ج٣ص٢٧٧
بأنه على طريقة :
علفتها تينا وماء باردا
والتقدير إطعام من أوسط ما تطعمون أو إلباس من كسوتهم وردّ بأنه حيئذ يكون عطفا
على المبدل منه لا البدل مع ما فيه من تغيير الكلام، والجواب أنّ المراد أنه بالنظر إلى ظاهر اللفظ عطف على البدل فإن قيل هنا وجه آخر، وهو عطفه على إطعام وجعل من أوسط صفة إطعام على ما هو الظاهر أو صفة مصدر محذوف أي إطعاما من أوسط أو مفعولاً به أي طعاماً من أوسط فما الباعث على هذا الوجه المتعسف أجيب بأنه اختار ذلك لتكون الكفارة فيما
يتعلق بالمساكين متلائمة إذ الكسوة اسم للثوب فيناسب أن يعتبر في جانب الإطعام المطعوم بخلاف الإعتاق فإنه جن! واحد فليكن باسم المعنى، وهو التحرير، ومن حاول رد الكل إلى نهج واحد ذهب إلى أنّ التقدير إطعام أو إلباس كسوة.
( أقول ) ما ذكره مناف لما قرّره الأئمة وسلموه، ومثله لا يسمع، ثم إنه كيف يكون بدل
غلط، وهو يتوقف على كون الأوّل غير مراد معناه قطعاً، وهذا لا يصملح هنا لأنّ كلاً منهما مقصود، وكيف يعطف بدل غلط على غيره، ثم إنه كيف يتأتى ما ذكره من التناسب، وهو على البدلية صفة إطعام مقدّر فلا يخفى ما في كلامه من الاختلال فلا يعطف عليه إلا إذا قطع عما قبله وكان خبر مبتدأ محذوف، والمناسبة المذكورة لا يتكلف لأجلها مثل هذه التكلفات فلا وجه للتقليد فتأمّل، وأما بدل الاشتمال الذي ادعاه بعضهم فمما لا شبهة في عدم صحته. قوله :( وهو ثوب ينطي العورة الخ ) تفسير للكسوة تبع فيه الزمخشريّ، وأورد عليه أنه مخالف لمذهبه فانها عندهم ما يسمى كسوة قميص أو إزار أو منديل أو مقنعة، والقدوة بالضم، والكسر من يقتدى به، والاقتداء نفسه كالكسوة فمانها مصدر واسم المكسوّ أيضا فالمناسبة بينها، وبين الإطعام حاصلة من غير التكلف السابق، وقوله :( جامع قميص الخ ) كلامه ظاهر في أنّ كل واحد منها كاف وهو يخالف قول الكشاف، وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما إزار أو قميص! أو رداء أو كساء، وعن مجاهد ثوب جامع، وهو ما يستر البدن على ما هو المتعارف، وجامع منون ما بعده بدل منه أو مضاف، والأوّل أولى. قوله :( أو كسوتهم ) بكاف الجر الداخلة على أسوة بضم الهمزة وكرها أيضاً، وهي كما قال الراغب الحال التي يكون الإنسان عليها في اتباع غيره إن حسنا، وان قيحاً، وهو من الأسى وهو الحزن، وهو الإزالة نحو كربت النخل أزلت كربه وهذا أسوة هذا أي مثله فالكاف على هذه القراءة زائدة، ولذا قال المصنف رحمه الله تعالى كمثل ما تطعمون، وهذه قراءة سعيد بن جبير، وابن السميفع وهي شاذة، وهمزته بدل من واو لأنه من المؤاساة واليه أشار المصنف رحمه الله تعالى، وقوله والكاف في محل الرفع الخ ظاهر كلامه أنه خبر مبتدأ محذوف، ويحتمل أنه بيان للمعنى، ولذا قيل إنه ليس بمستقيم والأولى طعام كاسوتهم على الوصف فهو عطف أيضاً على من أوسط، وعلى هذه القراءة يكون التخيير بين الإطعام التحرير فقط وتكون الكسوة ثابتة بالسنة، وقيل إنها لنفي الكسوة، وفيه نظر، وقال السفاقسي قدر أبو البقاء أي مثل أسبوة أهليكم في الكسوة فلا تكون الآية عارية من الكسوة، وفيه نظر لأنه ليس في الكلام ما يدل عليه، وجوّز فيها النصب أيضا
على أحد الوجوه في إعراب من أوسط وجعله معطوفاً عليه، وشرط الشافعيّ رضي الله تعالى عنه في المعتق الإيمان، ودليله، والجواب عنه مفصل في محله. قوله :( ومعنى أو إيجاب إحدى الخصال الثلاث الخ ) اختيار للمذهب المختار في الواجب المخير، وهو أنّ الواجب أحد الأمور لا على التعيين لا ما نسب إلى بعض المعتزلة أنّ الواجب الجمع، ويسقط بواحد وبعضهم الواجب معين عند الله وهو ما يفعله المكلف فيختلف بالنسبة إلى المكلفين وبعضهم أن الواجب واحد معين لا يختلف لكن يسقط به، وبالآخر وتفاوتها فدراً وتوابأ لا ينافي التخيير المفوض! تفاوته إلى الهمم، وقصد زيادة الثواب فإنّ الكسوة أعظم من الإطعام، والتحرير أعظم منها.
( وهاهنا بحث ) وهو أنّ أو لأحد الشيئين أو الأشياء، وإنما تفيد التخيير بعد الطلب فقوله : كفارته إطعام خبر لفظاً طلب معنى لأنّ المقصود منه إيجاب ذلك، وحينئذ كيف تكون الفاء لتعقيبه إذ لو كان كذلك لاقتضى وجوبه قبل الحنث، ولا قائل به فإن قيل يقدر له تيد كما مرّ، لم يبق له دلالة على ما ذكروه فتأمّل، وقوله : واحدا