ج٤ص٢٧١
في كتاب الأحكام، والثاني أنّ المراد به دعاء الكفرة بالمغفرة، وقولهم غفرانك فيكون مجرّد طلب المغفرة منه تعالى مانعا من عذابه ولو من الكفرة، والثالث أنّ المراد بالاستغفار التوبة والرجوع عن جميع ما هم عليه من الكفر وغيره، وهو منقول عن قتادة والسدفي، ومجاهد رحمهم الله فيكون القيد منفياً في هذا ثابتاً في الوجهين الأوّلين ومبني الاختلاف فيها ما نقل عن السلف في تفسيره، والقاعدة المقرّرة وهي أنّ الحال بعد الفعل المنفيّ، وكذا جميع القيود قد يكون راجعا إلى النفي قيداً له دون المنفيّ، وقد يكون راجعا
إلى ما دخله النفي وعلى الثاني فله معنيان.
أحدهما : وهو الأكثر أن يكون النفي راجعاً إلى القيد فقط ويثبت أصل الفعل.
وثانيهما : أن يقصد نفي الفعل، والقيد معا بمعنى انتفاء كل من الأمرين، والمعنى انتفاء
الفعل من غير اعتبار لنفي القيد واثباته.
والحاصل أن القيد في الكلام المنفيّ قد يكون لتقييد النفي، وقد يكون لنفي المقيد بمعنى إنتفاء كل من الفعل والقيد أو القيد فقط، أو الفعل فقط كما قرّره النحرير في سورة آل عمران، وقد مز تفصيله وتحقيقه في سورة البقرة، وأما قول الشارح النحرير هنا أنّ الداذ على انتفاء الاستغفار هنا على الوجه الأخير القرينة والمقام لأنفس الكلام وإلا لكان معنى، وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم نفي كونه فيهم، فإن قيل الحال قيد والنفي في الكلام راجع إلى القيد قلنا وأنت فيهم حال أيضا فإن قيل الاستغفار من الكفر ينافي التعذيب، وقد ثبت أنهم يعذبون بمفارقة النبيّ ع!حر، وبقوله :﴿ وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ﴾ الله فينتفي الاستغفار قلنا وكذلك كونه فيهم ينافي بحكم العادة وقضية الحكمة تعذيبهم وقد بين أنهم يعذبون، فإن قيل كونه فيهم ليس مما يستمرّ بل يزول البتة فيحدث التعذيب قلنا الاستغفار عن الكفر يحتمل ذلك غايته، إنه احتمال بعيد ويمكن أن يقال هم يستغفرون للاستمرار فينتفي بالتعذيب، ولو بعد حين بخلاف أنت فيهم فإنه لمجرّد الثبوت، وهو متحقق ما لم يفارقهم، ولم يصبهم العذاب، وهذا إنما يتم إذا جعل وأهلها مصلحون للاستمرار والدوام دون الثبوت، اهـ فلا يخفى ما فيه من التطويل، وما بين كلاميه من التنافي ولبعض الناس هنا خبط تركه أولى من ذكره، وعلى الوجه الأوّل المستغفرون هم المسلمون، والاستغفار طلب المغفرة والتوفيق للثبات على الإيمان، والضمير للجميع لوقوعه فيما بينهم، ولجعل ما صدر عن البعض بمنزلة الصادر عن الكل فلا يلزم تفكيك الضمائر كما قيل. قوله :( مما يمنع تعذيبهم الخ ( هذا تفسير معنى لا تفسير إعراب وفي الكشاف، وما لهم ألا يعذبهم الله وأفي شيء لهم في انتفاء العذاب يعني لا حظ لهم في ذلك، وهم معذبون لا محالة، وكيف لا يعذبون الخ ولما كان العدم لا يحتاج إلى علة موجبة بل يكفي فيه عدم علة الوجود كما حققوه أشار إلى أنّ المراد طلب ما يمنع التعذيب ولما لم يكف في وجود شيء عدم المانع بل لا بذ من الموجب، أشار إلى وجوده بقوله وهم يصدون وما استفهامية، وقيل إنها نافية أي ليس ينتفي عنهم العذاب مع تلبسهم بهذه الحالة. قوله :) متى زال ذلك ) أي الاستغفار، وكونه فيهم لدفع المنافاة بين الاثنين وقد دفع أيضا بأنّ العذاب السابق عذاب الاستئصال لعلم الله بأنّ فيهم من يسلم، ومن ذرّيتهم من يهتدي والثاني قتل بعضهم، وعن الحسن أنّ هذه نسخت ما قبلها، وقال النسفيّ أن نزول ﴿ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ ﴾ وهو كوو بمكة، ثم خرج من بين أظهرهم فاستغفر من بها من المسلمين فنزل ﴿ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ أسررة الأنفال، الآية : ٣٣ ] أي وفيهم أحد من المسلمين فخرح المستغفرون من مكة فنزل وما لهم ألا يعذبهم الله الخ، وأذن له في فتح مكة وينافيه ما تقدم في أوّل السورة. قوله :( وحالهم ذلك الخ ) إشارة إلى أن الجملة حالية وأورد على قوله وإحصارهم عام الحديبية، إنّ إحصارهم كان بعد قتل النضر ونظرائه فلا ينتظم مع ما سيق له الكلام، وأجيب عنه با! القائل إن كان هذا هو الحق الخ وان كان النضر، ومن تبعه لكن الحكم بالتعذيب بعد مفارقة النبيّ ﷺ يعمّ الكل بسبب صدّ سيكون منهم، ولو صدر من غير النضر واضرابه بعد هلاكهم فتأمل. قوله :( مستحقين ولاية أمره مع شركهم الخ ) فالضمير إن للمسجد الحرام، ولما كانوا متولين له وقت نزولها بين أنه نفى لاستحقاق ذلك فإن كان الضمير دلّه لا يحتاج إلى تأويل، وقوله المتقون من الشرك إشارة إلى شموله لجميع