهم عائد إلى اسم إق بلا حاجة إلى تقدير محذوف، والعجب ممن توهم العكس.
( قلت ) مراد الطيبي رحمه الله أنه على تقدير البدل يحتاج إلى رابط لأنه بدل بعض، ولا
بد فيه من الضمير كما ذكره النحاة، والخبر عن بدل المبتدأ لا عن المبتدأ، ورابطه به موجود، وهو عليهم كما تقول زيد عينه حسنة فإنّ الخبر للبدل لا للمبتدأ على الأفصح الصحيح، وهو وهم لأنه يقتضي أنه إذا كان مبتدأ فالجملة لا تحتاج لرابط وليس كذلك لأن ضمير عليهم وهم لمن، وليس هو الموصول المبتدأ بل بعضه، وكذا الرادّ عليه، وأهم أيضا لأن قوله ضمير عليهم عائد على اسم إن خطأ لأنه على من سواء كان بدلاً أو مبتدا لأنّ من لا خوف عليهم ليس عين ما تقدم بل بعضه، وهذه غفلة عجيبة منهما. قوله :) وقرئ والصابئين وهو الظاهر ) لعطفه على اسم إن من غير محذور، وقلبت الهمزة ياء على خلاف القياس، وقوله : بإبدال
الهمزة ألفا يعني من صبا فيصير كرمي