ج٤ص٢٦١
بتأييده ونصره، وبأن معناه الإماتة وهي فعله تعالى وإنما فعل العبد الجرج وبأنّ إسناد الرمي إليه تعالى لأن إيصال تراب قليل إلى عيون كثيرة لم يكن إلا فعله تعالى، وبأن المراد الرمي المقرون بالقاء الرعب، وهو منه تعالى، وكلها خلاف الظاهر كذا قيل، وأورد عليه أن المدعي وان كان حقا لكن لا دلالة في الآية عليه لأن التعارض بين النفي والإثبات الذي يتراءى في بادىء النظر مدفوع بأن المراد ما رميت رميا تقدر به على إيصاله إلى جميع العيون، وإن رميت حقيقة وصورة وهذا مراد من قال : ما رميت حقيقة إذ رميت صورة فالمنفيّ هو الرمي الكامل، والمثبت أصليما وقدر منه فالإثبات والنفي لم يردا على شيء واحد حتى يقال : المنفي على وجه الخلق، والمثبت على وجه المباشرة ولو كان المقصود هذا لما ثبت المطلوب بها الذي هو سبب النزول من أنه أثبت له الرمي لصدوره عنه ونفي عنه لأن أثره ليس في طاقة البشر، ولذا عدت معجزة له حتى كأنه لا مدخل له فيها أصلا فمبني الكلام على المبالغة ولا يلزم منه عدم مطابقته للواقع لأن معناه الحقيقيئ غير مقصود، وهذا مراد الزمخشرقي هكذا ينبغي أن يفهم هذ المقام إذ لو كان المراد ما ذكر لم يكن مخصوصا يهذا الرمي لأنّ جميع أفعال العباد كذلك بمباسرتهم وخلق الله ) قلت ( هذا ليس بشيء لأن وجه الدلالة ينافي ما ذكره لأن المراد به الأمر الكامل الذي لا تطيق البشر أن تفعله ويصدر عنه
هذا الأثر لأنه إن كان بإيجاد الله تتم الدست إذ لا قائل بالفرق، وان كان بتمكينه، وهو من إيجاد العبد نافاه قوله :( ولكن الله قتلهم ) ولكن الله رمى والتأويل مخالف للظاهر، وقد قيل إن علامة المجاز أن يصدق نفيه، حيث يصدق ثبوته ألا تراك تقول للبليد حمار، ثم تقول ليس بحمار فلما أثبث الفعل للخلق، ونفاه عنهم دل على أن نفيه على الحقيقة، وثبوته على المجاز بلا شبهة، فإن قلت إن أهل المعاني جعلوه من تنزيل الشيء منزلة عدمه وفسروه بما رميت حقيقة إذ رميت صورة والرمي الصورفي، موجود منه، والحقيقي ما وجد منه فلا تنزيل فيه كما ذكروا، قلت الصورفي مع وجود الحقيقي كالعدم كاضمحلال ثور الشمع مع شعشعة الشمس، ولذا أتى بنفيه مطلقاً كإثباته وما ذكروه بيان لتصحيح المعنى في نفس الأمر، وهو لا ينافي النكتة المبنية على الظاهر، ولذا قال في شرح المفتاح : النفي والإثبات وارد إن على شيء واحد باعتبارين فالمنفيئ هو الرمي باعتبار الحقيقة كما أن المثبت هو الرمي باعتبار الصورة فتدبر فإنه وقع فيه خبط لبعضهم. قوله :) أتى بما هو غاية الرمي قأوصلها الخ ) فالحاصل أن الرمي مطلق أريد فرده الكامل المؤثر ذلك التأثير كما يطلق المؤمن، ويراد به الكامل وفيه نظر لأن المطلق ينصرف إلى الفرد الكامل لتبادره منه وأما ما جرى على خلاف العادة وخرج عن طوق البشر فلا يتبادر حتى ينصرف إليه بل ليس من أفراده فتأقل. قوله ة ) وقيل معناه ما رميت بالرعب الخ ( هذا أحد التاً ويلات ممن يقول أفعال العباد غير مخلوقة دلّه كما مرّ، وقوله وقيل الخ هكذا أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب والزهرفي ويخور بمعنى يصيح ويخرج نفسه بشدة. قوله :) أو رمية سهم الخ ( أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن جبير، وكنانة بكاف ونونين، وفي نسخة لبابة بلام وباءين موحدتين، والحقيق مصغر يهودفي من يهود المدينة، وقوله والجمهور على الأوّل أي على أنه رمى بتراب لا بسهم، ونحوه لأنه يصير أجنبيا وتد نزلت الآية في بدر ٠ قوله :) ولينعم عليهم نعمة عظيمة الخ ( هذا هو معنى ما في الكشاف من تفسير البلاء بالعطاء، وقال الطيبي رحمه الله : الظاهر تفسيره بالإيلاء في الحرب بدليل ما بعده، وقيل إنه يرجع لما ذكر وهو تكلف، والبلا يستعمل فيما يصيب الإنسان خيراً أو شرّاً كقول زهير :
فأبلاهما خير البلاء الذي يبلى
وقولهم أبلى فلان بلاء حسنا أي قاتل قتالاً شديدا، أو صبر صبراً عظيما في الحرب
سمي به ذلك الفعل لأنه مما يخبر به المرء فيظهر جلادته وحسن أثره، وقيل البلاء يكون بمعنى العطاء أيضا لأنه يخبر به يقال أبلاه إذا أنعم عليه وبلاه إذا امتحنه. قوله :( فعل ما فعل الخ ( يعني أن لام التعليل لها متعلق محذوف تقديره ما ذكر، وقيل هو عطف على مقدر أي ليمحق الكافرين وليبلي المؤمنين منه بلاة حسناً قيل وقدر المتعلق مؤخراً لا لقصد الاختصاص إذ لا حاجة إليه بل لكونه


الصفحة التالية
Icon