ج٤ص١٨٣
بيان كما في سقيا له فيتعلق بمقدر لا غير، وإذا كان لكم خبرا فآية حال من الضمير المستتر فيه والعامل هو أو متعلقة كما تقرّر في النحو، وإضافتها إلى الله حقيقة وهي تفيد التعظيم إذ ليس كل إضافة تشريفية لأدنى ملابسة كما ذكره العلامة، أو لأنها ليست بواسطة إنتاج ولذلك كانت آية كما أن خلقها ليس تدريجياً كذلك. وقوله :( العشب ) بيان لمفعوله المقدر لأنه معلوم وتأكل بالجزم جواب الأمر، وقرئ بالرفع فالجملة حالية، وفي أرض الله يجوز تعلقه بتأكل والأمر فهو من التنازع. قوله :( نهي عن المس الذي هو مقدّمة الإصابة الخ ) فهو كقوله :﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ ﴾ [ سورة الأنعام، الآية : ٥٢ ا ] إذ المعنى لا تجعلوا الأذى ما سالها، ولا يلزم من المجاورة والمس التأثير، ألا ترى أنه لا يلزم من مس السكين الجرح والقطع، وبلزم من عدم المس عدمه بالطريق الأولى، فلا وجه لما قيل إنّ عليه منعا ظاهراً، فإنّ المنهي عنه ليس مطلق المس بل هو المقيد بمقارنة السو، كالنهي في قوله :﴿ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى ﴾ [ سورة النساء، الآية : ٤٣ ] إلا أن يجعل بسوء حالاً من الفاعل، والمعنى ولا تمسوها مع قصد السوء بها فضلاً عن الإصابة. قوله :( جواب للنهي ( أي منصوب في جوابه والمعنى لا تجمعوا بين المس وأخذ العذاب إياكم، وأخذ العذاب وان لم يكن من صنيعهم لكنهم تعاطوا أسبابه، وقوله من بعد عاد لم يقل خلفاء عاد مع أنه أخصر إشارة إلى أنّ بينهما زمانا طويلاً، وبوّأكم بمعنى أنزلكم، والمباءة المنزل. قوله :( أي تبنون في سهولها الخ ) فمن بمعنى في كما في قوله تعالى :﴿ نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ ﴾ [ سورة الجمعة، الآية : ٩ ] والسهل خلاف الحزن، وهو موضع الحجارة والجبال، أو من ابتدائية أو تبعيضية أي تعملون القصور من مادّ مأخوذة من السهل وهي الطين واللبن بكسر الباء الموحدة الطوب الذي لم يحرق، والآجرّ بالمد وتشديد الراء ما أحرق منه. قوله :( وتنحتون الجبال بيوتا الخ ) النحت معروف في كل صلب ومضارعه مكسور الحاء، وقرأ الحسن بالفتح لحرف الحلق، وقرئ تنحاتون بالإشباع كينباع، وبيوتا حال مقدّرة لأنها حال النحت لم تكن بيوتا كخطت الثوب جبة والحالية باعتبار أنها بمعنى مسكونة أن قيل بالاشتقاق فيها وتقديره من الجبال ونصبه بنزع الخافض يرجحه أنه وقع في آية أخرى كذلك، ولا يعينه كما توهم، وإذا ضمن نحت معنى
اتخذ نصب مفعولين، وعنا بمعنى أفسد فمفسدين حال مؤكدة كولوا مدبرين، واستضعفوهم واستذلوهم بمعنى عدوهم ضعفاء وأذلاء. قوله :( بدل من الذين الخ ) ما ذكره هو الظاهر وأن قيل إنّ كون الضمير لقومه لا يوجب ذلك البتة، إذ لا يخفى احتمال أن يكون بدل بعض، وعلى كونه بدل بعض يكون المستضعفون قسمين مؤمنين وكافرين، وعلى كونه بدل كل يكون الاستضعاف مقصوراً على المؤمنين ويكون الذين استضعفوا قسماً واحداً، ومن آمن تفسير للمستضعفين من قومه، وجعل الاستفهام للاستهزاء لأنهم يعلمون بأنهم عالمون بذلك، ولذلك لم يجيبوهم على مقتضى الظاهر بل عدلوا عنه كما سترى. قوله :) عدلوا به عن الجواب الخ ( أي هذا من الأسلوب الحكيم، وهو تلقي السائل والمخاطب بخلاف ما يترقب تنبيهاً له على أنه هو الذي ينبغي أن يسأل عنه، فهنا كأنهم قالوا لا ينبغي أن يسأل عن إرساله فإنه ظاهر لا يسأل عنه عاقل بل يسأل عمن اتبعه، وفاز بالاقتداء به ولذلك قال على المقابلة الخ أي مقتضى الظاهر سلوك طريق المجاراة، وسوق الكلام على وفق اعتقادهم والا ففي قولهم :﴿ إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ ﴾ تسليم للرسالة فكيف يكون أصل كلامهم، ولذا قال في الانتصاف إنهم لم يقولوه حذراً مما في ظاهره من إثبات رسالته وهم يجحدونها، وقد يصدر مثل ذلك على سبيل التهكم كقول فرعون :﴿ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ﴾ [ سورة الشعراء، الآية : ٢٧ ] وليس هذا موضع التهكم فإن الغرض إخبار كل من الفريقين عن حاله فلذا قال هنا كافرون والمقابلة بالعدول عن الظاهر كما عدلوا لأنهم جعلوا الإرسال مسلما فتركوه كما عدلوا عن قولهم نعم لأنّ إرساله لا شك فيه. قوله :( أسند إلى جميعهم فعل بعضهم للملابسة الخ ( يعني الإسناد مجازي لملابسة الكل لذلك الفعل لكونه بين أظهرهم، وهم متفقون على الضلال والكفر أو لرضاهم أو لأمرهم لقوله تعالى :﴿ فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ ﴾ !سورة القمر، الآية : ٢٩ ] وليس المراد أنّ العقر مجاز لغوي عن الرضا بالنسبة إلى غير فاعله لتكلفه، وقيل لأنه لا يلزم أن لا يذكر العقر بالفعل وهو المقصود وفيه نظر. قوله :( واستكبروا عن امتثاله الخ