ج٤ص٢٠٤
وقومه لا عليهما لأنّ السحرة لا ذلة لهم إلا أن يحمل على الخوف من فرعون، أو على ما قبل الإيمان وظاهر النظم يخالفه، فإن قلت قوله مبهوتين من أين أخذه قلت أخذه من قوله انقلبوا لما اختير على قلبوا فتأمّل.
قوله :( جعلهم ملقين على وجوههم الخ ) يعني كان الظاهر خرّوا ساجدين إذ لا إلقاء هنا
لكنه تجوّز به عنه لأنّ ظهور الحق ألجأهم إلى ذلك واضطرّهم إليه حتى كان آخر دفعهم فألقاهم فهو استعارة وبهرهم بمعنى غلبهم أو أنّ الله ألقاهم بمالهامهم لذلك فالملقي هو الله لينعكس أمر فرعون، أو المراد أسرعوا كالذي يلقيه غيره، والاستعارة تبعية أو هو تمثيل، ويصح أن يكون مشاكلة لما معه من إلقاء كما ذكره في الشعراء. قوله :( أبدلوا الثاني من الأوّل الخ ( أي أبدلوا لفظ رب الثاني المضاف لهما لدفع هذا التوهم، ولم يقتصروا على موسىءك! إذ ربما يبقى للتوهم رائحة لأنه كان ربي موسى عليه الصلاة والسلام في صغره ولذا قدم في محل آخر لأنه أدخل في دفع التوهم أو لأجل الفاصلة أو لأنه أكبر سناً منه، وقدم موسى لشرفه أو للفاصلة، وما وقع في شرح المفتاح للسعد من أنه قدم موسى عليه الصلاة والسلام لأنه كان أكبر سنا منه إمّا سهو أو رواية غير مشهورة، وأمّا كون الفواصل في كلام الله تعالى لا في كلامهم فلا يضرّ كما توهم وروي أنهم لما قالوا آمنا برلت العالمين قال أنا رلث العالمين فقالوا : رذا عليه رلت موسى وهرون. قوله :( باللّه أو بموسى ( أمّا الأوّل فلقوله رلت العالمين، وأمّا الثاني فلقوله في آية أخرى آمنتم له فإنّ الضمير لموسىءكي! لقوله إنه لكبيركم الخ. قوله :( ١ لاستفهام فيه للإنكار الخ ) قرأ القرّاء آمنتم بحرف الاستفهام إلا حفصا فإنه قرأها على الأخبار وفيها أيضاً معنى التوبيخ كما في الاستفهام لأنّ الخبر إذا لم يقصد به فائدته ولا لازمها تولد منه بحسب المقام ما يناسبه، وهنا لما خاطبهم بما فعلوه مخبراً لهم بذلك أفاد التوبيخ والتقريع، ويجوز أن يقدر في الهمزة بناء على جوازه والاستفهام للإنكار بمعنى أنه لا ينبغي ذلك وفي القراءة هنا وجوه مبسوطة في محلها. قوله :( إن هذا الصنيع لحيلة الخ ( قاله تمويهاً على القبط يريهم أنهم ما غلبوا ولا انقطعت حجتهم، وكذا قوله قبل أن آذن لكم، وقوله في مصر أي التعريف عهدقي، والميعاد أي ميعاد اجتماعهم، وعاقبة ما فعلتم مفعول تعلمون المقدر وقوله تعالى قبل أن آذن لكم لا يقتضي وقوع الإذن فإذا قلت جاء زيد قبل عمرو ولا يدل على مجيء عمرو كما ذكره بعض المفسرين إلا أنه لا بد من جعله مقدرا، وتقديره بمنزلة وقوعه وقد وقع في مواضع من القرآن وهو شائع في الاستعمال، وقوله من كل شق طرفاً أي من كل جانب عوضا مغايرا للآخر كاليد من أحدهما والرجل من الآخر، ومن خلاف حال أي مختلفة، وقيل من تعليلية متعلقة بالفعل أي لأجل خلافكم وهو بعيد. قوله :
( فشرعه الله للقطاع ) جمع قاطع وهو من يقطع الطريق لعظم جرمهم وقوله :( ولذلك سماه ) أي سمى قطع الطريق محاربة الله في قوله تعالى :﴿ إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا ﴾ [ سورة المائدة، الآية : ٣٣ ] الآية والمعنى يحاربون أولياء الله أو عباده لأنّ أحداً لا يحارب الله إلا أنّ المسافر في أمان الله وحفظه فالمتعرّض له كأنه يحارب الله، وقوله على التعاقب هو مذهبه وإلا فقد يجمع بين بعضها وبعض كما يعلم من كتب الفقه فتدبر. قوله :( بالموت لا محالة الخ ( قد جاءت هذه القصة مفصلة في الشعراء مجملة هنا فحملت هذه على تلك إذ قال فيها :﴿ لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ، إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [ سورة الشعراء، الآية : ٥١ ] عللوا عدم المبالاة الذي يعطيه لا ضير بالانقلاب إلى الله والطمع في الثواب فلذا فسرت بوجوه، الأوّل إنا لا نبالي بالموت الذي نلاقي به رحمة الله ونخلص منك والضمير للسحرة فقط، والثاني إنا ننقلب إلى الله فيثيبنا على ما عذبتنا به وما فعلت بنا نافع لنا لتكفيره الخطايا ونيل الثواب العظيم والضمير لهم أيضا والثالث، إنا جميعا ننقلب إلى الله فيحكم بيننا وينتقم لنا منك ويثيبنا على ما قاسيناه والضمير لهم وفرعون، والرابع إنا ولا بذ ميتون فلا ضير فيما تتوعدنا به والأجل محتوم لا يتأخر عن وقته ومن لم يمت بالسيف مات بغيره والضمير فيه يحتمل السحرة والجميع والمصنف رحمه الله جعله ثلاثة لأن الأخير والأوّل في المعنى واحد، وقوله :( شغفا ( بغين معجمة وفاء أي محبة، وضمنه معنى الحرص فعداه


الصفحة التالية
Icon