ج٤ص١٧٤
فيه، ولا حاجة إليه فإته مصرج به في قوله :﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ ﴾ [ سورة الأعراف، الآية : ٥٤ ] الخ وهذا ختام ملاحظ فيه مطلعه، فلله دز المصنف رحمه الله تعالى في دقة نظره.
قوله :) وتحقيق الآية الخ ( قال الإمام رحمه الله شرح خلق السماوات بقوله فقضاهن سبع سموات في يومين، ثم قال وأوحى في كل سماء أمرها، فدل على أنه خص كل فلك بلطيفة نورانية من عالم الأمر، فكذلك قال في هذه الآية بعد خلق السماوات والأرض! والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، فهو دالّ على أنّ كل واحد من الشمس والقمر والنجوم مخصوص بشيء روحاني من عالم الأمر، ثم قال :﴿ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ﴾ إشارة إلى أنّ كل ما سوى الله
إما من عالم الخلق، والملك وهو عالم الأجسام والجسمانيات، أو من عالم الأمر والملكوت، وهو كل ما كان مجرّدا عن الحجمية والمقدار إلى آخر ما فصله، فقوله المستحق للربوبية واحد مأخوذ من قوله إنّ ربكم وما وصف به، وقوله :( لأنه الذي الخ ) إشارة إلى أن الصفات أجريت للتعليل، وقوله :( فإنه سبحانه وتعالى خلق العالم ) الخ بيان لدليل الانحصار، وقوله :( فأباع الآفلاك ( إشارة إلى تقدم خلق السماء على الأرض كما مرّ، وقوله :) جسما تابلاَ للصور ( هو الهيولي وسماها جسماً لأنها مادّته، وقوله :( ثم قسمها ( إشارة إلى العناصر الأربعة وما يتكوّن منها ويتولد منها وهي المواليد الثلاثة، أي الحيوان والنبات والمعدن، وقوله :( لقوله الخ ( استدل به على أن الأربعة الأيام مع اليومين الأوّلين، وقوله :( ثم لتا تم له عالم الملك عمد إلى تدبيره ) فيكون قوله ثم استوى على العرس استعارة تمثيلية. قوله :( أي ذوي تضرّع الخ ( فهو حال من الفاعل بتقدير مضاف، ويجوز نصبهما على المصدرية أيضا، وقوله نبه به الخ، إشارة إلى أن معنى التجاوز في الدعاء طلب ما لا يليق به، فإنه تعذ عن حدّه المناسب له، وقوله وقيل هو الصياح في الدعاء والإسهاب الخ، الإسهاب معناه الإفراط في التطويل، وفي رفع الصوت بالدعاء اختلاف، منهم من كرهه مطلقا، ومنهم من قبله مطلقاً، ومنهم من فصل فقال : عند خوف الرياء الإخفاء أفضل فإن لم يخفه فالإظهار أفضل، وفي الانتصاف حسبك في
تعين الأسرار في الدعاء اقترانه بالتضرّع في الآية فالإخلال به كالإخلال بالضراعة إلى الله في الدعاء، وانّ دعاء لا تضرع ولا خشوع فيه لقليل الجدوى، وكذا ما لا يصحبه الوقار، وكثيرأ ما نرى الناس يعتمدون الصياح في الدعاء، خصوصا في الجوامع، ولا يدرون أنهم جمعوا بين بدعتين رفع الصوت في الدعاء وفي المسجد، وربما حصلت للعوام حينئذ رقة لا تحصل مع الخفض، وهي شبيهة بالرقة الحاصلة للنساء والأطفال، خارجة عن السنة، وسمة السلف الواردة في الآثار، والتضرّع بمعنى التذلل من الضراعة، وحمل التضرّع والخفية هنا على معنيين متقاربين، وهما التذلل مع الإخفاء، وفسرهما في الأنعام بمعلنين ومسرين، فجعل التضرّع مقابلا للخفية، قيل لأنّ المراد هناك حكاية دعائهم لا الأمر به. قوله :( وعن النبئ يكتيرو الخ ) ) ١ ( رواه أبو داود وأحمد في مسنده. قوله :( ولا تفسدوا في الأرض ) قال أبو حيان رحمه الله : هذا نهي عن وقوع الفساد في الأرض، وادخال ماهيته في الوجود بجميع أنواعه من إفساد النفوس والأموا أط والأنساب والعقول والأديان، ومعنى بعد إصلاحها بعد أن أصلح الله خلقها على الوجه الملائم لمنافع الخلق ومصالح المكلفين، اهـ وهو معنى كلام المصنف. قوله :( ذوي خوف من الرذ لقصور أعمالكم الخ ) أي هما حالان بمعنى خائفين وطامعين، ويجوز أن يكونا مفعولين لأجلهما، وسيأتي تفصيله في قوله :﴿ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا ﴾ [ سورة الرعد، الآية : ١٢ ] وقوله ترجيح للطمع الخ لأنّ المؤمن بين الرجاء والخوف، ولكنه إذا رأى سعة رحمته وسبقها غلب الرجاء عليه، وما يتوسل به إلى الإجابة هو الإحسان في القول والعمل، وهو يؤخذ من التعليق بالمشتق كما مرّ. قوله :) وتذكير قريب الخ ) توجيه لتذكيره مع أنه خبر عن مؤنث، ولهم في تأويله وجوه تبلغ خمسة عشر وجها، منها ما ذكره المصنف انّ الرحمة بمعنى الرحم بضم الراء وسكون الحاء وضمهما بمعنى الرحمة، قال
تعالى :﴿ وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾ [ سورة الكهف، الآية : ٨١ ] وفي نسخة بمعنى الترحم كما ذكره غيره أيضا، أو الخبر محذوف وهذا صفته أي أمر قريب، أو حمل فعيل بمعنى فاعل كما هنا على فعيل بمعنى مفعول الذي يستوي فيه المذكر والمؤنث عند أمن اللبس، وقال الكرماني أنه بمعنى مفعول أي مقربة وضعف بأنه لا ينقاس خصوصا من غير الثلاثي، أو هو محمول على فعيل الوارد


الصفحة التالية
Icon