ج٤ص٢٠٦
كما هو مشهور من قصته، والاستحياء مرّ تفسيره في البقرة، وقوله غالبون الخ إشارة إلى أن الفوقية مجاز عن الغلبة كما مرّ تحقيقه في تفسير قوله تعالى :﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ﴾ [ سورة الأنعام، الآية : ١٨ ]. قوله : الما سمعوا قول فرعون الخ ( يعني أنه من الأسلوب الحكيم أي ليس كما قال فرعون إنا فوقهم قاهرون فإن القهر والغلبة لمن صبر واستعان بالله ولمن وعده الله توريثه الأرض وأنا ذلك الموعود الذي وعدكم الله النصرة به وقهر الاعداء وتوريث أرضهم. قوله :( والتثبت في الأمر ) مجرور معطوف على الاستعانة أي هذه الجملة تسلية لهم بالكناية عن أن ملك القبط سينقل إليهم وتقرير للأمر بالاستعانة به تعالى، والتثبت من الصبر والأمر الأوّل المصطلح عليه، والثاني واحد الأمور وإذا كانت اللام في الأرض للعهد فالمراد مصر، وما يملكه القبط، وقوله بإعادته قيل جعل وعده بمنزلة فعله لكونه جبارا. قوله :( تصريحاً بما كنى عنه أوّلاً الخ ( يشير إلى أن في إلنظم كنايتين
وتصريحاً الأولى إنّ الأرض لله يورثها من يشاء لأنه كناية عن أن سيورثكم أرضهم ولذا قالوا إنه أطماع لهم وهو معنى الإرث، والثانية أنّ العاقبة للمتقين لأنه تقرير لما وعدهم وأنّ العاقبة المحمودة والنصرة لهم لأنهم المتقون والتصريح في قوله :﴿ عَسَى رَبُّكُمْ ﴾ لأنّ عسى في مثله قطع في إنجاز الموعود والفوز بالمطلوب أو عبر بها لعدم الجزم كما ذكره المصنف رحمه الله أو تأدّبا وإن كان بوحي واعلام من الله وقد تجعل الكنايتان واحدة، وقوله :﴿ فَيَنظُرَ ﴾ أي يرى أو يعلم وفيه إشارة إلى ما وقع منهم بعد ذلك. قوله :( بالجدوب لقلة الأمطار الخ ) السنة بمعنى العام وغلبت حتى صارت كالعلم الزمان القحط ولامها واو أو هاء يقال اسنى القوم إذ البثوا سنة وأسنتوا إذا أصابهم الجدب فقلبت لأمه تاء للفرق بينهما، قال المازنيّ رحمه اللّه : وهو شاذ لا يقاس عليه، وقال الفراء : توهموا أنّ الهاء أصلية إذ وجدوها ثابتة فقلبوها تاء. قوله :( غلبت ) أي صارت كالعلم بالغلبة فإذا أطلقت تبادر منها ذلك حتى يجعلونها تاربخا فيقولون فمن سنة كذا للجدب العامّ المشهور بينهم، وقوله لكثرة العاهات أي عاهات الثمار. قوله :( لكي يتنبهوا على أنّ ذلك بشؤم كفرهم الخ ) يعني التذكر إما بمعنى الاتعاظ لأنهم إذا تنبهوا لما نزل بهم بسبب عصيانهم اتعظوا بذلك أو بمعنى الذكر أي يذكرون الله فيتضرعون له، ويلجؤون إليه رغبة فيما عنده، وقوله يتنبهوا أو ترق بيان لسبب كل من المعنيين المأخوذ مما قبله، ومن المقام فلا يرد عليه ما قيل أن ترق قلوبهم عطف على كي يتنبهوا فكل منهما حال كونه معينا بشيء تعليل للتذكر المفسر بالتفكر، فإن قلت لم لا يحمل كلامه على كون الاتعاظ تفسيراً للتذكر وذكر التنبيه لتوقف الاتعاظ عليه، قلت لأنه حينئذ إما أن يعطف أو ترق على يتنبهوا أو على يتعظوا فعلى الأوّل يلزم أن يفسر التذكر بالفزع وعلى الثاني يلزم أن يفسر بالرقة وليس كذلك، وقس عليه حال كون التنبيه تفسيراً للتذكر والاتعاظ تقريباً وبالجملة كلامه لا يخلو عن تشويش فلو قال لكي يتنبهوا أنّ ذلك بسوء كفرهم الخ أو يتعظوا فترق قلوبهم فيفزعوا الخ حتى يكون إشارة إلى معنيي التذكر كان أولى اهـ. قوله :( من الخصبط والسعة ( تيل إنه تمثير فلا ينافي أنها للجنس وفيه نظر. قوله :( لآجلنا ونحن مستحقوها ) أي اللام لام الأجل ومعنى كونها
لأجلهم أنهم أهل لها مستحقون بيمن الذات لأنواع الحسنات حتى أنها إذا لم تصبهم كان ذلك بشؤم غيرهم وبه يأخدّ الكلام بعضه بحجز بعض ويلتئم أشد التثام، وقيل نحن مستحقوها بيان لوجه كون الحسنة لأجلهم ولو قال أو نحن الخ إشارة إلى معنى آخر للام كان أولى، وفي الكشاف أي هذه مختصة بنا ونحن مستحقوها والتخصيص فيه من التقديم ويحتمل أيضا أنه بيان لمعنى اللام، ونحن مستحقوها بيان لوجه الاختصاص، وقيل دلت اللام على الاستحقاق والاختصاص مستفاد من تقديم الخبر. قوله :( يتشاءموا يهم الخ ) سموا التشاؤم تطيرا وأصله ما ذكره الأزهري رحمه الله أنّ العرب كانوا إذا خرجوا لقصد وطار طائر ذات اليسار تشاءموا به وكذا بنعيق الغربان ونحوه فسمي الشؤم طيرا وطائرا والتشاؤم تطيرا والطائر يطلق على الحظ، والنصيب سواء أكان خيراً أو شرا وقد يخص بالتشاؤم والإغراق المبالغة وتذلل العرائك أي تسهل وتلين الطبائع وترققها يقال فلان لين العريكة أي سلس الخلق منكسر النخوة


الصفحة التالية
Icon