ج٤ص١٦٢
وكان من حق مسجد فتح العين لضمها في المضارع، وله أخوات في الشذوذ مذكورة في التصريف ويحتمل أنه إشارة إلى أنه مصدر ميمي، والوقت مقدر أو اسم مكان كني به عن الصلاة واليه الإشارة بقوله وهو الصلاة، وقيل : إنه إشارة إلى أنّ عند بمعنى في والمسجد اسم زمان أو مكان بالمعنى اللغوي وهو أي السجود على الوجهين مجاز عن الصلاة لا إلى أنه مصدر ميمي والوقت مقدر قبله كما توهم. قوله :( أو في أيّ مسجد حضرتكم الصلاة الخ ) عطف على قوله في كل وقت سجود والمسجد بالمعنى المصطلح، ففيه ثلاثة وجوه ويكون الأمر للوجوب على الأوّلين وللندب على الثالث وهو لا يناسب المقام، وقوله واعبدوه إشارة إلى أنّ الدعاء بمعنى العبادة لتضمنها له، والدين بمعناه اللغوي وهو الطاعة، وقوله فإنّ إليه مصيركم أي رجوعكم مأخوذ من قوله تعودون بعده وبيان لارتباطه به وأنه مذكور للتعليل. قوله :( كما أنشثم ابتداء تعودون بإعادته الخ ) إنما قال تعودون ولم يقل نعيدكم إشارة إلى أنّ الإعادة دون البدء من غير مادّة ولذا فسر بدأكم بأنشأكم حتى كأنه عاد بنفسه بحيث لو تصوّر الاستغناء عن الفاعل لكان في الإعادة دون البدء فهو كقوله تعالى :﴿ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾ [ سورة الروم، الآية : ٢٧ ] سواء كانت الإعادة الإيجاد بعد الإعدام بالكلية أو بجمع متفرّق الأجزاء، وقول المصنف باعادته بيان للواقع ورتب المجازاة عليه إشارة إلى أنه المقصود من ذلك ليرتبط بما قبله وما بعده. قوله :( وإنما شبه الإعادة بالإبداء الخ ) وجه التقرير والتحقيق ما مر من أنّ الإعادة بالنسبة إلى المخلوقين أسهل من الإبداء فذكر على المتعارف، وغر لا بغين معجمة وراء مهملة تقدم معناه. قوله :( وقيل كما بدكم مؤمناً وكافرا ) هذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما فيكون كقوله تعالى :﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ ﴾ ويكون ما بعده تفسيراً وتفصيلا له، قيل وهو أنسب بالسياق لأنهم أمرهم بالإخلاص وأشار إلى أنه لا يتيسر له ذلك إلا من قدر له السعادة فإنه قضى بالسعادة والشقاوة، وتوله مؤمناً وكافراً فيه تسمح أي فريقاً مؤمنا وفريقاً كافراً والمعنى خلقكم منقسمين إلى ذلك. قوله :( بمقتضى القضاء السابق الخ ( أي بينت الهداية
والضلالة بمقتضى القضاء الأزلي، وهو عندنا إرادة الله الأزلية المتعلقة بالأشياء على ها هي عليه فيما لا يزال، وعند الفلاسفة علمه بما ينبغي أن تكون عليه الأشياء وعدل عن تفسير الزمخشريّ فإنهم ينكرون القضاء في أفعال العباد الاختياربة ويثبتون علمه بها وتحقيقه في أصول الدين. قوله :( وانتصابه بفعل يفسره ما بعده ) أي انتصاب فريقا الثاني وانتصاب الأوّل بهدي وقدّم عليه للتخصيص فالمناسب تقدير العامل في الثاني مؤخرا أيضاً والجملتان حال بتقدير قد أو مستأنفة، ويجوز نصبهما على الحال من ضمير تعودون والجملتان بعدهما صفتان لهما ويؤيده قراءة أبيّ رضي الله عنه تعودون فريقين فريقاً هدي وفريقا الخ والمنصوب بدل أو منصوب بأعني مقدراً. قوله :( أي وخذل ) تبع فيه الزمخشريّ وقد قيل عليه لا ضرورة في تفسير الهداية بالتوفيق للإيمان، وأما جعل المضمر المفسر خذل دون أضل مع أنه الظاهر الملائم لهدي وحقت عليهم الضلالة فاعتزال، ولك أن تقول أنّ المصنف رحمه الله لم يرد ما قصده الزمخشريّ فإن التوفيق للإيمان هداية ومن أضله الله فهو مخذوف والخذلان ترك النصر فلما اتخذوا الشياطين أولياء يستندون إليهم وكلهم الله إليهم ولم ينصرهم، وإنما فسره به لدلالة ما بعده عليه فتأمّله. قوله :( تعليل لخذلانهم ) إشارة إلى ما حققناه، ويؤيده أنه قرئ إنهم بالفتح وهي نص في التعليل فلذا اختاره المصنف رحمه الله، وقوله :( أو تحقيق لضلالهم ( أي تأكيد له لأنّ الخذلان يستلزم الضلالة والجملة مستأنفة ولم يسند الإضلال إليه تعالى وان كان هو الفاعل له تعليماً للأدب. قوله :( يدل على أنّ الكاقر المخطئ الخ ) وجه الدلالة أنه ذكر أوّلاً من وإلى الشياطين عادلاً عن الله وهم المعاندون ثم ذمّ من ظن منهم أنّ ما هو عليه حق وهدى، وهو المخطئ، فلا يرد عليه أنّ من حسب أنه مهتد كيف يكون معاندا فيتكلف جوابه، وقيل إن من حقت عليه الضلالة في مقابلة من هداه الله وهو شامل للمعاند والمخطئ فقوله ويحسبون الخ من قبيل بنو فلان قتلوا قتيلاً. قوله :( وللفارق أن يحمله على المقصر في النظر ) قيل


الصفحة التالية
Icon