ج٤ص٢٥٨
للملائكة بتقدير القول لكنه حكى فيه ما قاله الله بلفظه والا فكان الظاهر سيلقي الله الرعب فاضربوا الخ واليه أشار المصنف رحمه الله بقوله تولي هذا. قوله :( أعاليها التي هي المذابح ) يعني فوق الإعناق إما على ظاهره، والمراد الرؤوس لأنها فوق الأعناق فالمراد اضربوا رؤوسهم كقوله :
وأضرب هامة البطل المشيح
أو المراد أعالي الإعناق التي هي نحرها ومقطعها الذي تطير بضربه الرؤوس وفوق باقية
على ظرفيتها لأنها لا تتصرّف، وقيل إنه إذا كان عبارة عن الرأس فهو مفعول به قيل وتفسيره بالأعالي ناظر إليه، وقيل فوق هنا بمعنى على، والمفعول محذوف أي اضربوهم على الأعناق وقيل زائدة. قوله :( أصابع أي حزوا رقابهم الخ ( اختلف أهل اللغة في البنان فقيل هو الأصابع واحده بنانة، وقيل إطلاته عليها مجاز من تسمية الكل بالجزء، وقيل هي المفاصل، وقيل هي مخصوصة باليد وقيل نعم اليد والرجل، ويقال بنام بالميم وأشار المصنف رحمه الله بقوله اقطعوا أطرافهم إلى أن المراد بالبنان مجازأ مطلق الأطراف لوقوعه في مقابلة الأعناق، والمقاتل إذ المراد اضربوهم كيفما اتفق من المقاتل وغيرها وإنما خصت لأن بها المدافعة. قوله :( إشارة إلى الضرب الخ ( أو الإشارة إلى جميع ما مرّ والخطاب لأفراده أو لكل من ذكر قبل من الملائكة والمؤمنين على البدل أو لأنّ الكاف تفرد مع تعذد من خوطب بها، وليست كالضمير كما صرّحوا به. قوله :( بسبب مشاقتهم لهما ( أي عداوتهم وإنما سميت العداوة مشاقة من شق العصا، وهي المخالفة أو لأنّ كلاً من المتعادين يكون في شق غير شق الآخر كما أن العداوة سميت عداوة لأنّ كلا منهما في عدوة بالضم أي جانب، وكما أن المخاصمة من الخصم بالضم وهو الجانب كما بينه أهل الاشتقاق، وقوله :) هو الجانب ( تفسير للخصم أوله ولما
قبله. قوله :( تقرير للتعليل الخ ( أراد بالتعليل السببية في قوله بأنهم شاقوا الله الخ وهذا بيان له بطريق البرهان أي ما أصابهم بسبب المشاقة لله ورسوله، ومن يشاقق الله ووسوله فهو مستحق للعقاب، ولذا قال تقرير ولم يقل تأكيد، ويحتمل أن يريد التأكيد هذا إن أريد بالعقاب ما وقع في الدنيا فإن كان الأخروي فهو وعيد وبيان لخسرانهم في الدارين، ويحتمل أن يريد أنّ هذا تقرير لما قبله لأجل ما فيه من بيان العلة والمعنى استحقوا ما ذكر بسبب تلك المشاقة لأنهم شاقوا من هو شديد العقاب سريع الانتقام، وقوله :﴿ حَاقَ بِهِم ﴾ [ سورة هود، الآية : ٨ ] أي أصابهم وأحاط بهم. قوله :( الخطاب فيه مع الكفرة على طريقة الالتفات الخ ( والالتفات من الغيبة في شاقوا إلى الخطاب، قال النحرير : إشارة إلى أن الخطاب المعتبر في الالتفات أعثم من أن يكون بالاسم كما هو المشهور نحو :﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ أو بالحرف كما في ذلك بثرط أن يكون خطابا لمن وقع الغائب عبارة عنه، وفيه بحث، وأشار في الرفع إلى وجهين أن يكون مبتدأ أو خبراً. قوله :) أو نصب بفعل دل عليه فذوقوه ( أي من باب الاشتغال، وقيل عليه إنه لا يجوز لأن الاشتغال إنما يصح لو جؤزنا صحة الابتداء في ذلكم، وما بعده الفاء لا يكون خبراً إلا إذا كان المبتدأ موصولاً أو نكرة موصوفة، ورذ بأنه ليس متفقاً عليه فإن الأخفش جوّزه مطلقاً، وقوله :( أو غيره ( بالجرّ عطف على فعل، وقوله : التكون الفاء عاطفة ) إشارة إلى أنها زائدة على الأوّل أو جزائية، كما في زيداً فأضربه على كلام فيه، وقوله أو عليكم أي اسم فعل بمعنى ألزموا، قال النحرير : ومرجعه إلى ذوقوا العذاب إلا أنه عدل في المقدر عن المجاز، وقال أبو حيان : إنه لا يجوز هذا التقدير لأن عليكم من أسماء الأفعال وأسماء الأفعال لا يجوز حذفها، وعملها محذوفة وليس ما قاله بمسلم فإن من النحاة من أجازه، وأما كونه عدل عن تقدير المجاز فمع كونه لا وجه له، وان تبع فيه الفاضل اليمني لا يصلح جوابا عن اعتراض أبى حيان : كما توهم لأنه ينبغي أن يقدر الزموا. قوله :) عطف على ذلكم ( ظاهره وان كان مطلقا إلا أن يريد إذا كان مرفوعا كما قيده به الزمخشريمما، وتركه لظهوره، وفي بعض الحواشي أنه جعله خبر مبتدأ محذوف أو عكسه، ولذا لما ذكر نصبه جعله مفعولاً معه لأنه لا يخفى ما في تقدير باشروا أو عليكم أو ذوقوا أنّ للكافرين عذاب النار مما يأباه للذوق، ولذا قال العلامة :