ج٤ص١٨١
بالتسفه والتكذيب وهضم النفس من قوله على رجل منكم، وقوله تنبيه على أنهم عرفوه بالأمرين النصح والأمانة، فليس من حقه أن يتهم بالكذب ونحوه، وذكر هذا في الكشاف، ثم قال وأنا لكم ناصح فيما أدعوكم إليه، أمين على ما أقول لكم لا أكذب فيه، وفي الكشف الفرق بين الوجهين بحسب تقدير المتعلق للنصح والأمانة وجعلهما من قبيل المهجور ذكر متعلقه، والثاني يفيد أنه أوحدي فيه موجد للحقيقتين كأنه صناعته، فلذلك قال عرفت فيما بينكم، وقال الطيبي وحمه الله إنه على الأوّل اعتراض، وعلى الثاني حال، كما مرّ في قوله تعالى :﴿ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ٥١ ] وهذا كله من العدول عن الفعلية إلى الاسمية المفيدة للتحقق
والثبوت، ووقع في نسخة هنا وقرأ أبو عمرو أبلغكم بالتخفيف يعني من الأفعال والباقون بالتشديد في الموضعين، وفي الأحقاف والتضعيف والهمزة للتعدية. قوله :( واذكروا إذ جعلكم خلفاء ) إذ ظرف منصوب بآلاء المحذوف هنا بقرينة ما بعده لتضمته معنى الفعل، والذي اختاره الزمخشريّ أنه مفعول اذكروا، أي اذكروا هذا الوقت المشتمل على هذه النعم الجسام، كما مرج تفصيله في البقرة، وهو أقرب مما مرّ لكنه مبنيّ على الاتساع في الظرف، أو أنه غير لازم للظرفية، والمشهور في النحو أنّ إذ وإذا لازمان للظرفية، وفي الخلق يحتمل أنه بمعنى المخلوقين، أي زداكم في الناس على أمثالكم بسطة أي قوّة، وزيادة جسم لأنه روي أن أقصرهم كان ستين ذراعا، وعالج موضع مشهور بكثرة الرمل، وعمان بالضم والتخفيف بلد ينسب إليه البحر، ووقع في نسخة شجر بشين معجمة وحاء مهملة، وهو ساحل له ينسب إليه العنبر، وعلى أن المراد الملك الإسناد إليهم مجاز لكونه من بعضهم، وقوله خوفهم من عقاب الله هو من قوله تتقون كما فسره والنعم ظاهرة. قوله :( آلاء الله ( هي نعمه جمع إلي بكسر الهمزة وسكون اللام، كحمل وأحمال، أو إلى بضم فسكون كقفل وأقفال، أو إلى بكسر ففتح مقصوراً كعنب وأعناب، أو بفتحتين مقصوراً كقفا وأقفاء، وبهما ينشد قول الأعشى :
أبيض لا يرهب الهزال ولا يقطع رحمي ولا يخون إلى
وقوله تعميم الخ أي مطلق آلاء الله لا قوله زادكم كما توهم. قوله :( لكي يفضي الخ (
لما كان الفلاج لا يترتب على مجرّد ذكر النعم جعل ذكرها عبارة عما يلزمها من شكرها الذي من جملته عمل الأركان، ولطاعة فالشكر عرفيّ وهو كناية. قوله :) استبعدوا اختصاص الخ ) الاستبعاد مستفاد من الاستفهام وسوق الكلام والانهماك الإكثار والتقيد بالشيء، وألفوه من الألف والمحبة، وفي نسخة ألفوه بسكون اللام أي وجدوه. قوله :) ومعنى المجيء الخ ( لما كان بين أظهرهم وفيهم أوّل بأنه كان في مكان معتزلاً عنهم للعبادة أو لئلا يرى سوء صنيعهم، فجاءهم حقيقة لينذرهم، أو أن المراد به أجئتنا ونزلت علينا من السماء، تهكما بناء على زعمهم أنّ المرسل من الله لا يكون إلا ملكأ، أو مجاز عن القصد إلى شيء، والشروع فيه فإنّ
جاء وقام وقعد وذهب تستعمله العرب كذلك تصويراً للحال، فتقول قعد يفعل كذا وقام يشتمني، وذهب يسبني قال :
فاليوم إذ قمت تهجوني وتشتمني
كما فصله المرزوقي في شرح الحماسة. قوله :( قد وجب أو حق أو نزل الخ ) يعني استعمال وقع المخصوص بنزول الأجسام في الرجس، والغضب مجاز عن الوجوب بمعنى اللزوم من إطلاق السبب على المسبب، كما أنّ الوجوب الشرعي كان بمعنى الوقوع فتجوّز به عما ذكر، ويجوز أن يكون استعارة تبعية شبه تعلق ذلك بهم بنزول جسم من علو، وهو المراد بقوله نزل عليكم كذا قيل والظاهر أنه يريد أنّ وقع بمعنى قضى وقدر، لأنّ المقدرات تضاف إلى السماء، وما قيل إنّ التجوّز في كلمة على لأنّ العذاب لقوّة الثبوت كأنه استعلاء، أو لأنّ أكثر العذاب ينزل من صوب السماء، فضمن معنى النزول فلا وجه له، وقوله :( على أنّ المتوقع ( وجه للتعبير بالمضيّ عما سيقع ولا يخفى لطف، كالواقع هنا لقوله في النظم وقع، فالتجوّز إما في المادة أو الهيئة، والارتجاس والارتجاز بمعنى حتى قيل أنّ أحدهما مبدل من الآخر، وأصل معنا. الاضطراب، ثم شاع في العذاب لاضطراب من حل به، وفسر الغضب بالغضب الإلهي وارادة الانتقام كما مرّ تحقيقه في الفاتحة لئلا يتكرّر مع ذكر العذاب قبله. قوله :