ج٣ص٢٨٦
للفاعل أي شدد عليهم في إيجاب امتثال ما أمر به لأنّ معناه أن ما أمر به، وهو الرسول الكريم ﷺ لم يقصر به فما وجه تقصيركم، ولم يأل جهدا في تبليغكم فأقي عذر لكم في الترك. قوله :) حكم عام في نفي المساواة عند الله ) فإنه في أكثر أحسن كل شيء أقله، وهو ظاهر :
والناس ألف منهم كواحد وواحد كالألف إن أمر عني
والخطاب عام لكل ناظر بعين الاعتبار فإنه الصالح للخطاب، وفيه إشارة إلى غلبة أهل الإسلام، وان قلوا كما أنّ التوبة الواحدة تمحوا الألوف من الذنوب، وآثروا بالمد من الإيثار
أي قدموه على غيره واجعلوا له أثرة على غيره، وقوله :( راجين الخ ) تقدم الكلام فيه، وأنّ الرجاء بالنسبة إلى المخاطبين لا بالنسبة إليه تعالى وحجاج جمع حاج أو حجيج وقد تقدم الكلام على هذه القصة وأنّ المسلمين أرادوا أن يوقعوا بحجاج اليمامة وكان معهم تجارة عظيمة فنهى الله عن المشركين القاصدين لحرم الله، وسمي ما معهم خبيثا، واليمامة بلاد وهي في الأصل اسم امرأة سميت بها. قوله :( الشرطية وما عطف عليها الخ ) يعني ليس السؤال عنه مطلقاً منهياً عنه بل منه ما هو لازم كالسؤال عما لا يعلم من أمر دينه :" وطلب العلم فريضة " كما في الحديث بل السؤال عما لا حاجة إليه مما بين إذ ربما تجر كثرة السؤال إلى ما يورث الغم فليس النهي عن السؤال مطلقا بل عن أشياء إن تبدلهم تسؤهم، وهي التكاليف الصعبة. قوله :( وهما كمقدمتين الخ ) قال الطيبي بعدما ذكرء
قلت : هذا النوع عند علماء البيان يسمى بالكناية الإيمائية فيفيد القطع بامتناع السؤال
وليس يوجد في الآية، وتقرير الزمخشريّ أقرب لما يفهم من دليل الخطاب، والتقييد بالوصف أن هناك سؤالاً لا يعمهم وهو ما لا يتعلق بالتكاليف الشاقة، والأمور التي إن ظهرت أوقعتهم في الحرج، والضيق وهذا أحسن لولا أنّ قوله أن تبدلكم يقتضي أن يخص السؤال بما في إخفائه مصالح للعباد، وفي إبدائه فساد فإن مقابل الإبداء الإخفاء، ويعضده ما روى البخاري، ومسلم في سبب نزولها عن أنس رضي الله عنه قال خطب رسول الله ﷺ خطبة ما سمعت مثلها قد فقال :" وتعلمون ما أعلم لضحكتم فليلاَ، ولبكيتم كثيرا ) وفيه فقال رجل : قن أبي فقال. " فلان " فنزلت وفيه تأمل، وقوله : في زمان نزول الوحي تفسير لقوله حين ينزل القرآن. قوله :( وأشياء اسم جمع كطرفاء غير أنه الخ ) في أشياء مذاهب خمسة :
أولها : وهو مذهب الجمهور، وهو أقربها، واليه ذهب الخليل، وسيبويه والمازني،
وكثر البصريين أنها اسم جمع لا جمع كطرفاء، وأصلها شيآء بهمزتين بينهما ألف ووزنها فعلاء فقدمت الهمزة الأولى التي هي لام الكلمة على الفاء لاستثقال همزتين بينهما ألف قبلهما حرف علة وهي الياء فوزنها حينئذ لفعاء والقلب كثير في كلامهم فلا يضر الاعتراض بأنه خلاف الأصل لأنه أهون الشرين، وحسنه يعلم مما يخالفه، ومنع الصرف لألف التأنيث.
الثاني : مذهب الفراء أنها جمع شيء بياء مشددة، وهمزة بوزن هين، ولين خفف كما
قالوا في ميت ميت، وجمع بعد تخفيفه على أشيآء بهمزتين بينهما ألف بعد ياء بزنة أفعلاء فاجتمع همزتان إحداهما لام، والأخرى للتأنيث فخففوه بقلب الهمزة الأولى ياء ثم حذفوا الياء الأولى التي هي عين الكلمة فصار وزنه أفلاء، وقيل في تصمريف هذا المذهب أنّ أصله أشيآء فحذفت الهمزة التي هي لام الكلمة لأنّ الثقل حصل بها فوزنها أفعاء، وعليهما مغ الصرف لهمزة التأنيث.
الثالث : مذهب الأخفش أن أشياء جمع شيء بوزن فلس، وفعلا يجمع على أفعلاء فجمع على أشيآء بهمزتين بينهما ألف بعد ياء ثم عمل فيه ما مر، ومنهم من عزا هذا المذهب للأخفش، وهو أمر سهل. ورده الزجاج بأن فعلاً لا يجمع على أفعلاء، وناظر المازني الأخفش في هذه المسألة فقال كيف تصغر أشياء قال : أقول أشيآ فقال المازوني : لو كانت أفعلاء لردت في التصغير إلى واحدها فقيل ش!آت، وإجماع البصرين أنّ تصغير أصدقاء إن كان لمؤنث صديقات، وان كان لمذكر صديقون فانقطع الأخفش، وتحقيقه أنّ المكسر إذا أصغر فإمّا أن يكون جمع قلة فيصغر على لفظه، وان كان جمع كثرة لا يصغر على لفظه فإن ورد منه شيء كان شاذاً بل يردّ إلى واحده فإن كان من غير العقلاء صغر، وجمع بالألف، والتاء، وان كان من العقلاء جمع بالواو، والنون