ج٤ص١٧٠
والعقاب وسائر أحوال القيامة لأنهم كانوا مكذبين بذلك أجمع، ولأن الموعود كله مما ساءهم وما نعيم أهل الجنة إلا عذاب لهم فأطلق لذلك يعني لم يذكر مفعولاه لأنّ المراد مطلق الموعود به سواء كان لهم أو لغيرهم فليس القصد إلى تخصيص موعود ولا موعود به ولو قيل كذلك لتقيد بما وعدوا به فلا يرد عليه ما قيل إنه لو ذكر المفعول على حسب ذكره في الأوّل فقيل فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا لكان الفعل مطلقا أيضا باعتبار الموعود به لأنه لم يذكر فيتناول كل موعود به من البعث والحساب والعقاب التي هي أنواع من جملتها التحسر على نعيم أهل الجنة فليس ذلك خاصاً بحذف المفعول الواقع على الموعودين فالوجه أن حذفه تخفيفا وايجازا واستغناء عنه بالأول ولا ما قيل إن الجواب لا يطابق سؤاله لأن المدعي حذف المفعول الأول وهو ضمير المخاطبين والجواب وقع بالمفعول الثاني الذي هو الحساب والعقاب وسائر الأحوال فهو إنما يناسب لو سئل عن حذف المفعول الثاني لا الأول. قوله :( لأنّ ما ساءهم من الموعود الخ ( قيل لا خفاء في كون أصحاب الجنة مصدقين بالكل والكل مما يسرّهم فكان ينبغي أن يطلق وعدهم أيضاً فلا بد من حمله على الاكتفاء بالسابق لا على الإطلاق. قوله :( وهما لنتان ( ولا عبرة بمن أنكر الكسر مع القراءة به واثبات أهل اللغة له، وصاحب الصور إسرافيل عليه الصلاة والسلام وقوله بين الفريقين لا بين القائلين نعم كما قيل، ولا يرد أن الظاهر أن يقال بينهما لأنه غير متعين والكسر على إرادة القول مذهب البصريين بالتضمين أو التقدير، وعلى الحكاية بإذن لأنه في معنى القول فيجري مجراه مذهب الكوفيين، والتأذين المراد به النداء وهو إعلام بلعنة الله لهم أو ابتداء لعن. قوله :( صفة للظالمين مقرّرة ( فلا يوقف بينهما وعلى القطع يصح الوقف، وإنما كانت صفة مقرّرة لأنّ الصدّ عن سبيل الله بمعنى الإعراض عنه لا منع الغير، وطلب ميلة لازم لكل ظالم شتكون الصفة مقرّرة مؤكدة بخلاف الصد بمعنى منع الغير، ولذا قيل صده عن كذا صرفه، ومنعه عنه
أي يمنعون الناس عن دين الله بالنهي عنه وادخال الشبه في دلائله ويبغونها عوجا أي يطلبون لها تأويلا وامالة إلى الباطل وصد عنه صدوداً أعرض! أي يصدون بأنفسهم عن دين الله ويعرضون عنه ويبغونها عوجا يطلبون إعوجاجها ويذئونها فلا يؤمنون بها، فعلى الأوّل يكون العوج بمعنى التعويج والإمالة، وعلى الثاني يكون على أصله وهو الميل والأوّل مختار النسفي، والثاني مختار القرطبي وهو الأظهر واليه ذهب المصنف رحمه الله تعالى فافهمه والفرق بين العوج والعوج يأتي تحقيقه في سورة الكهف وما لأهل اللغة فيه من الكلام ووجه الفرق بينهما. قوله :( أي بين الفريقين الخ ( لأنّ الآية الأخرى تفسرها ولكنه لا يتعين وأثراهما سموم النار وروج الجنة. قوله :( أعراف الحجاب ) أي أعاليه المراد شرا فإنه تشبيهاً لها بعرف الدابة والديك وهو معروف. وفي التفسير الآخر معناه أعلى موضع منه لأنه أشرف وأعرف مما انخفض منه وظاهر كلامه أنه حقيقة في هذا الوجه. قوله :( وهو السور الخ ( للمفسرين في أصحاب الأعراف أقوال منها ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى وأشهرها الأوّل وقيل : هم أصحاب الفترة الذين لم يبذلوا دينهم، وقيل : أطفال المشركين. وفي النسخ هنا اختلاف ففي بعضها بأو في الجميع، وفي بعضها بالواو فيها وفي بعضها بأو في بعضها، والواو في بعض، وخيار المؤمنين وعلماؤهم بالرفع والجر. وقوله يرون في صورة الرجال لتوجيه إطلاق الرجال على الملائكة، وهم لا يوصفون بذكورة ولا أنوثة. قوله :( بعلامتهم التي أعلمهم الله بها ) أي جعلهم معلمين بها من العلامة. ويصح أن يكون من العلم والسيما العلامة من سام أو وسم فيعرفون أن من فيه سمة كذا من أهل الجنة، وغيره من أهل النار، والظاهر أنّ هذا قبل دخولهم الجنة أو النار إذ لا حاجة بعده للعلامة. وأما النداء والصرف فبعده، لكن ظاهر كلام المصنف فيما سيجيء أنّ الكل بعده، وأنّ قوله كبياض الوجه إشارة إلى قوله تعالى ﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾. قوله :( وإنما يعرفون ذلك بالإلهام أو تعليم الملالكة ) أي أن كذا علامة الجنة، وكذا علامة النار، كما مرّ قيل وفي الحصر نظر وباء بسيماهم للملابسة. قوله :( أي إذا نظروا
الخ ) بيان الحاصل المعنى لا أن في