ج٤ص١٦٧
قال الزجاج رحمه الله المعنى وقالت أخراهم يا ربنا هؤلاء أضلونا لأجل أولاهم وأما لام أولاهم لأخراهم فيجوز فيها أن تكون للتبليغ لأن خطابهم معهم بدليل قوله :﴿ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ ﴾ [ سورة الأعراف، الآية : ٣٩ ] قاله المعرب. قوله :( سنوا فا الضلال فاقتدينا بهم ) فسره بأنهم سنوا لهم الضلال ليشمل الجميع لأنّ حقيقة الإضلال الدعوة إلى الضلال وهو يقتضي ملاقاتهم لهم وليس بلازم ومن فسره بدعونا إلى الضلال وأمرونا به أراد هذا أيضاً لأن من سن سنة سيئة فقد دعا إليها وأمر بها في التقديو، وكذا قوله :﴿ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا ﴾ [ سورة سبأ، الآية : ٣٣ ] وقيل إنه قول البعض وله
وجه. قوله :( مضاعفاً لآنهم ضلوا وأضلوا ) قال أبو عبيد الضعف مثل الشيء مرّة واحدة وقال الأزهري : ما قاله هو ما تستعمله الناس في مجاز كلامهم، وقال الشافعي رضي الله عنه قريبا منه فيما لو أوصى بضعف ما لولده والوصايا جارية على عرف الاستعمال، وأما كلام الله تعالى فيرذ إلى كلام العرب، والضعف في كلام العرب المثل إلى ما زاد ولا يقتصر على مثلين بل هو غير محصور، ولذا فسروه هنا بمضاعف وقد مرّ له تفصيل وضعفا صفة لعذابا، ويجوز أن يكون بدلاً منه ومن النار صفة العذاب أو الضعف. قوله :) أما القادة فبكفرهم الخ ) القادة جمع قائد أي الرئيس المتبوع وهو في الجمع كسادة وفيه كلام في النحو، وقوله بكفرهم وتقليدهم في الكشاف لأنّ كلا من القادة والأتباع كانوا ضالين مضلين، أما الأوّل فظاهر، وأما الثاني فلأنّ القادة زادوا باتباعهم لهم طغيانا وثباتا على الضلال وقوّة على الإضلال كما قال تعالى :﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴾ [ سورة الجن، الآية : ٦ ] قيل ولا يخفى عدم اطراده فإن اتباع كثير من الأتباع غير معلوم للقادة إلا أن يقال إنه مخصوص ببعضهم ولذا قيل الأحسن أن يقال إنّ ضعف الأتباع لإعراضهم عن الحق الواضح وتولى الرؤساء والمتبوعين لينالوا عرض! الدنيا اتباعا للهوى ويدل عليه قوله تعالى :﴿ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ ﴾ [ سورة سبأ، الآية : ٣٢ ] وفيه نظر وكلام المصنف رحمه الله يحتمل أن يكون التقليد في الهوى ضلالاً آخر يستحقون به المضاعفة فلا يرد عليه ما ذكر. قوله :( ما لكم أو ما لكل فريق وقرأ عاصم رحمه الله بالياء على الانفصال ) الظاهر أنّ المراد من الانفصال انفصال هذا الكلام عما قبله بأن يكون تذييلا لم يقصد به إدارجه في الجواب حتى يكون خطابا لهم وقيل معناه انفصال القادة من الاتباع بخلاف قراءة التاء فإنها للفريقين بتغليب المخاطبين الذين هم الاتباع على الغيب الذين هم القادة إذ على قراءة عاصم لا يمكن القول بالتغليب إذ لا يغلب الغائب على المخاطب، وفيه أنّ قول المصنف لا يعلمون مالكم إشارة إلى أنّ الخطاب للاتباع من غير تغليب، وقوله أو ما لكل فريق إشارة إلى التغليب فتأمل قيل لكن، ولا تعلمون من جملة مقول القول، ولكل ضعف يلقى إلى الاتباع لأنه جواب قولهم فآتهم الخ فإذا قرىء لا تعلمون بالخطاب يكون موجها إليهم، وإذا قرئ بالغيبة يكون منفصلاً غير ملقى إليهم وهذا ما أشرنا إليه أوّلاً وتضعيف العذاب للضلال والإضلال فلا يكون زيادة على ما استحقوه حتى يكون ظلما مع أنه لا يسئل عما يفعل. قوله :( عطفوا كلامهم على جواب الله الخ ) المراد بالعطف في كلامه العطف الواقع بالفاء في قوله فما كان الخ، ولذا قال شراح الكشاف : إنّ معناه ترتيبه عليه لا العطف الاصطلاحي فقوله ورتبوه تفسير له لأنه جواب
شرط مقدّر لأنهم رتبوا كلامهم على كلام الله تعالى على وجه التسبب لأن إخبار الله تعالى بقوله لكل ضعف سبب لعلمهم بالمساواة حملهم على أن يقولوا وإذا كان كذلك فقد ثبت أنه لا فضل لكم علينا في استحقاق الضعف وقيل إنها عاطفة على مقدّر أي دعوتم الله فسوّى بيننا وبينكم فما كان الخ وفيه تأمّل. قوله :) من قول القادة أو من قول الفريقين ) كذا في أكثر النسخ وفي بعضها، أو من قول الله للفريقين وهي أظهر من الأولى لأنه إذا قالته الأولى للأخرى على سبيل التشفي يكون من مقول، القول الأخير وهو تثف بأنّ دعاءهم عاد عليهم ضررة، ولم يختص بمن دعوا عليه وإذا كان من كلام الله تعالى لهما يكون توبيخا وأما إذا كان من مقول الفريقين فيحتاج إلى تقدير أي قالت كل فرقة للأخرى ذوقوأ الخ والباء


الصفحة التالية
Icon