ج٣ص٢٩٢
يقتضي الإتيان لمصدر الفعل المجهول بنائب فاعل، وهو اسم ظاهر مرفوع، وهذا وأن جوّزه البصريون كما في شرح التسهيل للمرادي في باب المصدر فقد منعه الكوفيون، وقالوا إنه هو الصحيح لأنّ حذف فاعل المصدر سائغ شائع فلا يحتاج إلى ما يسد مسد فاعله كفاعل الفعل الصريح، وحذف المضاف إما من المبتدأ أو الخبر كما مرّ، ووقع في النسخ هنا اختلاف ففي نسخة الأشهاد في الوصية، وفي أخرى بالوصية، وفي أخرى أو الوصية فيكون المراد بالشهادة الوصية، وسيأتي ما يتعلق به، والأخيرة ليست معتمدة، ولا تناسب الكلام فتأمّل. قوله :( من أقاربكم أو من المسلمين وهما صفتان الخ ) التفسيران مبنيان على ما سيأتي. قوله :( ومن فسر الغير بأهل الذفة ) بناء على أنّ منكم معناه من المسلمين، وفي كونه منسوخا، واجماعاً نظر أما الأوّل فلأنه قد سبق من المصنف رحمه الله تعالى في آية الوضوء أن القول بالنسخ في هذه السورة ضعيف لقوله ﷺ المائدة آخر القرآن نزولاً فأحلوا حلالها وحرّموا حرامها، وأما الثاني فلأنّ ابن حنبل رضي الله تعالى عنه أجاز شهادة الكافر على المسلم في الوصية، وأبو حنيفة رحمه الله تعالى أجازها في بعض الصور المذكورة في الفقه فتأمل. قوله :( أي سافرتم فيها ) لأنّ ضرب في الأرض! معناه سافر كما بين في كتب اللغة، وقوله أي قاربتم الأجل إشارة إلى أنه من مجاز المشارفة لأنّ الوصية قبل إصابته. قوله :( تقفونهما الخ ) وقف يكون لازما ومتعديا قال الراغب : يقال وقفت القوم أقفهم وقفا، ووقفواهم وقوفا، وتصبرونهما من الصبر بالصاد المهملة بمعنى الحبس قال في
النهاية في الحديث :" من حلف على يمين صبر " أي ألزم بها، وحبس عليها، وكانت لازمة له من جهة الحكم. قوله :( صفة لآخران الخ ) على الوصفية جملة الشرط معترضة فلا يضر الفصل بها، واختلف في الشرط هل هو قيد في أصل الشهادة أو قيد في آخران من غيركم فقط بمعنى أنه لا يجوز العدول في الشهادة على الوصية إلى أهل الذمة إلا بشرط الضرب في الأرض، وهو السفر فإن قيل هو شرط في اصل الشهادة فتقدير الجواب إن ضربتم في الأرض! فليشهد اثنان منكم أو من غيركم وان كان شرطا في العدول إلى آخرين من غير الملة فالتقدير فأشهدوا آخرين من غيركم أو فالشاهدان آخران من غيركم فقد ظهر أن الدالّ على جواب الشرط أما مجموع قوله اثنان ذوا عدل الخ، وأما آخران من غيركم فقص، وجملة أصابتكم معطوفة على الشرط، والى الثاني ذهب المصنف لظهوره. قوله :( صلاة العصر الخ ( فالتعريف للعهد أو للجنس، وتصادم ملائكة الليل الخ لأنه يوكل بالمرء من يحفظه، ويكتب أعماله في النهار، وآخروه في الليل، وملائكة النهار يصعدون بعد العصر، وملائكة الليل تهبط بعده أيضا فيتلاقون حي!سذ فالتصادم مجاز عن التلافي، وهذا ورد مصرّحاً به في الحديث، واجتماع طائفتي الملائكة فيه تكثير للشهود منهم على صدقه، وكذبه فيكون أقوى من غيره، وأخوف. قوله :( إن ارتاب الوارث منكم الخ ) قدر المض، ف أي ارتاب وارثكم لأنّ المخاطب الموصون والمرتاب الموصى له وجعله وارثا لأنه الأغلب، والمذكور في سبب النزول، والا فقد يكون الموصى له غير الوارث، ولو قدّر الموصي كان أسلم، وليس المراد بالوصية هنا الوصية التي لا تكون للوارث، وهو ظاهر، وقيل نزل ارتياب الموصى له منزلة ارتياب الموصي. قوله :) وإن ارتبتم اعتراض الخ ( في الكشاف إن ارتبتم في شأنهما، واتهمتموهما فحلفوهما فالشرط مع جوابه المحذوف معترض لا الشرط وحده قيل قدر جواب الشرط ليكون الاعتراض هو الجملة الشرطية، ولو كان هو الشرط فقد لكان الجزاء مضمون القسم فلم يحسن توسيطه بين القسم، والجواب بل التقديم عليه أو التأخير، والمصنف رحمه الله تعالى لا بد له من ذلك أيضاً لأنه لا يخلو أن يكون للشرط جواب أو لا فإن لم يكن له جواب تكون أن وصلية، وهي مع أنّ الواو
لازمة لها ليس المعنى عليها، ولو قدر فإمّا مقدماً أو مؤخراً، وكلاهما ينافيان الاعتراض إلا أن يريد أنها مستغنية عن الجواب لسد ما أكدته مسدّه، وفي قوله اختصاص القسم بحال الارتياب، وقوله بعد ذلك وجوابه أيضاً محذوف ما يشعر بموافقة الكشاف فتأمّل فما تيل إنه رأى اعتراض! الشرط، ومنع عدم