ج٤ص٢٨٤
كفرة عبدة أصنام فلما بعث-لمجي! إليهم الآيات البينات فكذبوه وعادوه، وتحزبوا عليه ساعين في إراقة دمه غيروا حالهم إلى أسوأ مما كانت فغير الله ما أنعم به عليهم من الإمهال، وعاجلهم بالعذاب، والمصنف رحمه الله اختصر كلامه فورد عليه أن أسوأ لا حاجة إليه فإن صلة الرحم والكف عن تعرض! الآيات والرسل ليست بحال سيئة، وهي التي غيروها إلا أن يقال قوله في صلة الرحم، والكف ليس بياناً للحال بل الحال هي الكفر ولكن لاقترانها بما ذكر لم تكن أسوأ بل سيئة، وقيل إنهم لما كانوا متمكنين من الإيمان، ثم لم يؤمنوا كان ذلك كأنه حاصل لهم فغيروه كما قيل في قوله أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى وهو وجه حسن.
قوله :( وليس السبب عدم تنيير الله ما أنعم الخ ( لما كان منطوق الآية أنّ سبب ما حل
بهم عدم تغيير ما أنعم الله به على قوم حتى يغيروا وانتفاء تغيير الله حتى يغيروا لا يقتضي تحقق
تغييره إذا غيروا، والعدم ليس سببا للوجود هنا وأيضا عدم التغيير صارف عما حل بهم لا مر جب له بحسب الظاهر أشار إلى أنّ السبب ليس منطوق الآية بل مفهومها، وهو تغيير نعمة من غير، وإنما آثر التعبير بذلك لأنّ الأصل عدم التغيير من الله لسبق إنعامه ورحمته لأنّ الأصل فيهم الفطرة، وأما جعله عادة جارية فبيان لما استقرّ عليه الحال من ذلك لا أنّ كونه عادة له دخل في السببية فتدبر. قوله :( وأصل يك الخ ) شبه النون بحروف العلة أنها من الزوائد وحروف العلة تحذف من آخر المجزوم فلذا حذفت هذه، وهو مختص بهذا الفعل لكثرة استعماله. قوله :( تكرير للتثيد ولما نيط به الخ ) أي لم علق بالثاني تعليقا معنو أي ذكر معه، والحاصل أنّ الدأب المشبه والمشبه به هنا فأما الأوّل أو مغاير له فعلى الأوّل يكون تكريراً للتأكيد وليس تكريراً صرفا لما فيه من الزيادة، والتغيير لأنه يدلّ على أنهم كفروا نعمه، وهو مربيهم المنعم عليهم بجميع النعم كما يدل عليه لفظ الرب، ولذا لم يقل كذبوا ولا بآياته وفيه بيان للأخذ بالإهلاك والإغراق وقيل لأنّ الآيات نعم فتكذيبها كفران بها وأيضاً الرب مفيض النعم فتكذيب آياته كفران لنعمه والأوّل أولى فتدبر. قوله :( وقيل الآوّل لتشبيه الكفر والأخذ الخ ) فيتغاير التشبيهان ولا يكون تأكيداً، قال في الفرائد هذا ليس بتكرير لأنّ معنى الأوّل حال هؤلاء كحال آل فرعون في الكفر فأخذهم، وآتاهم العذاب ومعنى الثاني حال هؤلاء كحال آل فرعون في تغييرهم النعم، وتغيير الله حالهم بسبب ذلك التغيير، وهو أنه أغرقهم بدليل ما قبله، وقيل إن النظم يأباه لأنّ وجه التشبيه في الأوّل كفرهم المترتب عليه العقاب فينبغي أن يكون وجهه في الثاني قوله كذبوا الخ لأنه مثله إذ كل منهما جملة مبتدأة بعد تشبيه صالحة لأن تكون وجه الشبه فتحمل عليه، كقوله تعالى :﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ﴾ [ سورة آل عمران، الآية : ٥٩ ] وأما قوله :﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً ﴾ [ سورة الأنفال، الآية : ٥٣ ] الخ فكالتعليل لحلول النكال معترض بين التشبيهين غير مختص بقوم فجعله وجا للتشبيه بعيد عن الفصاحة، وهذا وجه تمريضه فتأمّل. قوله :( وكل من الفرق المكذبة الخ ) يعني المراد كل من كفر وكذب بآيات الله أو المراد به آل فرعون وكفار تريش لأنّ ما قبله في تشبيه دأب كفرة قريش بدأب آل فرعون صريحاً وتعييناً، ويكفي مثله قرينة لذلك فلا يرد ما قيل إنه لا وجه للتخصيص مع أنّ السياق يقتضي شموله للمشبه والمشبه به، أو للمشبه به، وهم آل
فرعون ومن قبلهم فتأمّل، وقوله أنفسهم إشارة إلى تقدير المفعول، ولو عممه لكان له وجه. قوله :( أصروا على الكفر الخ ( فسره به لأنّ مجرّد الكفر لا يخبر عن المتصف به بأنه لا يؤمن. قوله :( ولعله إخبار عن قوم مطبوعين الخ ) تبع الزمخشري أوّلا في تفسير لا يؤمنون بلا يتوقع منهم الإيمان، ثم ذكر وجها آخر، وهو أن معنى لا يؤمنون أنهم مطبوعون على الكفر مصرون عليه، ولا يظهر الفرق بينهما، وقوله والفاء للعطف على الوجهين، ووجه التنبيه المذكور جعله مترتباً ترتب المسبب على سببه ولو جعل من تتمة الثاني لترتب عدم الإيمان على الطبع لا على الإصرار لأنه عينه كان أوجه. قوله :( بدل من الذين كفروا الخ ) جوّزوا في هذا الموصول الرفع على البدلية من الموصول قبله أو على النعت له فيخص الموصول الأوّل وحينئذ يصح أن يكون بدل كل أيضا ما قيل إنه لا وجه له غير صحيح أو عطف البيان والرفع على الابتداء، والخبر والنصب على الذمّ، ومعنى يمالؤوا يعاونوا