ج٣ص٩٩
عن التكميل، فإن ذكوت لبيان المعوّض عنه فباء المقابلة تصلح للمأخوذ والمتروك، واعتبر بقولك بعت هذا بدرهم، وجواب مخاطبك اشتريت به، فالدرهم مأخوذك ومتروك مخاطبك، وظهر من هذا أنّ بدل له ثلاث استعمالات، بدلت الخاتم بالحلقة وهو المبحث، وبدلت الخاتم حلقة إذا جعلت الحلقة بدله، وبدلت زيداً خاتماً بثوب إن أعطيته الخاتم بدلاً عن الثوب، فاعتبره واستبصره، ثم إنّ كلامه اعتراض على قول السدي، وما قبله لأن المتروك عنده الخبيث وهو المهزول، أو الرديء وتركه على المكارمة مع الصديق بأن يكون للصبي دين على صديق الولي فيأخذ الوليّ منه رديئا مكان جيد مكافأة له على سابق صنع له أو إثابة تصحيحا لهما، والأشبه أنّ الكلام على إطلاقه، وإذا أعطى رديئاً وأخذ جيدا من مال الصبيّ يصدق أنه تبدل الجيد بالرديء للصبي وبدل لنفسه، وظاهر الآية أنه أريد البدل للصبي، لأنّ الأولياء هم المتصرفون في أموالهم فنهوا عن بغ بوكس من أنفسهم ومن غيرهم وما ضاها ولا يضر أنه تبدل لنفسه أيضا باعتبار آخر، لأن المتبادر إلى الفهم النهي عن تصرف لأجل الصبي ضارّ سواء عامل الولي نفسه أو غيره، واشتبه على المصنف للغفول عن اختلاف الاعتبار، فأوّله بما لا إشعار للفظ به، فإن ذهب إلى التأويل لا محالة، فالأولى أن يقال المهزول هو الطيب والسمين هو الخبيث ضربه مثلاً للحرام والحلال ا هـ، وهذا زبدة الكلام في هذا المقام فاختر لنفسك ما يحلو، والرفغ بمعنى النفيس، وأصل معناه العالي المرتفع وإنما ضعفه كما مرّ وأشار إليه لدخول الباء على المأخوذ وهو شأن التبديل لا التبدّل وقد عرفت ما فيه. قوله :( ولا تثلواها مضمومة إلى أموالكم الخ ( يعني أنّ إلى التقدير متعلقه مضمومة وهو يتعذى بإلى، أو لتضمين اكل معنى الضم، وقيل : إلى بمعنى مع وفي الكشف لو حمل الانتهاء في إلى على أصله على أن النهي عن أكلها مع بقاء مالهم كأنّ أموالهم جعلت غاية لحصلت المبالغة، والتخلص عن الاعتذار وهذا ما ارتضاه الفراء في تفسيره، وقال : لا تكون إلى بمعنى مع إلا إذا ضم شيء إلى آخر كقوله : لذود إلى الذو ابل، وقد مرّ وفسر ا!ل بالإنفاق إشارة إلى أن المراد به الانتفاع والتصرف فعبر عنه بأغلب أحواله، وقوله :﴿ ولا تسووا بينهما ﴾ إشارة إلى أن المراد بالمعية مجرد التسوية بينهما في الانتفاع أعم من أن يكون على الانفراد، أو مع ماله فهو جواب عن السؤال الواقع في الكشاف المجاب عنه ثمة بأن المعية تدل على غاية قبح فعلهم حيث أكلوا أموالهم مع الغني عنها تقبيحاً لما كانوا عليه فلا يلزم القائل بمفهوم المخالفة جواز أكل أموالهم وحدها، والسؤال لا يرد إذا فسر تبدل الخبيث بالطيب
باستبدال أموال اليتامى بماله وأكلها مكانه فإنه يكون نهبا عن أكلها وحدها وهذا عن ضمها، وليس الأوّل مطلقاً حتى يرد سؤال بأنه أي فائدة في هذا بعد ورود النهي المطلق. قوله :( الضمير لدل الخ ) وقيل للتبدل وقيل لهما، وقوله : ذنبا عظيماً فسر الكبير بالعظيم، وهذا لا ينافي ما قيل إن العظيم فوق الكبير إما لأن الكبير بمعناه عنده أو أن تنكيره للتعظيم والحوب الذنب العظيم، وقيل : هو مطلق الذنب، ويكون بمعنى الوحشة والصعب. قوله :( أي ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ ﴾ الخ ) تفسيره بما ذكر لبيان الربط بين الشرط والجزاء، وقدم هذا الوجه لأنه أرجح مما بعده لمناسبة ما قبله وما بعده، وارتباط الشرط بالجزاء أتم إرتباط، والقرينة على أن المراد من لا تقسطوا في اليتامى المتزوّج بهن، الجواب فإنه صريح فيه والربط يقتضيه، وتفسير النساء بغير اليتامى لدلالة المعنى واشارة لفظ النساء وقوله :( طاب لكم طاب ) يكون بمعنى مالت له النفس واستطابته، وبمعنى حل وبالثاني فسره الزمخشريّ وظاهر تصريح المصنف به في الثالث أنه فيما قبله بالمعنى الأوّل، وفسره الزمخشري فيها بالحل، واعترض عليه الإمام بأنه في قوّة أبيح المباح، وأيضا يلزم الإجمال حيث لا يعلم المباج من الآية، وآثر الحمل على المستطاب، ويلزم التخصيص وجعله أولى من الإجمال، وأجاب في الكشف بأن المبين تحريمه في قوله :﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ﴾ [ سورة النساء، الآية : ٢٣ ] الخ إن كان مقدم النزول فلا إجمال لأن المعنى فانكحوا ما بين لكم حله ولكنه مقيد بالعدّة المخصوصة فليس في قوّة أبيح المباح لإفادة الزيادة ولا إجمال ولا تخصيص، وتعريف الموصول للعهد وألا فالإجمال المؤخر بيانه أولى من التخصيص بغير المقارن لأنّ تأخير بيان المجمل


الصفحة التالية
Icon