ج٣ص٢٨١
ذلك، وقوله : بعد ذلك الابتلاء أي بعد إلابتلاء السابق، وما علم من حاله، وقيل المراد قدرة المحرم عليه فيما يستقبل فإن الابتلاء بغشيان الصيود قد مضى، وقوله : من لا يملك جأشه بالهمزة، وأصل معناه الصدر كما في الأساس ويطلق على القلب، وملك الجأس ضبطه بمعنى الصبر والتحمل، ويقال : ربط لذلك الأمر جأشا وهو رابط، وفي ضده واهي الجأس ومعناه ما ذكر وفسر العذاب الأليم بالوعيد لأنه ليس واقعاً البتة، ولا في حين الاعتداء والتقصير في أمر تسهل رعايته فوق التقصير فيما تصعب رعايته فلذا توعد عليه، وهذا يشبه حيتان أهل السبت، ولحوق الوعيد لا يحقق لحوق العذاب فما قيل إنه مناسب لمذهب المعتزلة باطل. قوله :( جمع حرام ) بمعنى محرم، وان كان في الحل ومن كان في الحرم، وان كان حلالاً وهما سيان في النهي عن قتل الصيد، ورداح المرأة الئقيلة الردف والكثيبة العظيمة، وجمعه ردح بضمتين، وذكر القتل لما ذكر والذكاة بالذال المعجمة النحر والذبح. قوله :( وأراد بالصيد ما يؤكل لحمه الخ ) هذا مذهب الشافعي رحمه اللّه من أنّ ما لا يؤكل من الصيد فلا جزاء على المحرم فيه، ومذهبنا كما في كتاب الأحكام إنه عام في جميع صيد البرّ إلا ما خصه الحديث الآتي ولا يقاس غير الخمس عليها، والمراد بها كل ما ابتدأ الإنسان بالأذى كالسبع والذئب بالإجملا فخص به ما خرج عنه فإن لم يبتدئه بالأذى فعليه
الجزاء، ولما لم يكن للخمس علة مذكورة لم يجز القياس عليها، وكونه غير ماكول اللحم لم تقم الدلالة عليه من فحوى الكلام، ولا ذكر لعلته فيه، ومن أصحابنا من يابى القياس في مثله لحصره بالعدد وكونه غير مأكول نفي، والنفي لا يكون علة. قوله :( خمس يقتلن الخ ) رواه الشيخان ورواية " الحية " في مسلم وقوله :( مع ما فيه الخ ) أي بالقياس عليه، وهو مذهبه، وقوله : هل يلغي أي يبطل حكمه، ولذا عبر بالقتل وهو الأصح من مذهب الثافعي أيضا. قوله :( ذاكرا لإحراد ٤ عالماً بأنه حرام عليه الخ ) وليس ذكر العمد للتقييد عند الجمهور بل إما لأنه المورد أو لأنه الأصل والخطأ ملحق به للتغليظ، والإشعار بأنه يستوي فيه العمد والخطأ، ووجه الدلالة أنه لا وبال ولا انتقام في الخطأ وهذا معنى قول المصنف رحمه أدلّه بل لقوله :( ومن عاد ) الخ وقوله :( والخطأ ملحق به ) فيه نظر فإنّ القياس لا يجري في الكفارات عندنا فالظاهر قول الزهري رحمه الله : نزل الكتاب بالعمد ووردت السنة بالخطأ وذهب سعيد بن جبير إلى أنه لا شيء في الخطأ عملا بظاهر الآية. قوله :( فطعنه أبو اليسر رضي الله عنه الخ ) قالوا إنما هو أبو قتادة رضي الله عنه كما في الصحيحين من روايته، وهو الذي فعل ذلك وقد تبع المصنف فيه الكشاف وقال الطيبي أنه ليس في شيء من الأصول يعني أصولي كتب الحديث وأورد على قوله :( إذ روي اليئ ) أنه يدل على أنّ قتلهم كان عن قصد، ولا يدل على أنه عن علم بأنه حرام لأنّ الحديث دل على أنّ حرمة الصيد المحرم علم بعد نزول الآية فلا يدل على أنّ قتلهم عن تعمد بما فسره به، وفيه نظر لأنه صرّج في الكشاف بأنه كان محرّما في الجاهلية أيضاً نكان معلوما، والمعلوم من الآية كونه قد شرعنا به، واعلم أنه عدل عن قول الكشاف في التعريف أن يقتله، وهو ذاكر لإحرامه أو عالم أن ما يقتله مما يحرم عليه قتله لأنه
ليس بمانع لأنه إذا رمى غير صيد أصاب صيدا، وهو ذاكر لإحرامه ينبغي أن يكون عمداً وليس به، وقد تكلف له ودفع آخرا بأن أو بمعنى الواو فلذا غيره المصنف رحمه الله. نوله :( برفع الجزاء والمثل قراءة الكوفيين الخ ) الفاء إما جزائية أو زائدة في خبر الموصول قرأ أهل الكوفة فجزاء مثل بتنوين جزاء، ورفعه وفع مثل وباقي السبعة برفعه مضافا إلى مثل، ومحمد بن مقاتل بتنوين جزاء ونصبه ونصب مثل والسلمي برفع جزاء منوّنا ونصب مثل وقرأ عبد اللّه فجزاؤه برفع جزاء مضافاً لضمير، ورفع مثل فأما قراءة الكوفيين فواضحة لأن جزاء مبتدأ ومثل صفته والخبر محذوف أي فعليه جزاء مماثل لما قتله، وجوّز أبو البقاء مثل البدلية، والزجاج أن يكون جزاء مبتدأ ومثل خبر. إذ التقدير جزاء ذلك الفعل، أو المقتول مماثل لما قتله. قوله :( وعليه لا يتعلق الجار بجزاء ) وأيضاً المصدر يعمل بمشابهة الفعل وبوصفه بعد الشبه، وأما كون المصدر بمعنى المجزى به فهو في حكم الصفة، فرد بأنه تفسير معنى لا تأويل إعراب فإنه جعل عين الجزاء مبالغة، والمقصود أنه مجزى به وفيه نظر، وإذا لم يتعلق