ج٣ص٢٧٣
ابتدائية إلا أن يقال إنها بيانية أو بمعنى الباء، وأما من الحق فعلى البيان متعلق بمحذوف، وعلى التبعيض بعرفوا، وهو معنى قوله عرفوا بعض الحق لا أنه إشارة إلى أنه مفعول به كما قيل، ويجوز أن تكون تعليلية أي فيض دمعهم بسبب عرفانهم، وفي كلامه إشارة إليه وقوله :( عرفوا كله ) الأفصح عرفوه كله لأنّ كل المضافة للضمير لا تقع في فصيح الكلام إلا تأكيداً أو مبتدأ، ولا يعمل فيها ما قبلها.
قوله :( أو من أمته الذين هم شهداء ) إشارة إلى قوله :﴿ وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ٤٣ ا ] وقد مرّ تفسيره وقوله استفهام إنكار، واستبعاد تحقيقا لإيمانهم كأنهم قالوا آمنا، ولا شبهة في إيماننا لأن عدم الإيمان في كمال الاستبعاد مع قيام الداعي، وهو الطمع في الدخول في زمرتهم، والانتظام في سلكهم والانخراط مع الصالحين بمعنى الانضمام معهم، والعذ منهم يقال انخرط فلان على القوم إذا جاءهم، ودخل معهم. قوله :( أو جواب سائل قال لم آمنتم الخ ) قيل عليه أنّ علماء النحو، والمعاني صرحوا بأن الجملة الاستئنافية الواقعة جواب سؤال مقدر لا تقترن بالواو ولا بد فيها من الفصل إذ الجواب لا يعطف على السؤال وما قيل في الجواب عنه أنّ الواو زائدة، وقد نقل عن الأخفش إنها تزاد في الجملة المستأنفة أو هو عطف على جملة محذوفة هي الجواب المستأنف تقديره ما لكم لا تؤمنون، وقد جاءكم الحق، والرسول ﷺ بين أظهركم لا يتوجه إلا ب!ثبات اقتران مثلها بالواو، وقد وقع مثله في الكشاف في مواضع، وكونها معطوفة على مقدر ينافي كونها جوابا، وقيل الظاهر عطفه بالواو، لأنّ كونه جوابا لا ينافي الاستفهام الإنكاري فتأمل. قوله :( ولا نوّمن حال من الضمير الخ ) ما استفهامية مبتدأ ولنا خبره، ولا نؤمن جملة حالية، وهي حال لازمة لا يتم المعنى بدونها نحو فما لهم عن التذكرة معرضحين ولذا لا يصح
اقترانها بالواو في مالنا، وما بالنا لا نفعل كذا لأنها خبر في المعنى، وهي المستفهم عنها، وقوله وذكره توطئة وتعظيما هذا على الوجه الثاني وهو أنّ المراد بكتابه ورسوله لأنه هو الذي جاءهم من الحق لكن لما كان المقصود من الإيمان بهما الإيمان بالله قدم ذكره عليهما، وهي حال عاملها معنوفي وهو الجار والمجرور أو متعلقه. قوله :( ونطمع عطف على نؤمن الخ ) قدر المبتدأ على تقدير الحالية لأنّ المضارع المثبت لا يقترن بالواو، وعلى العطف فهو عطف على المنفي أو النفي فإذا عطف على المنفي فظاهر وان عطف على النفي فالطمع ليس بمنكر، ولذا جعلوا الإنكار، والاستبعاد للجمع ينهما أي كيف نطمع في ذلك، ونحن غير مؤمنين، وقيل يحتمل أن يكون معطوفا على لا نؤمن بأن يكون عطفاً على النفي أي نجمع بين عدم الإيمان، وبين الطمع أو على المنفي أي لسنا نجمع بين الإيمان، وبين الطمع، وذلك الجمع بالدخول في الإسلام لأنّ المسلم هو الذي ينبغي أن يطمع في صحبة الصالحين، وما ذكر صاحب التقريب من أنه على الأول ورد الجمع على النفي، وعلى الثاني ورد النفي على الجمع يوهم أن الأول لجمع منفيين، وليس كذلك بل هو جمع، ونفي إثبات انتهى، وفيه أمران الأول أنه على المنفيّ لا حاجة إلى اعتبار الجمع لأنه إنما اعتبر في العطف على النفي لأنّ الطمع في إدخال الله لهم في زمرة الصالحين ليس بمنكر فلذا صرف الإنكار فيه إلى الجمع ليصير المعنى كيف يطمع في إدخال الله لهم في زمرة الصالحين مع عدم الإيمان، وأما إذا عطف على المنفي فإنكار نفي الطمع في إدخالهم في زمرتهم مستقيم من غير نظر إلى معنى الجمع الثاني أن ما جعله، وهما ليس كما قال : فإنّ معناه أنّ الجمع المنكر فيه اعتبر بعد تقرر النفي، وإذا عطف عليه بعد ما نفى فقد ورد الجمع الذي أفاده العطف على النفي أي طرأ عليه وجاء بعده، وإذا عطف على المنفي فالنفي وراد عليهما، وعلى الجمع ولا وهم فيه، وقول المصنف رحمه الله تعالى عطف على نؤمن ظاهر في عطفه على المنفي، ويحتمل الوجه الآخر. قوله :( والعامل فيها عامل الأولى مقيدا بها أو نؤمن ) أي الظرف أو متعلقه، وشمى عاملاً معنويا عندهم، ولما ورد على هذا كما في البحر أن العامل لا ينصب أكثر من حال! واحدة إذا كان صاحبها مفردا دون بدل أو عطف إلا أفعل التفضيل على الصححيح لأنه كتعلق حرفي جر لأنه بمعنى في حال كذا، ولذا قيل إنه مبيّ على رأي من إجاز تعددها مطلقا أشار المصنف رحمه الله تعالى إلى أن الحال الأولى منه